لهذه الأسباب عادت الروح إلى تداولات بورصة الكويت
أموال المحفظة الوطنية وصفقات الاستحواذ وركود العقار والقيم الدفترية دعمت التعاملات
• أثر غير مباشر لتوازن أسعار النفط العالمية على السوق
مع أنه لا يمكن مقارنة تعاملات ثماني جلسات من عام 2017 بتعاملات عام كامل، لكن هذا النمو يعطي مؤشرات على عودة «الروح» إلى البورصة خصوصاً وسط عوامل تدعم نمو السيولة وتجعل الأسهم وجهة مفضلة للمستثمرين والمضاربين على حد السواء.
استرعت مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية منذ مطلع العام الحالي الانتباه؛ بعدما سجلت مكاسب قوية أعادت إلى الأذهان جانباً من جولات التداول القوية، التي حفلت بها بورصة الكويت قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008.وكان اللافت فعلاً نمو السيولة النقدية لتعاملات البورصة خلال ثماني جلسات تداول بمتوسط تداول يومي بـ30.1 مليون دينار، وهو متوسط بأضعاف متوسط تعاملات عام 2016 بأكمله، وهو العام الذي شهدت التداولات فيه مستويات متدنية للغاية اقتصرت في العديد من الجلسات على ثلاثة ملايين دينار فقط، في حين كان متوسط التداول النقدي لعام 2016 كاملاً 11.6 مليون دينار، و15.9 مليون دينار لعام 2015.كذلك، ارتفعت مؤشرات البورصة منذ بداية العام بشكل لافت إذ كسب المؤشر السعري 4.9 في المئة والوزني 2.8 في المئة وصعد «كويت 15» بـ2.7 في المئة، أما القيمة السوقية لبورصة الكويت فقد بلغت 26.851 مليار دينار بنمو قدره 2.26 في المئة.
المحفظة الوطنية
مع أنه لا يمكن مقارنة تعاملات ثماني جلسات من عام 2017 بتعاملات عام كامل، لكن هذا النمو يعطي مؤشرات على عودة «الروح» إلى البورصة، خصوصاً في ظل عوامل تدعم نمو السيولة وتجعل الأسهم وجهة مفضلة للمستثمرين والمضاربين على حد السواء، أولها ضخ الهيئة العامة للاستثمار عبر المحفظة الوطنية أكثر من 100 مليون دينار إلى شركات الاستثمار لإدارتها، وهذا إجراء مقبول إن كان يستهدف التعامل مع بورصة الكويت وفقاً لآليات استثمارية وفنية تسعى إلى تحقيق أرباح لمصلحة المحفظة الوطنية، وليس لرفع مؤشرات البورصة أو تصعيد أسعار الأسهم، لكنه في كل الأحوال أعطى دفعة إيجابية وقتية لتعاملات البورصة في انتظار تفاعل قوى السوق الأخرى لاسيما المحافظ والصناديق الاستثمارية.استحواذات وتسويات
كذلك، لعبت صفقة استحواذ شركة «إدبيتيو» الإماراتية على الشركة الكويتية للأغذية «أمريكانا» دوراً في نشر الإيجابية في السوق من جهة تخفيف ضغط الديون النسبي عن البائع - مجموعة الخرافي - ناهيك عن الأهم وهو رفع درجة اطمئنان البنوك الدائنة تجاه تنامي فرص انتظام سداد المديونيات المستحقة، بالتالي تخفيف أثر تجنيب المخصصات عليها خلال عام 2017 بعد أن كوّن القطاع المصرفي مخصصات إجمالية فاقت ستة مليارات دينار منذ بداية الأزمة المالية، وترتبط صفقة استحواذ «أمريكانا» بعمليات أخرى أصغر للقطاع المصرفي، تمت فيها تسويات بين البنوك والشركات المدينة أو أنها تسير في اتجاه الترتيبات النهائية.