تقرير اقتصادي : بورصات الخليج والعالم عادت لما قبل الأزمة العالمية... وبورصة الكويت تراوح مكانها

نشر في 26-12-2013 | 00:04
آخر تحديث 26-12-2013 | 00:04
No Image Caption
• تحقيق الأسواق غير الكويتية أعلى مستوى منذ 5 سنوات خبر مكرر هذا العام
• بورصتنا تفتقر إلى المحفزات والأدوات وبيئة الاستثمار السليمة

كان الأداء العام للعديد من البورصات الخليجية والعالمية من جيد جداً إلى ممتاز، إلا أن أداء بورصة الكويت كان أقل بكثير مما يجب، حيث سجلت أداءً متواضعاً إلى حد كبير.
قاربت سنة 2013 على الانتهاء، وهي السنة التي شهدت عودة معظم اسواق الاسهم العالمية والخليجية إلى مستويات قريبة من مؤشرات عام 2008، في ما يمكن وصفه بأنه افضل اداء لأسواق الأسهم منذ 5 سنوات.

من الولايات المتحدة الى اوروبا فشرق آسيا مرورا بالخليج، نجحت مجموعة من البورصات في العودة الى مستويات ما قبل او بداية الازمة المالية العالمية، في حين جاء الاداء العام لبورصة الكويت اقل بكثير من اداء هذه البورصات، اذ سجل مؤشر الكويت السعري اداء سالبا في 2013 مقارنة بإقفال 2008، بوصوله إلى (%1.89- ) وكسب المؤشر الوزني 11% فقط، في حين كسب مؤشر سوق الاسهم السعودية خلال نفس الفترة 81%، والاسهم القطرية 53%، بينما حقق مؤشرا ابوظبي ودبي 76% و97%.

اما على مستوى الاسهم العالمية فكان تحقيق البورصات اعلى مستوى منذ 5 سنوات خبرا مكررا هذا العام، حيث كسب مؤشر داو جونز الاميركي 67% ونيكاي الياباني 82% وداكس الألماني 102% ومؤشر هونغ كونغ 62%.

«السعري» و«الوزني»

وشهد عام 2013 عودة قوية للاسواق المالية ونوعا من التعافي للاسهم مع تراجع الذهب (سلعة الامان الابرز عالميا) بواقع 29%، غير ان السوق الكويتي كان واحدا من اقل الاسواق استفادة من هذه العودة نتيجة لضعف المحفزات في الاقتصاد الكويتي بشكل عام والبورصة بشكل خاص، فحقق السوق الكويتي هذا العام حتى اقفال امس الاول 33% للمؤشر السعري و11% للوزني، وفي الحقيقة فإن دعم المؤشر السعري جاء نتيجة دعم اسهم محدودة القيمة بداية العام الحالي، ناهيك عن سهولة التلاعب بنتائجه واقفالاته على عكس المؤشر الوزني الذي يرتبط بالقيمة السوقية الكاملة لبورصة الكويت وتؤثر فيه حركة الشركات الضخمة والكبيرة. وفي كل الاحوال لا يتسق الصعود الذي حققته بورصة الكويت مع اداء الاسهم الخليجية على الاقل، فسوق دبي كسب هذا العام 108% من قيمته والسعودي 25% وابوظبي 67% والقطري 32%، وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للأسهم العالمية كما يوضح الجدول المنشور.

شح المعلومات

تعاني بورصة الكويت شحاً في المعلومات، فالمحفظة الوطنية الاستثمارية التي تأسست عام 2009 حتى الآن دورها غير مفهوم، إذ لم تعلن المحفظة منذ تأسيسها اي بيان عن ارباحها او خسائرها او مكوناتها، وهل تلعب دور صناع السوق على اسهم معينة ام انها تستثمر بشكل طويل الأجل؟ وما اهداف الاستثمار ونسب المخاطرة وتنوعها؟ وما نسبة النقد والودائع والأسهم في مكونات هذه المحفظة، فضلاً عن مدى توافق ادائها مع اداء السوق، وهل تحقق نتائج افضل من ادائه أم أسوأ؟

