وكالات التصنيف العالمية عن الكويت في 2013: تصنيف قوي وتفاؤل بنمو الاقتصاد وحذر من استمرار الاستهلاك

نشر في 26-12-2013 | 00:05
آخر تحديث 26-12-2013 | 00:05
وفقاً لتقارير «موديز» و«فيتش» و«ستاندرد آند بورز»
نشرت وكالات التصنيف العالمية العديد من الدراسات عن الكويت، خلال عام 2013، ويعد التقييم السيادي الذي تجريه الوكالات أحد أبرز هذه الدراسات، كونه يشمل قراءة للحاضر وتكهنات بالمستقبل.

ويستعرض هذا التقييم الجانبين الاقتصادي والسياسي على حد سواء، ويعد مرجعا للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال في الخارج، وفي ما يلي أبرز ما جاء في التصنيف السيادي للكويت، الذي أجرته ثلاث من كبرى مؤسسات التصنيف الائتماني، هي موديز وستاندرد آند بورز وفيتش.

وفي ظل الثروة النفطية المرتفعة، اتفقت المؤسسات الثلاث على إعطاء الكويت تصنيفا مرتفعا ونظرة مستقبلية مستقرة، حيث تساوت التصنيفات –طويلة المدى- بين تلك المؤسسات عند AA، وهو ثالث أعلى مستوى تصنيف عند الوكالات.

أسعار النفط والفوائض المالية

وتتحدث التقارير عن توقعاتها باستمرار سعر برميل النفط عند 100 دولار للبرميل، وسط ارتياحها من سعر النفط الكويتي التعادلي، الذي اتفقت كل من فيتش وموديز على تقييمه بسعر 54 دولارا للعام الحالي، بينما تباينت الآراء تجاه حجم الفوائض واتفقت على استمراره.

وتقول «موديز»: «سعر برميل النفط التعادلي اللازم لموازنة الميزانية العامة للدولة هو الأدنى بين دول مجلس التعاون –بعد قطر- رغم ارتفاع السعر التعادلي إلى 54 دولارا للبرميل من نحو 28 دولارا لعام 2009»، متوقعة استمرار الاحتياطات النفطية للكويت –بافتراض استمرار معدل الانتاج الحالي- إلى 92 عاما، بينما تشير إلى نصيب الفرد من الثروة النفطية بنحو 35 ألف برميل.

وعن الفوائض زادت: «لم تحقق الموازنة العامة للكويت عجزا ماليا منذ عام 1995، وسجلت فائضا بنحو 26.5% من الناتج المحلي الاجمالي على مدى العقد الماضي»، مشيرة إلى صندوق الثروة السيادي الكويتي الضخم بعبارة «الوسادة المالية الوافرة، لمواجهة دورات أسعار النفط».

وذكرت «SandP»: «أسعار النفط ستظل مرتفعة على المدى المتوسط عند حوالي 100 دولار للبرميل، وإنتاج النفط سيرتفع إلى حوالي 3.5 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2015، من 3.1 ملايين في عام 2012».

وعن الفوائض أضافت: «يتوقع أن يظل فائض ميزانية الحكومة العامة عاليا، أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الأربع القادمة»، متابعة: «رفعت الكويت مساهماتها السنوية في صندوق الأجيال القادمة من إجمالي الإيرادات في العام المالي 2012-2013 من 10% إلى 25%».

من جهة أخرى، تحدثت «فيتش» عن توقعاتها باستمرار الفوائض المالية والانخفاض التدريجي في فوائض الميزانية العامة والحساب الجاري لتصل إلى نحو 23% و33% من الناتج الاجمالي في السنة المالية 2015-2016، مقارنة بنحو 34% و44% في السنة المالية 2012-2013.

