علياء المهدي... من رمز مؤثّر إلى المنفى

نشر في 26-12-2013 | 00:02
آخر تحديث 26-12-2013 | 00:02
No Image Caption
ثمن الجُرأة المصوَّرة في مصر

أصبحت المصرية علياء المهدي رمزاً للربيع العربي بعدما عرضت صورة عارية لها على الإنترنت، ثم هربت إلى السويد إثر تلقّيها تهديدات بالقتل من متطرفين إسلاميين. لكن ماذا حقق تحرّكها ومن استفاد منه؟ «شبيغل» تابعت القضية.
عند نشر هذه القصة، ستكون علياء المهدي محت آثار حياتها السابقة وانتقلت للعيش في مكان مجهول. ستتابع الهرب وستخاف دوماً من اليوم الذي تعقّبها فيه أحد الرجال من بلدها الأم مصر ووقف أمامها وحاول إرجاعها.

طوال السنتين الأخيرتين، كانت المصرية علياء ماجدة المهدي (22 عاماً) امرأة مُطارَدة بعدما استعملت كاميرتها الرقمية لالتقاط صورة لها قبل أن تعرضها لاحقاً على الإنترنت. لم تكن ترتدي في الصورة سوى جوارب حريرية وحذاء.

جعلت تلك الصورة المهدي رمزاً للربيع العربي. شاهد ملايين من الناس الصورة في الأيام الأولى لعرضها. في تلك الفترة، لم يتضح ما إذا كان المشاهدون يهتمون بالرسالة التي أرادت توجيهها أو يريدون حصراً رؤية جسدها العاري. بغض النظر عن ذلك، أصبحت المهدي نجمة لبضعة أسابيع. فأجرت مقابلة مع قناة {سي إن إن} ثم تلقّت تهديدات بالقتل، ما أجبرها على الهرب من بلدها والاختباء.

يعتبر البعض أن المهدي سخرت من الشريعة الإسلامية وأنها عاهرة وعار على مصر. وجّه إليها المسلمون من أنحاء العالم تهديدات بالقتل، وطالب مسلم متطرف بنزع الجنسية المصرية عنها، فيما اعتبرتها فئة ثالثة بطلة.

تطرح قصتها أسئلة عدة. هل كانت الصورة عبارة عن تحرّك احتجاجي أم علاج نفسي؟ هل هي بطلة أم ساذجة؟ التزمت المهدي الصمت فترة طويلة، واليوم تقدم جواباً يمكن أن يكون محورياً للرد على أسئلة كثيرة، وهو: من هي علياء المهدي؟

في الفترة الأخيرة، كانت تقيم في بلدة سويدية يمكن بلوغها خلال ساعة بالسيارة وتستلزم المرور بغابة صنوبر. نادراً ما يشهد هذا المكان وصول غرباء. كان يصعب التواصل مع المهدي. كتب كثيرون لها رسائل إلكترونية أو دوّنوا رسائل على موقع {فيسبوك}، إلا أن المهدي تتجاهل رسائل الغرباء لأنها تنتقدها في معظمها.

ضرب واحتجاز

اختارت المهدي مقابلتنا في أحد المقاهي. جلست وهي تدير ظهرها إلى النافذة وطلبت كوباً من عصير الفراولة. لا تحب أن تنظر في عيون الناس.

تقول إنها نشأت في مصر الجديدة، وتُعتبر هذه المنطقة إحدى أرقى أحياء القاهرة. عندما تفكر بالأمر اليوم، تشتاق إلى رائحة الشمس في الشوارع، القطط التي تتسلق حاويات النفايات، طبق الكشري المصري الذي كانت والدتها تحضّره لها ويتكوّن من معكرونة ورز وعدس. لم يكن والداها متديّنَين بشدة ولا يواظبان على الذهاب إلى المسجد. والدها ووالدتها أبناء العم، تعمل والدتها محاسِبة فيما والدها ضابط في الجيش المصري.

تضيف أن والدها كان يضربها منذ طفولتها، لأنها تعارضه أو لا ترتدي الحجاب أو من دون سبب أحياناً، فيما والدتها تقف متفرّجة وتقول له: «اضربها لكن لا تؤذها». في إحدى المرات، عندما عادت المهدي من المدرسة إلى المنزل، أخبرها والدها بأنها مثيرة للاشمئزاز لأنها نحيلة جداً، وفي إحدى المناسبات سحق نظاراتها بقبضته، هذه نسختها من القصة، لكنّ والدَيها لا يتكلمان مع الصحافة.