هذه اسئلة لا تجد للأسف من يجيب عنها، مع أن رأسمال المحفظة الإجمالي بلغ 1.5 مليار دينار، في حين أن ما تم سداده فعليا من الجهات الحكومية المساهمة في هذه المحفظة بحدود 750 مليون دينار، مما يفتح مزيدا من الاسئلة حول الآلية التي تم تحديد رأس المال الإجمالي بها، ولماذا لم يتم سداده كاملا، وهل هناك مستويات للمؤشر يمكن زيادة ضخ الأموال لاقتناص الفرص فيها أم لا؟

غياب الأدوات

وفي السياق فإن البورصة اصلا تشكو غياب الادوات الاستثمارية، مما يجعل التداول يجنح نحو الأداء الفردي اليومي، فالسوق الكويتي حتى الآن لا يتعامل بالبيع على المكشوف أو الشراء المستقبلي، إضافة إلى عدم وجود صانع سوق معترف به رسمياً يؤدي أعماله بشكل قانوني ليتدخل في حال حدوث اختلالات في أداء السهم ويكون هذا الصانع معتمداً ومعروفاً للجميع، وربما تكون الوعود التي اطلقها مسؤولو البورصة بشأن العمل على نظام صانع السوق وبعض الادوات المالية الاخرى مدخلا لتحفيز البورصة اذا ما تم الامر في الموعد المحدد.

الغائب أيضاً عن بورصتنا هو الدور الذي يفترض أن تلعبه إدارته في تسويق البورصة لدى المستثمرين الاجانب من حيث محاولة استقطاب أكبر سيولة ممكنة من الخارج، وهو ما تفعله بورصات الامارات وقطر بشكل واضح، فمن مهام أي بورصة التركيز على استقطاب الاموال من الخارج عبر تسويق الفرص المتاحة، فضلاً عن إدراج الشركات غير المحلية وهذا امر شبه معدوم في بورصة الكويت ويجعل التعاملات مرتبطة كثيرا بعوامل السيولة المحلية في حين يجب جذب الاموال من الخارج لتنويع خيارات التداول.

بيئة الاستثمار

كي تتمكن من التداول في البورصة بشكل سليم يجب ان تكون هناك بيئة استثمارية سليمة اصلا في البلد، اي تعزيز الإنفاق الحكومي الاستثماري، وهذا لا يعني مساعدة أو دعم الشركات المتعثرة أو الموقوفة لتسدد ديونها على حساب الموازنة العامة، بل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية كي يتم تنشيط الدورة الاقتصادية، فعندما تطلق الحكومة المشاريع فسيرتبط هذا الأمر بحركة شاملة في القطاع المصرفي الذي سيتولى تمويلها، والقطاع العقاري الذي سينفذها، والصناعي الذي ستزيد مبيعاته، لاسيما في مجال المواد الإنشائية، وكذلك القطاعات الخدمية واللوجستية.

إن الإنفاق على المشاريع بالإضافة الى أنه سينفذ اعمال بنية تحتية تحتاج إليها الدولة، فهو أيضاً سيحرك كثيرا من اسهم الشركات التشغيلية الجيدة في البورصة، والتي تأثرت أسعارها وأنشطتها بسبب الأزمة المالية العالمية، لا بسبب الإفراط في الديون أو العجز عن سداد الالتزامات.

ولعل القيمة المقررة للانفاق الاستثماري والمشاريع في الباب الرابع من ميزانية 2013 - 2914 بحد ذاتها شحيحة، اذ تبلغ 2.2 مليار دينار من اصل 21 ملياراً، اي 10.4% فقط من اجمالي الميزانية، وهذا مبلغ يعطي جانبا من شح الفرص الموجودة في البلد والتي انعكست على تكدس السيولة في البنوك بشكل لافت لتصل الودائع خلال الازمة المالية العالمية الى 30 مليار دينار، بنسبة نمو ناهزت 80% خلال 5 سنوات رغم العوائد المحدودة للودائع في البنوك.

كي ترتفع البورصة فإنها تحتاج الى محفزات وسيولة وادوات وفرص وإنفاق وشفافية، وهذا كله لن يأتي ما لم تتحسن بيئة الاستثمار، كونها الجاذب الاول لتطلعات المستثمرين واموالهم.

back to top