وبينت ان هذه التوقعات تعكس انخفاض أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل بحلول عام 2015 من نحو 105 دولارات عام 2013، إلى جانب استمرار النمو السريع في الإنفاق العام والواردات، رغم النمو السريع في كل من الانفاق الجاري -بنحو 24% في المتوسط خلال السنوات الخمس الأخيرة- وسعر النفط الكويتي التعادلي عند نحو 54 دولارا للبرميل عام 2013 الذي يشكل نحو نصف السعر الفعلي للنفط.

الناتج المحلي الإجمالي

وترى تقارير الوكالات الثلاث ان الأصول السيادية الكويتية بالخارج متينة جدا، متوقعة ارتفاعا في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي خلال العام الحالي، مشيرة إلى انخفاض نسبة الدين الحكومي مقارنة بأقرانها.

وتماشيا مع توقعات «SandP» باستقرار صادرات النفط نسبيا، توقعت ايضا حدوث ضعف نمو إيرادات الحساب الجاري على مدى أفق التوقعات، ليبلغ المتوسط 3% بين عامي 2013 و2016، مقابل 6% خلال السنوات الأربع السابقة.

وبتعليقها على الأصول الخارجية أضافت: «تماشيا مع سياسة الحكومة الكويتية لاستثمار جزء كبير من فائضها في الخارج، فقد حدث تراكم كبير للأصول الخارجية، ومن المرجح أن تسجل الكويت صافي أصول خارجية بنحو 400% من إيرادات الحساب الجاري في عام 2013».

وعن ارتفاع مستويات الثروة بالكويت اردفت «SandP»: «الأداء الضعيف للنمو الاقتصادي ليس مصدر قلق فوريا بالنسبة للتقييم، ومع ذلك على المدى المتوسط يمكن أن تواجه الكويت تدهورا في ما يتعلق بموقفها من المخاطر الاقتصادية بالنسبة إلى الاقتصادات صاحبة النمو الأسرع».

وترى ان الجدارة الائتمانية للكويت عرضة لأي انخفاض مؤثر في أسعار النفط مستقبلا، لأن قطاع النفط شكل حوالي 63% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في عام 2012، و93% من صادرات عام 2012 وحوالي 80% من الإيرادات الحكومية العامة، بما في ذلك الدخل من الاستثمار من هيئة العامة للاستثمار.

بينما توقعت «موديز» نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المتوسط بنحو 2.5% في العامين الحالي والمقبل، مدفوعا بالنمو في القطاعات غير النفطية، على أن يرتفع النمو في الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي إلى نحو 3.5% على أساس التوسع في السياسة المالية ونمو الائتمان.

وقالت إن القطاع النفطي يشكل نحو 63% من الناتج المحلي و86% من اجمالي الصادرات من السلع والخدمات، غير ان اعتماد الكويت الكبير على الصادرات النفطية المتقلبة يسبب تقلبات واسعة في الأداء الاقتصادي.

وحول تقديرات صندوق النقد الدولي للموجودات الأجنبية، التي بلغت 40% من الناتج المحلي الاجمالي للكويت، لفتت إلى أن الهيئة العامة للاستثمار تدير أصولا بقيمة 400 مليار دولار في نهاية السنة 2012-2013، أي ما يعادل تقريبا 220% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشارت الى ان الاصول المالية للحكومة تتجاوز بكثير الناتج المحلي الاجمالي للدولة، كما ان اجمالي الدين الحكومي العام منخفض جدا حاليا، وفي تناقص منذ عام 1994.

من جانبها، توقعت «فيتش» نمو الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي في الكويت بنحو 3% عام 2013، مقارنة بنحو 2.2% عام 2012، مدفوعا بزيادة الانفاق العام، مشيرة إلى أن النمو السريع في أجور ومرتبات الموظفين في القطاع العام التي زادت بنحو 25% منتصف عام 2012 دعمت الاستهلاك المحلي.

