بدء المرحلة الثانية من مشروع اكتشاف المياه في صحراء الكويت بالتعاون مع ناسا
أعلن العالم في مركز الدفع النفاث بوكالة أبحاث الفضاء الأمريكية (ناسا) الدكتور عصام حجي اليوم الأربعاء بدء المرحلة الثانية من مشروع اكتشاف المياه في صحراء الكويت باستخدام تكنولوجيا التصوير الراداري.وقال حجي لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) في ختام زيارة قام بها للبلاد إنه عقد عدة اجتماعات مع مسؤولي معهد الكويت للأبحاث العلمية لمتابعة اتفاقية التعاون في مجال تطوير تكنولوجيا دراسة ومسح المياه الجوفية في المناطق الصحراوية.
ولفت إلى أن المشروع لا يزال في بدايته ويتم حالياً التحضير لمجموعة من الزيارات خلال أشهر قليلة مقبلة لاجراء دراسات ميدانية بعد نجاح التجربة الأولى التي تمت عام 2011 بهدف فهم تطور المياه الجوفية في الشرق الأوسط.وأضاف أن هذه التجربة العلمية نجحت في تصوير المياه الجوفية على عمق يتراوح بين 20 و65 متراً في شمال الكويت باستخدام نموذج مصغر لقمر صناعي يستخدم الموجات الرادارية منخفضة التردد.وأوضح أنه بناءً على النجاحات التي حققتها التجربة الأولى ستكون التجربة الثانية بأجهزة تصوير راداري أفضل وأكثر حداثة تمهيداً لاستخدام تكنولوجيا الرادار في أماكن أخرى في العالم.
عمليات المسح
وكشف أنه تم البدء الفعلي في المشروع لكن المساحة التي سيتم تصويرها لم يتم تحديدها بعد، مشيراً إلى أن أولى التجارب ستكون في شهر يناير 2017 من خلال البدء في عمليات المسح بأحدث أجهزة الرادار في صحراء الكويت.وذكر أن مدة هذه المرحلة عام واحد ومن ثم المرحلة التالية ومدتها أربع سنوات، مؤكداً أن أكبر مشكلة في عالم المياه الجوفية أنها تعتمد أساساً على الآبار حتى نستطيع معرفة مواقع وخواص المياه الجوفية.وبيّن حجي أنه من أجل ذلك فإن استخدام هذه التكنولوجيا سيساعد في الحصول على معلومات حول المياه وعمقها في المناطق التي تخلو من الآبار وتشمل المساحات الأكبر من الصحراء.وقال إن النجاح في تطوير هذه التقنية سيؤدي إلى ايجاد جيل جديد من أجهزة الكشف عن المياه الجوفية التي سترسل إلى كواكب أخرى في المجموعة الشمسية على غرار القمر الصناعي (أوروبا) أحد الأقمار المحيطة بكوكب المشتري ويوجد على متنه مركبة فضاء تستخدم نفس التكنولوجيا للبحث عن المياه الجوفية في سنة 2030.دول الخليج
ولفت إلى أن معهد الكويت للأبحاث العلمية عرض فكرة اشراك دول الخليج في عمل القمر الصناعي، مبيناً أنه بعد تطوير التجربة في الكويت سيتم عمل مسح في أكثر من مكان في دول الخليج منها السعودية وقطر والإمارات.وأفاد بأنه تمت مناقشة كيفية اخضاع باحثي المعهد لدورات تدريبية في اطار اتفاقية التدريب ما بين (ناسا) وجامعة جنوب أمريكا وأيضاً في اطار الاتفاقية مع الكويت حيث سيتم تدريب الباحثين في المعهد على تطوير تكنولوجيا المياه والأبحاث المشتركة وهو تدريب مباشر في اطار المشروع المبرم.وأوضح أنه يتم الإعداد لهذه المركبة في الفترة الراهنة، مبيناً أن هذه الأبحاث التي تجري في الكويت ستفيد هذه المركبة.وأشار إلى أنهم الآن في مرحلة تطوير أجهزة التصوير الرداري للمياه ومن ثم مرحلة الدراسة على مساحات أكبر.وذكر أن المركبة روزيتا التي قامت بعملية انزال على مذنب فضائي في 30 سبتمبر الماضي بعد رحلة دامت 14 سنة في الفضاء كانت تستخدم تكنولوجيا التصوير الراداري لتصوير التكوين الداخلي للمذنبات، مؤكداً أنه سيتم استخدام نفس التكنولوجيا في صحراء الكويت لدراسة التكوين الداخلي للخزانات الجوفية.الشباب الكويتي
