«الإدارية» في سابقة قضائية: القضاء يراقب قرار إسقاط الجنسية الكويتية عن المواطنين

نشر في 29-03-2013 | 00:01
آخر تحديث 29-03-2013 | 00:01
No Image Caption
في سابقة قضائية بارزة على صعيد قضايا الجنسية سمحت المحكمة الادارية امس الأول برئاسة المستشار جاسم الراشد بقبول الدعاوى القضائية المقامة على القرارات الصادرة من مجلس الوزراء بسحب الجنسية الكويتية، الأولى وبالتأسيس ممن صدرت بحقهم قرارات بإسقاط جنسياتهم.
قضت المحكمة "الادارية" التي أصدرت حكما يعد الأول من نوعه بتاريخ القضاء بإلغاء قرار مجلس الوزراء بسحب الجنسية الكويتية الأولى عن مواطن وأعادتها اليه وإلغاء كل ما ترتب على ذلك السحب، وذلك لأن الاسباب الداعية لسحب الجنسية الكويتية عنه غير صحيحة.

وقالت المحكمة في حكمها الذي تنفرد "الجريدة" بنشره: ليس صحيحا ان الجهة الادارية تتمتع بسلطة مطلقة فيما تترخص فيه بلا معقب عليها إذ لا تتمتع اي جهة ادارية بسلطة مطلقة لكنها يمكن ان تتمتع بسلطة تقديرية واسعة وأنها مهما اتسعت هذه السلطة فإنها تخضع دوما للرقابة القضائية، ولا يمكن ان تنعدم وليس في ذلك افتئات على مبدأ فصل السلطات بل هو اعمال لصحيح هذا المبدأ ولصريح نص المادة 166 من الدستور الذي عهد للقضاء الاداري بممارسة هذا الاختصاص شاملا ولاية الالغاء وولاية التعويض بالنسبة إلى القرارات المخالفة للقانون.

وقائع القضية

وترجع وقائع القضية الى الدعوى التي اقامها مواطن من انه كويتي الجنسية بالتأسيس باعتباره مولودا لاب كويتي وام اجنبية واستخرجت له شهادة ميلاد وجواز سفر بناء على اضافته في ملف جنسية والده طبقا لنص المادة الثانية من قانون الجنسية وبناء على اوراق وشهادات رسمية صحيحة، وثبت نسبه لوالده بناء على عقد زواج صحيح بينه وبين والدته واقرار والده بنسبه امام الجهات الرسمية بمكتب التحقيقات بإدارة الجنسية، وقد تأيد ثبوت نسبه بحصر الوراثة باعتباره من بين المستحقين في إرث والده ولم ينازعه احد أمام المحكمة حول الإرث ولم يصدر حكم على خلافه، الا أن اشقاءه من والده أقاموا دعوى قضائية بعدم صحة نسبه لوالده ونفي نسبه والغاء جميع الآثار المترتبة على ذلك.

 وقد رفضت محكمة اول درجة دعواهم بنفي النسب على سند اقرار والده امام الجهات الرسمية بنفسه وفي المقابل طعن اشقاؤه على الحكم امام محكمة الاستئناف التي بدورها قضت بإلغاء الحكم الصادر وبنفي نسبه لوالده والغاء كل الآثار المترتبة على ذلك النسب وهو الامر الذي دعاه الى الطعن على الحكم امام محكمة التمييز والتي انتهت الى الغاء حكم الاستئناف وتأييد حكم اول درجة برفض دعوى الاشقاء ما يعني سلامة نسبه لوالده، الا ان المواطن وبعد صدور حكم لصالحه من محكمة التمييز برفض دعوى نفي نسبه لوالده فوجئ بصدور قرار من مجلس الوزراء بسحب جنسيته دون سند قانوني، الامر الذي دعاه إلى رفع الدعوى.