قصدت المهدي مدرسة خاصة، وعند عودتها من الحصص، كان والداها يحتجزانها في المنزل، لخشيتهما من أن تفقد عذريتها في حال خرجت. كانا يحافظان عليها  كأنها عجل سمين يمكن بيعه يوماً بأعلى سعر. ثم طلبت ورقة كي ترسم عليها وقالت: {لا أعلم كيف تسمّون هذه الأداة بالإنكليزية}. فرسمت قضيباً له طرف مسنّن، وهو سلاح يشبه الرمح: {لقد ضربني بهذه الأداة}.

كان والداها يخبرانها بأن المرأة الفاضلة يجب ألا تلتقط صوراً لنفسها، أو تضع أزهاراً في شعرها، أو تقف وهي تفتح ساقيها، أو تكشف عن بشرة ساقَيها، أو ترتدي ثياباً ضيقة، أو تضع أحمر شفاه.

في الثالثة عشرة من عمرها، تعلّمت الكذب وحضّرت جدولاً دراسياً مزيفاً كي تخصص بضع لحظات من الحرية لنفسها. بعد التخرج في المدرسة الثانوية، قُبلت المهدي في الجامعة الأميركية في القاهرة حيث درست الفنون. كان والداها يقلانها من حرم الجامعة كل يوم. عندما أرادت والدتها التأكد من أنها لا تزال عذراء، أمسكت علياء بسكين مطبخ وقالت إنها تريد الانتقال من المنزل. فغيّر والدها أقفال المنزل لاحتجازها في الداخل. أكدت أنها كانت تختنق في المنزل وكأن الأوكسجين لا يصل إلى رئتيها.

في إحدى المرات، كانت بمفردها، فوضعت كاميرا على كومة كتب في غرفتها، ووضعت أحمر شفاه بلون أحمر شاحب على شفتيها وخلعت ملابسها. ثم ارتدت جوارب حريرية ووضعت أزهاراً في شعرها. أخذت صوراً لها بوضعيات متنوعة. تقول إن تلك الصور شكل احتجاجي صامت ضد أهلها، ثم نسيت أمر الصور.

بين التحرر والرقابة

بعد بضعة أسابيع، غادرت علياء الحصة في منتصف المحاضرة. في ذلك الصباح، كانت تحمل حقيبة ظهر وضعت فيها بضع قطع ملابس. ثم استقلّت حافلة متوجهة نحو وسط مدينة القاهرة حيث سارت على طول ضفاف النيل وأخذت نفساً عميقاً. كانت تعلم أنها لن تعود إلى منزل أهلها ولن تسمح لأحد باحتجازها وكأنها حيوان. في البداية، عاشت مع صديقة لها ثم انتقلت للعيش مع رجل. كانت في التاسعة عشرة من عمرها وقد شعرت بأنها تحررت.

حصل ذلك في 2011، عندما كان الشعب المصري يثور ضد الدكتاتور الذي يحكمه. قصدت علياء ميدان التحرير بضع مرات. اختبرت تحررها الشخصي تزامناً مع تحرر بلدها، ولا شك في أنها شعرت بأن الحدثين مترابطان. في هذه المرحلة تحديداً بدأت مشاكلها.

في أكتوبر 2011، نقلت بعض الصور من الكاميرا الرقمية إلى حاسوبها المحمول. فوجدت الصور العارية التي التقطها واختارت الأكثر جاذبية بينها. كانت المهدي تعلم أن التعري من المحرمات بالنسبة إلى البعض في بلدها، لكنها قررت عرض الصورة على صفحتها في موقع فيسبوك.

عندما يفتح المستخدم حساباً على موقع فيسبوك، يُطلب منه أن ينقر على مربّع في حال موافقته على {بيان الحقوق والمسؤوليات} الذي يفرضه الموقع. ذكر البيان في جزء منه تحت عنوان {السلامة}: {لا يُسمح بعرض أي محتوى يشمل خطاباً يحرّض على الكراهية أو التهديد أو الإباحية أو العنف، أو يحتوي على صور عارية أو صور بيانية عنيفة أو غير مبررة}.

