تأثيرات إحراق الفحم على تلوث الهواء في الصين
بكين تستهلك كميات منه تعادل ما تستهلكه كل الدول مجتمعة
أثبتت دراسة أن الفحم مسؤول عن 40 في المئة من الذرات القاتلة في أجواء الصين.
أكد خبراء الطاقة أن إحراق الفحم هو أسوأ عامل بالنسبة الى تلوث الهواء في الصين، وقد تسبب في وفاة أكثر من 366000 شخص في عام 2013. وقال تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أخيراً، إن دراسة قام بها فريق بحث من علماء أميركيين وصينيين توصلت الى حقائق تثبت أن الفحم مسؤول عن 40 في المئة من الذرات القاتلة في أجواء الصين.وتتماشى هذه الأرقام مع ما كان علماء الصين يقولونه في السنوات القليلة الماضية عن علاقة عمليات احراق الفحم في الصناعة بتلوث الهواء وبالتداعيات المرافقة له.
وتهدف هذه الدراسة، التي تمت بتمويل من جامعة تسنغهوا الصينية ومعهد التأثيرات الصحية في مدينة بوسطن، الى تحديد المصادر الرئيسية لتلوث الهواء الذي يفضي الى الموت المبكر في الصين.وقالت الدراسة، إن تلك العوامل تسببت في وفاة 155000 شخص في سنة 2013، وكانت أحد المصادر الرئيسية للموت اضافة الى عناصر اخرى نسبت الى وسائل النقل وأفضت الى 177000 حالة وفاة في تلك السنة. وبحسب علماء صينيين فإن انبعاثات عوادم السيارات تشكل مصدراً رئيسياً لتلوث الهواء في المدن على الرغم من أنها ليست بالسوء نفسه الذي ينجم عن احراق الفحم للأغراض الصناعية، كما ان شراء السيارات يزداد بوتيرة سريعة جداً في الصين، وقد أفضى تحديد معايير الانبعاثات الغازية الى نزاعات حادة في أوساط المسؤولين الحكوميين وشركات صناعة السيارات والنفط والغاز. وتجدر الإشارة إلى أن الصين تستهلك كميات من الفحم تعادل بشكل تقريبي ما تستهلكه كل الدول مجتمعة، كما أن احراق الفحم في ذلك البلد يشكل المصدر الأكبر لتلوث الهواء وانبعاثات غاز بيوت الدفيئة التي تعتبر احد الأسباب الرئيسية لتغير المناخ. ومن المعروف أن المدن الصينية هي بين الأكثر تلوثاً في العالم، اضافة الى أن الأقاليم الشمالية في الصين حيث توجد مصانع الصلب والاسمنت والطاقة تتمتع بأعلى معدلات تركيز الملوثات في البلاد.وعلى أي حال تقول الدراسة، إن نمو استهلاك الفحم في الصين بدأ بالتباطؤ، وعلى سبيل المثال شهدت السنة الماضية تراجعاً طفيفاً في استهلاك الفحم مقارنة مع معدلات عام 2014، ويرجع ذلك الى حد كبير الى تباطؤ الاقتصاد الذي كان أسرع وأعمق مما توقع العديد من الخبراء.واضافة الى ذلك، أعلنت الحكومة الصينية خططا في سنة 2013، عندما ارتفع القلق من تلوث الهواء الى مستوعات غير مسبوقة، تهدف الى الحد من استخدام الفحم في ثلاثة مراكز سكانية رئيسية في شرق البلاد، ويتماشى وضع حدود على استخدام الفحم مع ما تعهد به الرئيس الصيني زي جنبنغ حول خفض تأثيرات تغير المناخ.وطرحت الدراسة الجديدة أربعة سيناريوهات تعتمد على سياسات حكومية مختلفة، وأظهر كل واحد منها هبوطاً في متوسط التلوث في السنوات المقبلة، ولكن فريق البحث قال إنه على الرغم من انخفاض معدلات تلوث الهواء فإن من المتوقع أن تزداد التأثيرات الصحية الاجمالية بحلول سنة 2030 مع تقدم السكان في العمر ويصبحون عرضة بقدر أكبر لأمراض ترتبط في الغالب بتلوث الهواء.وأضافت أنه حتى مع التشدد في تنفيذ السياسة المتعلقة باستخدام الفحم وفعالية الطاقة فإن من المحتمل أن يظل الفحم عنصر الإسهام الأكبر في التلوث والمتاعب الصحية بحلول سنة 2030.وبحسب الدراسة فقد بلغ عدد ضحايا الموت المبكر في الصين بسبب التلوث في سنة 2013 حوالي 916000 شخص، كما وجد الباحثون أن تلوث الهواء يحتل المركز الخامس عن حالات الموت المبكر في ذلك البلد بعد ارتفاع ضغط الدم والتدخين والاستهلاك العالي للصوديوم وقلة تناول الفواكه، كما أشارت دراسات اخرى الى نتائج مماثلة.وخلصت الى القول، إن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تتخذ من باريس مقراً لها حذرت في سنة 2013 من أن تلوث الهواء في المناطق الحضرية سيشكل السبب البيئي الأول للوفيات على مستوى العالم بحلول عام 2050 متقدماً عن تلوث المياه ونقص الحماية الصحية، وأضافت أن ما يصل الى 3.6 ملايين شخص يمكن أن يتعرضوا الى الموت المبكر نتيجة تلوث الهواء كل سنة، ومعظم اولئك الضحايا سيكونون في الصين والهند على وجه التحديد.