تقرير ديوان المحاسبة

نشر في 08-11-2013
آخر تحديث 08-11-2013 | 00:01
 بدر سلطان العيسى كنت تحت انطباع أن بلدية الكويت لها الريادة وقصب السبق في الفساد الإداري والمالي، وفي انتشار الرشوة والتلاعب بأموال الدولة والعباد، حتى قرأت تقرير ديوان المحاسبة، فإذا بي أجد أن هناك دوائر ووزارات أكثر فساداً وتلاعباً وسرقة لأموال الدولة من بلدية الكويت، الأمر الذي أصابني بالإحباط وشلّ تفكيري.

 فقد كنت أعتقد، وتحت انطباع قد يكون خاطئا، أن الفساد والرشا لا يمكن أن يصلا إلى بعض المؤسسات التي لها صفة إنسانية أو دينية، وأن من يعمل فيها من الموظفين لا بد أن يكونوا محصّنين أخلاقيا وتربوياً، بحيث لا تمتد أيديهم إلى سرقة أموال الوطن والمواطن وتحت انطباع أنهم ذوو أخلاق وحسنو تربية؛ مما يمنعهم من أخذ ما ليس لهم فيه أي حق.

قد أجد بعض العذر لأي موظف في الموانئ بسرقة أموال الدولة والشعب، وهو يرى أن الأمور تسير في الموانئ دون رقابة أو دون مساءلة، وقد أفهم أن يكون أي مسؤول في الموانئ أو في أي دائرة أو وزارة أخرى يكتفي بالظهور في الصحف، ويرسم الابتسامة البريئة على وجهه وشفتيه وهو في كامل هيئته بالبشت والعقال، وقد يعتقد أن هذا مبرر كاف للسرقة والتلاعب بأموال دائرته أو وزارته.

 أقول يمكن أن أغمض نصف عيني عن هذا لو كنت أنا المسؤول، أما أن تتم السرقة والتلاعب وأخذ الرشوة في دائرة مثل شؤون القصّر وهيئة القرآن التي لها بعض القداسة الدينية، والتي كان عليها أن تختار من موظفيها من هو على استعداد لقطع يده لو امتدت إلى مال ليس من حقه أخذه أو التهاون في ما ليس له.

 الطامة الكبرى بجانب التلاعب وسرقة أموال شؤون القصّر وهيئة القرآن هي السرقة والتلاعب بأموال الجامعة التي يجب أن يكون كل من يعمل فيها من الرجال أو النساء من حملة الشهادات من ذوي أخلاق ومستوى من التعليم؛ مما يمنعهم من النزول إلى هذا المستوى من التردي وهبوط الفهم في رسالة التعليم والمعلم.

والآن وبعد قراءة تقرير ديوان المحاسبة أجد أنني أخطأت في كيل الاتهامات والسرقات والرشا في كتابات سابقة لبلدية الكويت، وأنني لو كنت مسؤولاً لأقفلت نصف عيني عن كل هذه السرقات وكل هذه الرشا والكتابة بوصف الفساد في بلدية الكويت من الثقل والانتشار والتأصل بحيث تعجز الجمال عن حمله.

ولكنت فتحت عيني على آخرها لما يجري من فساد ورشا وسرقة لأموال الدولة في الأماكن الأخرى قد يحتاج الفساد والرشا في بلدية الكويت لحملها إلى بعير أو بعيرين، بينما الفساد في الجامعة وشؤون القصّر وهيئة القرآن فإنه يحتاج إلى خمسمئة بعير لحمل تلك الرشا، وقد يعجز هذا العدد من "البعارين" عن حمل الفساد المستشري، كما اتضح في تقرير ديوان المحاسبة، ولا مانع إن لم تجد الدولة من "البعارين" ما يكفي لحمل الفساد في دوائرها ووزاراتها أن تستعين بما تجده من الحمير بشرط أن يكون الحمار غير كويتي.

back to top