نشأ موقع فيسبوك في الولايات المتحدة، وهو يمنع نشر صور كتلك التي التقطتها علياء. يبدو أن التعري لا يزال من المحرمات في بعض مناطق الغرب أيضاً. للمرة الأولى، أدركت علياء أن العالم هو مكان أكثر تعقيداً مما تظن.

حذفت إدارة فيسبوك الصورة بعد بضع ساعات من نشرها. لكن علياء صممت على أنّ أحداً لن يمنعها، بعد الآن، من فعل ما تريده، فعرضت الصورة نفسها على مدونتها ليتمكن الجميع من رؤيتها.

صناعة رمز

الحروب والثورات كتلك التي حصلت في مصر تتطلب رموزاً مؤثرة مثل صورة روبرت كابا {موت الجندي} من الحرب الأهلية الإسبانية، صورة الفتاة الفيتنامية وهي تهرب من قرية تعرّضت للقصف، أو صورة صبي وهو يرفع ذراعيه في حي اليهود في وارسو. هذا النوع من الصور يحوّل السياسة إلى كتلة عواطف: خوف، رعب، أمل.

لكن هل يعلم أحد اسم تلك الفتاة الفيتنامية؟ القاسم المشترك بين هذه الرموز أنها أكبر من مصير كل فرد. وثمة أمر لافت آخر: تلك المشاهد تعرض صور ضحايا.

أما صورة علياء فبدت مغايرة، لم تكن ضحية، بل اختلفت عن الفتاة الفيتنامية والجندي المقتول لأنها التقطت صورتها ونشرتها بنفسها. سرعان ما أدركت أن تداعيات الصورة تزداد مع مرور الوقت.

أبعد مناصرو الثورة المصرية، من ليبراليين ومتديّنين، أنفسهم عن الصورة. كان الأمر عبارة عن احتجاج شخصي لطالبة فنون ضد أهلها الذين أساؤوا معاملتها. يرتبط كل تفصيل (الزهرة، الوضعية، الجوارب الحريرية) بقاعدة فرضها والداها. كل من لم يعرف خلفية القصة شاهد رسالته الخاصة في تلك الصورة. يمكن منح تفسيرات متعددة للصورة وهذه نقطة قوتها. أصبحت الصورة رمزاً لأن الغرب جعلها كذلك.

ظهرت الصورة في صحف سويسرا وإيطاليا وبلجيكا والدنمارك. وفي ألمانيا، نُشرت في صحيفتي {شبيغل} و{دي تسايت}. كانت تتماشى مع المفاهيم التي ربطها بعض الأوروبيين في البداية بالثورة في مصر. لقد سمّوها {الربيع العربي} وظنوا أنهم يستطيعون مقارنة ما يحصل في شمال إفريقيا بالثورة الفرنسية، وأملوا أن يصبح الناس، بعد انتهاء الاحتجاجات، أكثر انفتاحاً وأن يبنوا أنظمة ديمقراطية وأن تشق المرأة طريقها لتؤدي دوراً مؤثراً في المجتمع.

خطف ثم هرب

اعترفت علياء بأنها استمتعت بتسليط الضوء عليها، لكنها تلقت على {فيسبوك} تهديدات بالقتل. كانت التهديدات مقلقة، إنما بقيت تلك الفترة مشوقة. لم تفهم معنى اختفاء هرّتها بعد بضعة أسابيع على نشر الصورة.

اتصل بها رجل وأخبرها بأنه وجد هرتها. فذهبت بمفردها لمقابلته، وكان ينتظرها مع صديق له. أقفل صديقه باب الشقة وحاول نزع سروال علياء قائلاً إنها تستحق ذلك لأنها نشرت صورتها العارية، وحين قاومتهما، سرقا محفظتها وهاتفها الخلوي وأطلقا سراحها في صباح اليوم التالي.

بعد تلك الليلة، شعرت علياء بأن تلك الصورة قد تدمر حياتها إذا بقيت في مصر. بعد عشرة أيام، استقلت طائرة وهربت إلى السويد. حصل ذلك في مارس 2012.

أصبحت علياء تطرح تهديداً لأنها تشجع نساء أخريات على تقليدها. في مقابلتها مع قناة {سي إن إن}، سُئلت عن رأيها بالنساء في {مصر الجديدة}، فأجابت: {أنا لست متفائلة أبداً ما لم تندلع ثورة اجتماعية}.