 وقالت المحكمة في حيثيات حكمها أن المستفاد من مطالعة احكام قانون الجنسية الكويتي يتبين ان المشرع وبموجب نص المادة "2" من المرسوم رقم 15/1959 بشأن قانون الجنسية الكويتية سالفة الذكر قد أرسى قاعدة عامة مؤداها ان كل من ولد في الكويت او في الخارج لاب كويتي يكون كويتيا وكشف المشرع بذلك عن مراده في استحقاق الجنسية الكويتية الاصلية لكل من ولد لاب كويتي لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الادارية او اي اجراء آخر متى ثبت على وجه قاطع دون منازعة تسلسل المولود عن اب كويتي وثبوت نسبه منه بينما الامر يختلف عن الاحوال الاخرى لاكتساب الجنسية التي لا تتم الا بطريق المنح بقرار من الجهة الادارية المختصة وفقا للضوابط والاجراءات المبينة في قانون الجنسية وهو ما يتسم بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من ينضم الى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره، وقد أوضح المشرع في المادة 21 من قانون الجنسية الكويتي طريقة اثبات تلك الجنسية.

ميزان القانون

وقالت المحكمة في حكمها: لما كانت الجهة الادارية الممثلة بمجلس الوزراء ووزارة الداخلية قد افصحت عن السبب الذي عولت عليه لاصدار قرارها المطعون عليه بأن المدعي قد حصل على جنسيته الكويتية بطريق الغش والاقوال الكاذبة الأمر الذي يخضع معه القرار الاداري المختصم لرقابة القضاء الاداري ليزنه بميزان القانون في ضوء صحيح واقعة وحقيقة ما بنيت عليه أركانه ومدى استقامته على أسس مستمدة من عناصر ثابتة في الاوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهى اليها، وحيث ان المقرر في قضاء هذه المحكمة ان القرار الاداري يجب ان يقوم على سبب صحيح يبرره صدقا وحقا اي في الواقع وفي القانون وهو الحالة الواقعية والقانونية التي تحمل جهة الادارة على التدخل منفردة بسلطتها الادارية الآمرة بقصد احداث أثر قانوني هو محل القرار ابتغاء تحقيق المصلحة العامة الذي هو غاية القرار وعلى ذلك فإن صحة القرار الاداري تتحدد بالاسباب التي قام عليها ومدى سلامتها على الاصول الثابتة بالاوراق ومدى مطابقتها للنتيجة التي انتهى اليها.

 فضلا عن انه وإن كان الاصل ان الجهة ليست ملزمة بتسبيب قرارها او افراغه في شكل معين طالما لم يلزمها القانون في ذلك الا انه ينبغي التفرقة بين تسبيب قرارها فإن هذا الامر إنما يتعلق بشكل القرار الا ان عدم استلزام هذا الامر لا يعفي جهة الادارة من وجوب ان يكون قرارها قائما على سبب يبرره او لا يوجد قرار اداري بغير سبب باعتبار ان السبب هو ركن من اركان القرار الاداري لا تقوم له قائمة بدونه، فاذا قام القرار على غير سبب يبرره فقد القرار احد اركانه الجوهرية.

واضافت المحكمة انه ليس صحيحا ان الجهة الادارية تتمتع بسلطة مطلقة فيما تترخص فيه بلا معقب عليها اذ لا تتمتع اي جهة ادارية بسلطة مطلقة لكنها يمكن ان تتمتع بسلطة تقديرية واسعة وانه مهما اتسعت هذه السلطة فإنها تخضع دوما للرقابة القضائية ولا يمكن ان تنعدم وليس في ذلك افتئات على مبدأ فصل السلطات، بل هو اعمال لصحيح هذا المبدأ ولصريح نص المادة 196 من الدستور الذي عهد للقضاء الاداري بممارسة هذا الاختصاص شاملا ولاية الإلغاء وولاية التعويض بالنسبة الى القرارات الادارية المخالفة للقانون، كما انه من المقرر ايضا انه وان كان لمحكمة الموضوع فهم القرار على حقيقته واستظهار مدى قيامه على سبب يبرره واقعا وقانونا ومدى اكتمال شرائط صحته بغير معقب عليها الا ان شرط ذلك ان تقيم قضاءها على اسباب سائغة.

