شرفاء الكويت... والتطبيع!
عندما صدر البيان الصهيوني الأول عام 1897 بإنشاء وطن قومي لليهود، تحركت الفعاليات اليهودية في العالم، وتكونت الوفود لتجوب هذا العالم لتحقيق هذا الهدف، ولمّا لم يلقوا استجابة عند السلطان عبدالحميد لجأوا إلى وسائل أخرى متعددة كالهجرات اليهودية للأراضي الفلسطينية وشراء المزارع، ثم العمل على تحريك دول العالم لمساندة مشروعهم. وبالفعل، ما هي إلا سنوات قليلة حتى صدر وعد بلفور البريطاني سنة 1917 بإعطاء اليهود الحق في وطن قومي.***• كل ما أشرت إليه ليس بجديد على القراء، وعنوان المقال "الكويت... والتطبيع"، ففي حقبة مطلع القرن العشرين كانت الكويت مرتبطة باتفاقية مع بريطانيا، ولكنها لم تكن تتمكن من أن تفرض على الكويت ما لا يتفق مع إرادة الشعب الكويتي.
• حيث كان الشيخ أحمد الجابر، منذ أن تولى إمارة الكويت لما ينيف على نصف قرن، رافضاً رفضاً باتاً لأي محاولة اتصال أو تفاوض مع الإنكليز بشأن الصهيونية، بل إنه اعترض على قيامها. وكل الوثائق التي كُتبت في عهده تؤكد هذه الحقيقة.• أما الشيخ عبدالله السالم، فقد كانت فترة حكمه معادية للصهيونية ومواجهة لها، ومن يطّلع على الكتابات التي تتناول تاريخ الثقافة الكويتية للدكتور خليفة الوقيان يدرك ذلك الحماس لشعراء الكويت وأدبائها وتعاطفهم مع قضية العرب الأولى، بل حتى قبل قيام الكيان الصهيوني كان شعراء الكويت يصدحون بقصائدهم ضد الصهيونية كعبداللطيف النصف وصقر الشبيب وفهد العسكر وغيرهم من الأمثلة الساطعة على موقف أهل الكويت الشريف تجاه القضية الفلسطينية.• أما في عهد الشيخ صباح السالم، فتجلّت المواقف الكويتية حيال قضية فلسطين، وتشكلت الطلائع الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية، تحت سمع ورعاية دولة الكويت، فضلاً عن المساعدات التي كانت تُقدم لهم في كفاحهم المشروع ضد الصهيونية.• وأما الحديث عن اهتمام الشيخ جابر الأحمد بقضية فلسطين فبلا حرج. • أما الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت الحالي فقد حمل هم القضية الفلسطينية لأكثر من نصف قرنٍ، يجاهر بالحق الفلسطيني في كل المحافل الدولية.***• وإذا كانت هذه المقتضبات، التي أشرت إليها، تمثل الجانب الرسمي، فإن الجانب الشعبي بكل فصائله لا يختلف في مواقفه على التصدي للكيان الصهيوني، فجمعية الإرشاد، التي أصبحت جمعية الإصلاح، موقفها لا يختلف عن موقف النادي الثقافي القومي، الذي أصبح نادي الاستقلال.***• ولكن لي كلمة قبل أن أختتم هذا الموضوع، فموقف الكويت من القضية الفلسطينية لا تحدده الدول التي اعترفت بالكيان الصهيوني، ولا حتى اعتراف أبناء فلسطين أنفسهم ممن خُدعوا بأوسلو وأشباهها، ولا الدول التي تلوح بالتطبيع بسبب تأثيرات أميركية عليها!• فالغالبية العظمى من أهل الكويت الشرفاء موقفهم ثابت لا تمثله طحالب طفيلية، وزعانف متعفنة، تبحث لنفسها عن دور، حتى لو كان موضع احتقار، لجميع ما يطرحون من آراء سقيمة.• والإعلام الصهيوني يتغنى هذه الأيام بتصريحات كأنها تمثل انتصاراً قد انتُزع من الشعب الكويتي، وهي لا تتجاوز حدود تهريج لأُناس لا يستشعرون أهمية ما يهرفون به.• فلا يجرؤْ كائن من كان، أن يتكلم باسم الكويت في عقر دار الصهاينة... وموقف أهل الكويت الشرفاء معروف.