الإسلام والمرأة والغرب

دور المرأة، أبرز نقطة خلافية بين المسلمين وبلدان العالم. تُعتبر حياة المرأة صورة رمزية لهذه الحرب الثقافية. يقلق مسلمون متدينون من أن تصبح نساؤهم مثل المغنية الأميركية مايلي سايروس. وينظر الناس في أوروبا والولايات المتحدة إلى مصر بقلق لأنهم يظنون أنه من واجبهم إنقاذ النساء المحجبات من مخالب القمع في المجتمعات الذكورية.

في الغرب، يسهل إلقاء محاضرات أخلاقية  عند التحدث عن حقوق المرأة في مصر. لكن يجب ألا ننسى أن القانون (لغاية 1958)، لم يكن يسمح للمرأة المتزوجة في ألمانيا بأن تفتح حسابها المصرفي الخاص من دون موافقة زوجها. ومنذ أقل من مئة سنة، لم يكن يُسمَح للمرأة بأن تنتخب في ألمانيا، وقبل 2001 لم يُسمَح للنساء بالخدمة في الوحدات القتالية في القوات الألمانية المسلحة.

يبدو أن هذا الصراع بين الثقافات اندلع عبر استعمال أدوات جريئة، بسبب الحجاب في المدارس الألمانية، مثلاً، البرقع في فرنسا، الكعب العالي في أفغانستان، السماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة العربية السعودية. في باكستان، أطلقت حركة {طالبان} النار على رأس الطالبة مالالا يوسفزاي لأنها ناضلت لدعم حق الفتيات بالذهاب إلى المدرسة. وتعيش الناشطة والسياسية الهولندية، أيان هيرسي علي، تحت حماية الشرطة لأنها انتقدت أعمال العنف التي يرتكبها رجال مسلمون ضد النساء في فيلم قصير.

بدأ الواعظون المسلمون الذين يحرّضون على الكراهية يركزون على علياء المهدي أيضاً. أحدهم كتب على الإنترنت: {يجب أن يتفحّم جسمها في الجحيم}.

تدمير حياة كاملة

يبتسم محمود عبد الرحمن، أحد الرجال الذين هاجموا المهدي. حين يسمع رسالتها أثناء وجوده في القاهرة، ويقول إنه يريد أيضاً توجيه رسالة لها: {إذا كنت تواجهين مشاكل، يمكن أن أقف إلى جانبك. يجب أن نتكاتف. أتمنى لك كل خير}.

حين سُئلت المهدي إذا كانت تشعر بالندم لأنها التقطت تلك الصورة، أجابت بأنها كانت مضطرة إلى فعل ذلك لأنها ما كانت لتعبّر عن نفسها بطريقة أخرى. تعكس كلماتها مأساة قصتها. منذ البداية، توقع الناس أن تكون المهدي مختلفة عن شخصيتها الحقيقية. وعندما تجرأت أخيراً على التعبير عن ذاتها، دمرت حياتها بنفسها.

كثرت التكهنات عن معنى نظرة المهدي حين خلعت ملابسها وحدقت بالكاميرا. كتبت صحيفة «تاغيس شبيغل» الألمانية الليبرالية التي تصدر في برلين: «كل من ينظر إلى الصورة بسوء نية ويبصق عليها يجب أن ينظر إلى تعبير وجهها. لا يكون تعبير العاهرة بهذا الشكل مطلقاً». وكتبت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» التي تصدر في فرانكفورت: «لا تنظر المهدي بإثارة إلى الكاميرا، بل بكل شجاعة وتحدٍّ». وكتبت مجلة «شيشرون» الألمانية الشهرية: «لا تُعتبر نظرتها مثيرة. بل نظرة استفسارية».

بعد إنهاء المحادثة في المقهى، وقفت المهدي على ضفة بحيرة خارج البلدة السويدية وراحت تراقب البط. وحين اكتشفت وجود ملعب هناك، صعدت على منزل شجرة ثم جلست على أرجوحة. كانت تلك المرأة التي تُعتبر رمزاً للربيع العربي تضحك كالأطفال أثناء التأرجح. ما معنى نظرتها في الصورة؟ تجيب المهدي: { تعني أنني لا أخجل من أن أكون المرأة التي أنا عليها}.

