معالجة المسنين لا تقتصر على داء القلب

نشر في 09-03-2013 | 00:01
آخر تحديث 09-03-2013 | 00:01
No Image Caption
ارتفع معد متوسط العمر بفضل نمط الغذاء الجيد والرعاية الطبية الممتازة. إلا أن عدداً كبيراً يُصاب بأمراض قلبية وعائية. فتمتلئ عيادات الأطباء والمستشفيات بالمسنين الذين يعانون نوبة قلبية، سكتة دماغية، قصورًا في القلب، خللاً في نبض القلب، أو مشاكل في صمامات القلب. لكن يواجه معظمهم مشكلة طبية أخرى أو أكثر، إلى جانب حالتهم القلبية الوعائية.
بما أن المسنين باتوا يشكّلون اليوم الجزء الأكبر من المرضى، تحوّل طب القلب إلى طب قلب للمسنين. لكن أطباء القلب يفتقرون إلى أدلة يستندون إليها في اتخاذ قراراتهم في شأن المسنين، بما أن معظم الدراسات السريرية يستثني المسنين ومَن يعانون أمراضًا أخرى.

يدرك أطباء القلب الحاجة إلى توسيع المعلومات المتوافرة كي يضمنوا لمرضاهم أفضل رعاية. من هنا تنشأ الحاجة إلى جيل جديد من التجارب السريرية بهدف ضبط المقاربات العلاجية. ولا شك في أن ابتكار نموذج جديد يشمل التقدم في السن، وجود أمراض أخرى، استخدام عدد من الأدوية، العوامل النفسية والاجتماعية، والرغبات الخاصة سيضمن النتيجة الأفضل لكل حالة. ولتحقيق هذا الهدف أسست الكلية الأميركية لطب القلب قسمًا لطب القلب الخاص بالمسنين.

بيانات أفضل

يفترض كثيرون أن أطباء القلب هم الأكثر كفاءة لمعالجة أمراض القلب والأوعية في حالة المسنين. إلا أن الدراسات السريرية لم تجهزهم للاضطلاع بهذا الدور. فالعلاجات المعتمدة في مداواة مرض القلب لا تكون بالفاعلية ذاتها في حالة المسنين لأن التجارب السريرية التي استندت إليها لم تشمل مشاركين يعانون مضاعفات بسبب سنهم. على سبيل المثال، يترافق مرض القلب والكليتين في حالة بعض المسنين، بيد أن مَن يعانون أمراض الكلى يُستثنون عادةً من التجارب السريرية الكبرى التي تُجرى على أدوية وعلاجات للقلب. ولا شك في أن هذا يؤدي إلى شكوك في شأن تأثير العلاج في المسنين الذين يعانون هاتين المشكلتين معًا، فضلاً عن أنه لا يُظهر للطبيب سبل تعديل العلاج لجعله أكثر أمانًا وفاعلية بالنسبة إلى المسنين.

علاوة على ذلك، يجهل الأطباء المخاطر والفوائد عندما يصفون دواء القلب مع أدوية أخرى. تُختَبر عقاقير كثيرة في حالة أشخاص بالغين يتناولون دواء آخر أو لا يأخذون أي أدوية. بيد أن معظم المسنين يأخذ أدوية عدة لمشاكل طبية مختلفة. فلم تُجرَ أي تجارب على تأثيرات الأدوية في حالة مَن يتناولون 10 إلى 15 دواء آخر. لكن هذه حال مسنين كثيرين يعانون مرض القلب.

باستثناء المسنين من الدراسات السريرية، من المستحيل توقع مدى تقبلهم لدواء ما، بما أن مخاطره وتأثيراته الجانبية تزداد مع تقدّم المريض في السن. من هنا، تنشأ شكوك كثيرة حول فائدة استخدام دواء ما مقابل مخاطر عدم استخدامه.

موازنة المخاطر والفوائد

يقتضي تزويد المريض بأفضل رعاية معالجته عندما تفوق الفوائد المخاطر. ولكن في حالة المسنين، قلما يكون هذا القرار واضحًا. على سبيل المثال، يجب أن يأخذ الطبيب، عند اتخاذ القرار بإخضاع مريض مسن لجراحة القلب، في الاعتبار مدى قدرته على تحملها.

صحيح أن معظم التجارب السريرية يقيّم فاعلية العلاج بتحديد قدرته على الحؤول دون حدوث الوفاة، غير أن مسنين كثرًا يولون أهمية أكبر لنوعية حياتهم. وتشمل هذه الحد من العوارض والحفاظ على قدراتهم العقلية والجسدية وعدم الحاجة إلى مساعدة آخرين. كذلك تشكّل الكلفة مسألة مهمة بالنسبة إلى البعض. لذلك يحتاج طبيب القلب في هذه الحالة إلى إعادة توجيه الأفكار بعيدًا عن «العلاج» بحد ذاته ونحو «نوعية الحياة الفضلى».

تتطلب معالجة المسنين طرقًا مبتكرة لتقييم المخاطر والفوائد. ولا يعني ذلك الحد من العلاج، بل قدرة أفضل على تحديد ما إذا كان الشخص سيستفيد منه وتوضيح العلاجات المكملة الأخرى (مثل العلاج الفيزيائي) التي قد تحدّ من المخاطر المرتبط بالتقدم في السن. وقد يتمكن الأطباء في بعض الحالات من معالجة مواضع الضعف المرتبطة بالسن باستخدام التكنولوجيا الحديثة. وتُعتبر جراحة ترميم الصمام الأبهري بواسطة القثطرة خير مثال لذلك.

في حالات أخرى، تكون العلاجات التي لا تتطلب تقنيات عالية أكثر فاعلية، وقد تشكّل بديلاً لجراحات كبرى. من الأمثلة إعادة التأهيل القلبية، برنامج تمارين يخضع لإشراف متخصص في هذا المجال. يعود البرنامج بفوائد جمة على المسنين، خصوصًا الضعفاء منهم والعاجزين عن القيام بنشاطات كبيرة.

التطلع إلى المستقبل

يسعى أطباء القلب إلى تزويد المسنين بأفضل عناية. ويتوقون إلى الحصول على أدلة تدعم صحة قراراتهم. ويعكس تأسيس قسم طب القلب للمسنين في الكلية الأميركية لطب القلب هذه الأولية بين أطباء القلب. كذلك يسلط الضوء على الجهود المبذولة لتحقيق هذه الأهداف المهمة.

* بروفسور مساعد في كلية الطب في جامعة هارفارد ورئيس مجلس العناية القلبية الوعائية للمسنين وقسم طب القلب للمسنين في الكلية الأميركية لطب القلب.

back to top