كما توقعت نمو القطاعات غير النفطية بنحو 5.3% عام 2015، مع استمرار النمو السريع في الأجور والمرتبات في القطاع العام والانفاق الرأسمالي العام المرتفع الذي تدعمه بيئة سياسية مناسبة بشكل أكبر، اضافة الى توقعات بزيادة انتاج الكويت من النفط بشكل تدريجي قدرها 1%العام المقبل و1.4% خلال عام 2015 مقابل تراجعها بنحو 2.6% عام 2013.

وقدرت الاصول السيادية الخارجية الصافية للكويت بنحو 232% من الناتج المحلي الاجمالي عام 2013، في وقت يبلغ الدين الحكومي للكويت نحو 4.9% من الناتج المحلي الاجمالي، وهو أقل من معدلاتها في الدول كافة ذات التصنيف AA.

وتابعت ان القطاع النفطي يساهم بنحو 40% من الناتج المحلي الاجمالي، ونحو 80% من الايرادات العامة للدولة، ونحو 80% من متحصلات الحساب الجاري، مضيفة ان «جهود الحكومة في تطوير القطاعات غير النفطية تعطلت بسبب عدم وجود توافق سياسي بشأن الاصلاحات والقيود المفروضة على تنفيذ المشاريع الرأسمالية».

الوضع السياسي والمخاوف

استغرق هذا الموضوع، الذي شغل بال الكويتيين قاطبة، وقتا كبيرا من وكالات التصنيف، لأنه من أهم العوامل التي تراعى عند وضع التصنيف السيادي للدولة، فقد أشارت التقارير إلى الوضعين المحلي والإقليمي بتفاؤل بشكل حذر مع الوضع المحلي، بينما تضع في حسبانها الاستقرار الإقليمي.

وعلى الوضع السياسي المحلي، ترى «موديز» ان المحاولات الحكومية لدفع عجلة التنمية في القطاعات غير النفطية تأجلت مرارا، وتقلصت بسبب معوقات داخلية، قائلة: «العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية غالبا ما تعوق صياغة وتنفيذ السياسات، اضافة الى ان المؤسسات السياسية والادارية والقانونية بالكويت مازالت تتطور».

وذكرت ان هناك عدة عوامل قد تدفع باتجاه رفع التصنيف الحالي للكويت، تتمثل بانحسار التوتر السياسي اقليميا، والتحسن المستمر في المؤسسات السياسية والادارية والقانونية بالدولة، والشفافية في الميزانية العمومية للحكومة.

وأشارت الى عوامل قد تضغط نحو تخفيض التصنيف الحالي، تتمثل بتراجع البيئة السياسية الاقليمية بشكل كبير، وتعرّض أسعار النفط للانخفاض لفترة طويلة، ما ينجم عنه تدهور مستمر في الحسابات الجارية المالية والخارجية للكويت، ويؤدي الى استنفاد صافي الموجودات الأجنبية.

وفصلت «SandP» في الوضع السياسي المحلي قائلة: «شهدت الكويت توترات سياسية في عام 2012، منها تعليق وحل مجلس الأمة، وإجراء انتخابات برلمانية مرتين، واحتجاجات في الشوارع بمشاركة عشرات الآلاف من الكويتيين تدعو إلى تمثيل أفضل داخل النظام السياسي، وأجرت الانتخابات البرلمانية للمرة الثالثة في 18 شهرا في يوليو 2013».

وتوقعت ان تستمر أسرة الصباح الحاكمة في السلطة، ومع ذلك علقت بأن استمرار التوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من المرجح أن يعرقل تنفيذ السياسات.

وقالت إنها أخذت في الحسبان الإطار السياسي والمؤسسي غير المتطور في الكويت عند منح مستوى التصنيف الحالي، مضيفة: «النظرة المستقبلية المستقرة لتصنيف الكويت توازن بين المراكز المالية والخارجية القوية جدا، مقابل عدم اليقين في ما يتعلق بالنظام السياسي، والاقتصاد غير المتنوع، ونقص الشفافية إزاء الاستثمارات الحكومية».