من الآن فصاعداً، يمكن أن تغير المهدي عنوانها كل بضعة أشهر. وقد يصبح الهرب من الآخرين محور حياتها. لكن عكس صورة الفتاة التي تصرخ في فيتنام، لن يبقى الكثير من تحرك المهدي في ذاكرة العالم الجماعية. ستتلاشى القوة الرمزية للصورة تدريجاً. لم تغير تلك الصورة شيئاً: لا مصر ولا مدينة القاهرة ولا حتى أهل المهدي. بعد فترة قصيرة، ستصبح تلك الصورة مجرد صورة عارية!

بحث عن المعنى

في أحد أيام خريف 2013، ظهرت علياء في معرض الكتاب في مدينة غوتبورغ السويدية. تمت الاستعانة بحراس أمن لتوفير الحماية لها. دار نقاش على مسرح صغير فتحدثت النساء عن الحركة النسائية. سأل مدير الجلسة عما إذا كان التعري يخفي رسالة حقيقية. فردّت قائلة: {الجسم هو مجرد رمز}.

حين سُئلت عما تحققه بتحركاتها الاحتجاجية، أجابت: {يكتسب الناس شجاعة للتعبير عن مشاعرهم. الهدف هو كسر المحرمات}.

المحرمات لها وظيفة محددة، ترتكز على مفهوم يقبله الناس ضمناً ويضمن تماسك المجتمع. يمكن أن يكون بعض المحرمات سيئاً لكن قد يكون بعضها الآخر جيداً أيضاً. في القاهرة وغوتبورغ وبرلين، يُمنع خلع الملابس في الشارع. لا يعني ذلك أن المرأة (أو حتى الرجل) تتعرض للقمع لهذا السبب.

مناصرو المهدي يحترمون شجاعتها في المقام الأول، لكن ربما يجب أن نتساءل عما حققته بفضل احتجاجاتها. في مصر، يخلط بعض الرجال بين الحركة النسائية والصور العارية. ويعتبر بعض الناشطات العربيات أن المهدي أساءت إلى حقوق المرأة في مصر أكثر مما أفادتها. في السويد، قدم مديرو أحد المساجد شكوى ضدها بتهمة مضايقة الناس، بينما غادر زوار معرض الكتاب بعد التقاط صور تذكارية معها. يحصد شخص واحد على الأرجح بعض المنافع من الصور غير المحتشمة: علياء المهدي نفسها.

حين سُئلت عن الرسالة التي توجّهها إلى المصريين الذين يضطهدونها، أجابت: {مصر ليست لكم، ومن أنتم لتقرروا من يحصل على الجنسية؟}.

ربما لم تهتم علياء يوماً بنتائج أفعالها أو بتحقيق إنجاز ملموس عبر احتجاجها. الإنجاز الأكبر يتمثل بالرسالة التي وجّهتها إلى أهلها وإلى السلفيين عبر تلك الصورة. تعني صورة علياء العارية: {أنا ما زلت حية!}.

بحث عن منظمة

بعد هروب علياء من مصر، قدّمت طلب لجوء سياسي في السويد حيث لازمت شقتها طوال ستة أشهر. كانت تبقي الستائر مسدلة، وعند سماعها ضجة صاخبة، كانت تشعر بالخوف من أن يكون مطاردوها حضروا للقبض عليها.

أصبحت بلا عائلة وبلا دراسة أو عمل أو منزل يمكن أن تعود إليه. ولا أصدقاء لها في السويد. يقيم حبيبها في النروج وتقابله في بعض المناسبات فقط. انقلبت حياتها رأساً على عقب.

من المبرر أن تغير علياء اسمها وتحاول نسيان الماضي. لكنها قررت فعل عكس ذلك. فبحثت عن منظمة يمكن أن تنضم إليها، ووجدت مجموعة {فيمن} التي نشأت في الأصل في أوكرانيا للمطالبة بتعزيز المساواة بين المرأة والرجل. أصبحت نساء {فيمن} شهيرات بسبب التحركات الاحتجاجية التي يظهرن فيها عاريات الصدر ومحاولتهن بناء رموز متلاحقة. انضمت إلى نساء {فيمن} في احتجاج مماثل للمطالبة بحقوق المثليين في روسيا.

back to top