الجنيه... تراجع في القيمة في ذكرى ميلاده الـ 180
«الجبس» و«المصاري» لقبا أيام العز... و«العائم» آخرها بعد قرارات «المركزي»
عاش الجنيه المصري أياما ذهبية جعلته يتوج حينا على سوق العملات كأحد اللاعبين الكبار، لكنه عرف سريعا مرارة المجيء في مرتبة متدنية في سلة العملات، قبل أن يصل إلى حد التعويم متروكا للعملات الأخرى كي تحدد قيمته، فالجنيه المصري العجوز يبلغ من العمر نحو 180 عاما يبدو في سكراته الأخيرة أمام جبروت الدولار ومعه عدة عملات غربية وعربية.ومع حلول الذكرى الـ180 لبدء صك عملة الجنيه، وتداوله لأول مرة في عهد محمد علي باشا عام 1836، بات الجنيه في وضع صعب، بعدما شهد تراجعا حادا في قيمته أمام الدولار خلال الأيام القليلة الماضية، قبل أن تقرر القاهرة أمس التخلي عن دعمه وتركه يواجه مصيره أمام آليات السوق من عرض وطلب، لتنعى العملة المصرية الرسمية أيام مجدها الزائل، عندما كان الجنيه أقوى من الدولار والإسترليني والمارك الألماني، وقتها انتشرت العملة المصرية بقوة في بلاد الشام والعراق، وعرفت هناك بـ«المصاري».
ومنذ عام 1914 صدر مرسوم ملكي باعتماد الجنيه كوحدة أساسية للعملة المصرية، وخلال هذه الفترة كان الجنيه في عز جبروته، إذ تم تقييمه استنادا إلى معايير الذهب، ثم ربط بسعر صرف الجنيه الإسترليني، فكان المصري أقوى منه بنحو 10 قروش، وفي هذه الفترة بدأت الكثير من الألقاب تطلق على الجنيه، أبرزها «الجبس» في إشارة إلى صعوبة التخلص منه لقدرته الشرائية المرتفعة.ومع ثورة 1952 واصل الجنيه تسيده فارضا عضلاته على العديد من العملات، إذ أصدر الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر قانونا بإنشاء البنك المركزي عام 1960، وتم منحه حق إصدار أوراق، وكان الجنيه وقتها ضمن أعلى عملات العالم قيمة، ويساوي 3 دولارات، بل كان أعلى من الدينار الكويتي، أغلى عملة في العالم حاليا.وحافظ الجنيه على قوته الشرائية وسعر صرفه طوال فترة الستينيات التي شهدت حركة تصنيعية ضخمة، وارتفاع حجم الصادرات المصرية، لكن الأمور اختلت منذ منتصف السبعينيات، فبدأت متاعب الجنيه سريعا مع تخلي الرئيس الأسبق أنور السادات عن سياسة التصنيع الوطني، والاعتماد على سياسة الاستيراد في إطار فلسفة «الانفتاح»، لتتراجع قيمة الجنيه بصورة كبيرة، فبلغ الدولار 0.7 من الجنيه، قبل أن يتخطى حاجز الجنيه الواحد في منتصف الثمانينيات.وشهدت فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك تراجعات قياسية في سعر صرف الجنيه، إذ بلغ الدولار 1.5 جنيه، قبل أن ينتهي حكم مبارك بفعل ثورة «25 يناير 2011»، والدولار بـ5.9، ليبدأ مسلسل الهبوط السريع، مع الأحداث السياسية التي تلت الثورة وانكشاف الأزمة الاقتصادية، حيث وصل الدولار إلى 18 جنيها في السوق الموازي، قبل أن يحصل الجنيه على لقبه الأخير «العائم» بقرار البنك المركزي، ليصل سعر صرف الدولار إلى 13.5 جنيها.