واستدركت ان التوافق السياسي يساعد في تسريع وتيرة الاستثمار الخاص محلياً وخارجياً، الأمر الذي يدعم الشفافية وينوع الاقتصاد على المدى البعيد، وينعكس ذلك إيجابا على التصنيفات في نهاية الأمر، لافتا إلى أن تصنيفات الكويت قد تتراجع حال تدهور الاستقرار السياسي بشكل كبير، أو تجسدت المخاطر الجيوسياسية، أو تراجع حجم الثروة الاقتصادية عن الدول المماثلة في التصنيف، أو تعرض الأصول الحكومية الخارجية لتآكل ملحوظ ومستدام».

أما «فيتش» فتراهن على «تحسن حالة الاستقرار السياسي محليا، حيث ستكون السياسة الداخلية أكثر استقرارا مما كانت عليه عام 2014، مقارنة بعامي 2012 و2013 بعد انتخابات برلمانية جديدة في يوليو الماضي»، متوقعة تحسنا اكثر في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لدعم التقدم المحرز في تنفيذ المشروعات الرأسمالية.

وأشارت إلى ان خطة التنمية الرامية إلى تطوير البنية التحتية في الكويت بدأت تلحظ إشارات مشجعة، لاسيما أنها تأخرت الى حد كبير مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، «ومن هذه الاشارات بدء بناء جسر الصبية بكلفة 2.6 مليار دولار الذي طرح للمرة الاولى عام 2006».

وترى ان النظرة المستقبلية المستقرة لتصنيف الكويت تعكس التقييم الحالي المتوازن بشكل جيد لمخاطر ارتفاع أو انخفاض التصنيف، «وستواصل الكويت وفقا لتوقعات أسعار النفط مراكمة الأصول السيادية الخارجية، وسيتيح ذلك مزيدا من تعزيز قدرتها على التعامل مع الصدمات الاقتصادية».

وزادت ان هناك نقاطا ايجابية وأخرى سلبية تعتبر من أبرز العوامل التي قد تؤثر بشكل فردي أو جماعي على التصنيف، والنقاط الايجابية كانخفاض الاعتماد على النفط وتعزيز معايير الحوكمة وبيئة الاعمال، واطار عمل السياسة الاقتصادية، في حين تقتصر النقاط السلبية على انخفاض حاد في أسعار النفط، والمخاطر السياسية الاقليمية، كما افترضت «عدم ترجيح وقوع صدمة سلبية شديدة ومستمرة لأسعار النفط».

أسباب التصنيف المرتفع

أرجعت الوكالات سبب هذا التصنيف المرتفع للكويت إلى وجود الثروة النفطية الضخمة، والفوائض المالية المتنامية المسجلة في العقد الأخير، إلى جانب الحسابات الخارجية الضخمة للدولة.

وعن محركات التصنيف الرئيسية قالت وكالة فيتش إن «تصنيف الكويت جاء عند المرتبة AA، مدعوما بموازنة عامة سيادية قوية استثنائية، ناجمة عن الفوائض المالية في الموازنة العامة والحساب الجاري، وبلغت الفوائض المالية على مدى العقد الماضي في كل منهما نحو 29% و37% من الناتج المحلي الإجمالي».

وتشير وكالة موديز، التي أعطت الكويت تصنيف «Aa 2» إلى أسبابها بالقول: «يتميز الاقتصاد الكويتي بتركيزه الكبير في القطاع النفطي، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، والانفاق الرأسمالي المكبوت».

وترجع وكالة ستاندرد آند بورز (SandP) تصنيفها AA إلى «المستويات المرتفعة من الثروة السيادية والمراكز القوية جدا في الميزانية والحساب الخارجي، والتي تراكمت نتيجة الثروات الطبيعية التي تزخر بها الكويت، وتسجل الميزانية العامة للحكومة الكويتية فائضا بأكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي منذ أكثر من عقد من الزمان، وتشير التقديرات إلى أن الحكومة سيكون لها فائض بنحو 30% خلال العام المالي الجاري 2013-2014».

back to top