وأضافت المحكمة، ان رقابة القضاء الإداري وهو بصدد اعمال ولايته في دعاوى الالغاء ومراقبة مدى مشروعية القرارات الادارية المطعون فيها انما يستظهر مدى انضباطها داخل اطر المشروعية الحاكمة، ويبسط رقابته عليها ويقسطها بميزان القانون التي تتمثل فيها المصلحة العامة ويتحقق بها استقرار النظام العام ومن هذه الوجهة تتحدد الطبيعة العينية للخصومة التي تنطوي عليها دعوى الإلغاء اذ يتجلى القرار الاداري موضوع الخصومة اصلا وجوهرا ومحلا للمنازعة فتدور في فلكه يحركها داعي الشريعة وتظلها موجبات المشروعية التي يتعين استواء اعمال الادارة كافة على مرفأها وذلك خلاف لحال غير دعوى الالغاء التي يحركها اطرافها وبالتالي فمتى استظهر القضاء الاداري جادة القرار واستقامته صحيحا انحاز اليه وثبته على اصل صحته وان تبين اختلال احد اركانه او مجاوزته مقتضيات المشروعية الغاه وازال اثاره.

ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ان المشرع وقد حصر طرق الطعن في الاحكام ووضع لها آجالا محددة واجراءات معينة فإنه يمتنع بحث اسباب العوار التي قد تلحق بها الا عن طريق الطعن فيها بطرق الطعن المناسبة فاذا كان قد استغلق فلا سبيل لاهدارها بدعوى بطلان اصلية او الدفع به وذلك تقديرا لحجية الاحكام باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها، وهي حجية تسمو على قواعد النظام العام ولا استثناء من هذا الاصل الا اذا تجرد الحكم من احد اركانه الاساسية بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يصيب كيانه ويفقده كحكم اما مجرد الحكم لنص في القانون او ما استقرت عليه محكمة التمييز فإن ذلك لا يمس مقومات الحكم الاساسية فلا يترتب عليه انعدامه.

 واضحى الحكمان في الدعويين رقم (...) احوال نهائيين وباتين ومن ثم يكونا قد صدرا مستكملين اركانهما الاساسية بما لا محل معه لتعيبهما بشائبة الانعدام، ولا فكاك من تقيد الطاعنة بما انتهى اليه من قضاء بثبوت نسب المطعون ضده لابيه الكويتي الجنسية بعد ان اكتسب هذا القضاء حجية قبلها.

قاعدة عامة

وبينت المحكمة انه لما كان ذلك وكانت محكمة التمييز قد انتهت الى ان قانون الجنسية الكويتية الصادر بالمرسوم الاميري رقم 15/1959 قد اورد في المادة الثانية منه قاعدة عامة مفادها ان يكون كويتيا كل من ولد في الكويت او في الخارج لاب كويتي، وقد كشف المشرع بذلك عن مراده في استحقاق الجنسية الكويتية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية لصيقة بالميلاد وقرينة قاطعة دون حاجة الى اجراء اخر متى ثبت على وجه قاطع نسبة المولود الى اب كويتي ويترتب على ذلك احقيته في منحه جواز سفر ولا يعد ذلك خوضا في سلطة الطاعنة في مسائل الجنسية وانما هو لا يعدو ان يكون اعمالا لصريح حكم القانون (...)، واذ كان كل من الحكمين المطعون فيهما قد استند في قضائه الى ان البين من المستندات ثبوت تمتع المطعون ضده بالجنسية الكويتية وادرج بملف والده الكويتي الجنسية رقم (...) اعمالا لحجية الحكم النهائي في الدعوى رقم (... ) احوال بجلسة (... ) واستخرجت له بطاقة مدنية على هذا الاساس، وبثبوت نسب المطعون ضده لوالده وذلك بموجب الحكم في الالتماس في الدعويين رقمي (...) احوال وصيرورة هذا الحكم نهائيا وباتا وبالتالي اكتسابه حجية الامر المقضي بحق الجهة الطاعنة فيستصحب معه المطعون ضده حالته المدنية الثابتة اصلا بإضافته الى ملف جنسية والده ولا يعد هذا فصلا من الحكم في مسألة الجنسية وانما هو اعمال لحجية الامر المقضي التي تتقيد بها الطاعنة ولا يقبل منها اللجاج بسلطتها التقديرية في مدى ثبوت الجنسية والقول باعتبارات النظام العام بحسبان ان الحجية تعلو على هذه الاعتبارات وهو من الحكم استخلاص سائغ له معينه الصحيح بالاوراق ولا مخالفة فيه للقانون ومن ثم يضحى النص بهذين الوجهين على غير اساس.

back to top