وأوضح أنه على الرغم من كل الصعوبات التي تواجه هذا المشروع العلمي المعقد فإن الكويت حريصة على هذا المشروع ايماناً منها بأهمية المخزون المائي منذ تجربتها خلال فترة الغزو وما نتج عنه من تلوث للمياه.وأكد أن الكويت بلغت مستوى علمياً متقدماً ولديها علماء على مستوى عالٍ وشباب متحمس جداً ولا بد من تمكينه من المشاركة في الأبحاث العلمية منوهاً بتشجيع الدولة للشباب الكويتي لتبني القضايا المهمة ومنها قضية المياة.وأعرب حجي عن سعادته بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية بالرغم من تغير الباحثين منذ بدء هذا التعاون، داعياً إلى تشجيع المزيد من الباحثين في موضوع المياه نظراً لأهمية استقرار المشروعات طويلة المدى.ورأى أن من المهم جداً في تعاون (ناسا) مع الكويت البدء بجيل جديد من الشباب المتحمسين لينمو هذا التعاون طويل الأمد ويستمر معهم لتكوين قاعدة عريضة من الباحثين الكويتيين خصوصاً في ظل وجود برامج تدريبية لهولاء الشباب لئلا تكون هناك صعوبة في التعامل مع تلك المشروعات الضخمة.وأكد حجي ضرورة تأهيل الكادر المحلي والاعتماد على سواعد المهندسين الكويتيين وتشجيعهم للعمل في مجال الأبحاث العلمية خصوصاً أن كل عالم وافد يأتي إلى الكويت يتعلم ومن ثم يتوجه لأماكن أخرى «لذا لابد من تأهيل الشباب الكويتي للعمل في تلك الأبحاث».وقال إن هناك جيلاً من الشباب الباحثين يملكون حماسة وشغفاً بالمجالات العلمية والتقنية ولديهم مثابرة «لكن هذا لا يكفي ولا بد من دفع جيل آخر من الشباب يتخصص في المجالات البحثية خصوصاً أننا لم نصل إلى العدد الذي يليق بحجم التحديات».الوظائف الفعالة
وأشار إلى أن وظائف البحث العلمي ينظر إليها البعض على أنها ليست من الوظائف الفعالة على الرغم من اهتمام الكويت بالبحث العلمي والتعامل معه من باب الصالح العام وليس من باب التفاخر أمام العالم بتلك المؤسسات البحثية.وشدد على أن الكويت معنية بصورتها أمام شعبها أكبر من اهتمامها بصورتها أمام العالم و«هذا هو الصواب لكن الأمر يتطلب مراكز بحثية أكثر وجامعات ومدن بحثية ووكالة فضاء في الكويت تدفع الشباب نحو البحث العلمي».ودعا الكويت إلى التفكير الجاد لإنشاء وكالة فضاء لتكون مشروعها العلمي القومي خصوصاً أنها أول بلد عربي يشارك (ناسا) بعمل فضائي بحت، مؤكداً أن لديها المناخ الملائم والأرضية الصلبة من الخبرات والعقول والمقومات ما يؤهلها لذلك.وأوضح أن الأرضية في الكويت مناسبة الآن للبدء في مثل هذا المشروع لما تملكه من مقومات وخبرة بشرية ومهندسين متميزين وقيادة لديها رؤية واضحة للارتقاء بالمواطن الكويتي.وقال حجي إنه لإنشاء وكالة فضاء في الكويت يجب أولاً اتخاذ قرار ثم جمع قيادات علمية من الشباب الباحثين لبدء العمل الفعلي في بناء هذه الوكالة التي ستساعد الدولة في عمل دراسات مناخية وبيئية وتحديداً دراسة العواصف الرملية وغيرها من العوامل المناخية والبيئية التي قد تؤثر على الحياة اليومية للمواطن وقد تمتد لخارج الحدود.واعتبر أن المشروع الجاري تنفيذه بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية والمتمثل في امكانية تصميم قمر صناعي يساعد في دراسة المياه الجوفية والتغيرات المناخية في العالم عبر استخدام تكنولوجيا التصوير تحت الأرض قد يكون أحد المشاريع القومية للكويت.عصام حجي
يذكر أن الدكتور عصام حجي عالم فضاء عربي فرنسي يعمل في (ناسا) في معمل محركات الدفع الصاروخي في القسم المختص بالتصوير بالرادار والذي يتولى العديد من المهام العلمية لاكتشاف كواكب المجموعة الشمسية.ويشرف حجي على مشروع القمر الصناعي المعني بدراسة المياه الجوفية وآثار التغير المناخي الصحراوي ويشارك في أبحاث استكشاف الماء بالمريخ وتدريب رواد الفضاء وتصميم المركبات المتجهة إلى أجزاء مختلفة من المجموعة الشمسية ويشغل حاليا منصب أستاذ علوم الفضاء بجامعة باريس إضافة إلى أنه عضو زائر بهيئة التدريس بجامعة كالتك بولاية كاليفورنيا.