وبالحديث عن القطاع المصرفي وعمليات الاستحواذ، يجري الحديث عن إعلان مجموعة الساير نهاية العام الماضي نيتها الاستحواذ على 15 في المئة من رأسمال بنك وربة، وهو أحد أكثر الأسهم شعبية في البورصة لأن قاعدة مساهميه بمئات الآلاف من المواطنين وتملّكها فعلاً 7.098 في المئة حتى آخر إفصاح في 5 يناير الماضي، مما يشير إلى رغبة أطراف تجارية من خارج البورصة تملّك حصص في قطاعات تشغيلية يتوقع فيها فرص نمو جيدة، إلى جانب إعلان عدد آخر من عمليات الاستحواذ الأخرى في البورصة كاستحواذ شركة القرين لصناعة الكيماويات البترولية على 30.4 في المئة من أسهم رأسمال الشركة الوطنية للخدمات البترولية «نابيسكو»، وقبلها استحواذ «بوبيان للبتروكيماويات» على 18.13 في المئة من رأسمال نفائس القابضة، وهذه مؤشرات على رغبة بعض الشركات المدرجة في تملّك حصص في شركات أخرى في البورصة، مما يعطي قدراً معيناً من الثقة في السوق.ركود العقار
أدى الركود في تعاملات العقار في الكويت لاسيما التجاري والاستثماري إلى تراجع السيولة نتيجة ارتفاع الأسعار، وتدني العوائد الاستثمارية، حيث بلغت قيمة التداولات حتى نهاية نوفمبر 2016 نحو 2.24 مليار دينار، بانخفاض قدره 30 في المئة مقارنة بعام 2015، الذي بلغت فيه قيمة التداولات 3.4 مليارات دينار وانخفاض بـ53 في المئة عام 2014، بالتالي لم يجد جانباً كبيراً من السيولة الخارجة من العقار أفضل من البورصة للاستثمار أو على الأقل المضاربة، خصوصاً أن سوق العقارات الخارجية، وما يرتبط به من معارض وعمليات تسويق تعرض إلى أزمة ثقة قوية بعد أن شغل الرأي العام بعمليات نصب واحتيال وشبهات غسل أموال في هذا القطاع، مما جعل بريقه يخفت سريعاً.القيم الدفترية
هناك العديد من الأسهم مدعومة بتراجع أسعارها السوقية مقارنة بالقيمة الدفترية، خصوصاً تلك الأسهم التي أسعارها أقل من 100 فلس، لها تاريخ جيد من العمليات التشغيلية والتوزيعات النقدية، بالتالي نجد أن هناك نمواً لافتاً في البورصة في تعاملات هذه الأسهم أدى إلى وتيرة كميات الأسهم المتداولة إلى متوسط 392 مليون سهم يومياً، مقابل تعاملات بمتوسط 122 مليون سهم لعام 2016.توازن النفط
بالطبع، لا يمكن نسيان الأثر غير المباشر لتوازن أسعار النفط العالمية على البورصة، لاسيما أن نمو سعر البرميل محلياً سيخفف من ضغوطات عجز الميزانية واتخاذ قرارات اقتصادية غير منضبطة، مما رفع جانباً من القلق الذي شغل بال المستثمرين خلال العامين الماضيين.عوامل ضغط
تبقى هناك العديد من العوامل، التي تضغط على أداء البورصة في الفترة المقبلة، وأبرزها احتمالات رفع أسعار الفائدة في 2017، بعد أن رفع بنك الكويت المركزي سعر الخصم قبل أسابيع بمعدل ربع نقطة مئوية، مما يرفع من جاذبية الاستثمار في الودائع التي تنامت بنحو 100 في المئة من بداية الأزمة المالية لتبلغ 32.3 مليار دينار، وعدم وجود حلول لعمليات الانسحاب الاختياري من سوق الكويت للأوراق المالية، مما يجعل المستثمرين يخشون استثمار أموالهم في شركات تنسحب من منصة الإدراج لاحقاً، ناهيك عن أن السيولة الموجودة حالياً حكومية المصدر، وتحتاج إلى سيولة أخرى من الشركات والمحافظ لتنويع أطراف الاستثمار وتشابك المصالح في البورصة.