رؤوس الأموال الأجنبية تتصيد فرصـاً استثمارية بالأسواق الناشئة
بحثاً عن عوائد مجزية... والسندات وجهة مفضلة للمستثمرين
إن التدفقات النقدية الداخلة إلى الأسواق الناشئة في أول شهرين من 2017 هي الأعلى في نحو 5 أشهر، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل تدفقات نقدية داخلة في أول شهرين من العام منذ 2013.
منذ مطلع العام الجاري تشهد الأسواق الناشئة موجة من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية في أحدث علامة على بحث المستثمرين عن عوائد استثمارية مجزية.وتشير بيانات على موقع معهد التمويل الدولي، المؤسسة البحثية التابعة لصندوق النقد، إلى بلوغ التدفقات الاستثمارية إلى الأسواق الناشئة منذ مطلع العام الجاري نحو 31 مليار دولار.ووفقا لتلك البيانات فقد بلغ حجم التدفقات في فبراير نحو 17 مليار دولار، في حين بلغ حجم التدفقات في الشهر الأول من العام الحالي نحو 14.1 مليار دولار.
ويقول محللون إن عودة المستثمرين إلى الأسواق الناشئة تأتي في إطار حرصهم للحصول على عوائد أكبر، مع بعض البوادر على استقرار تلك الأسواق وانخفاض حاد في عوائد الاستثمار بالأسواق المتقدمة وهدوء في حدة التطلعات والآمال بشأن السياسات المستقبلية للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب.والتدفقات النقدية الداخلة إلى الأسواق الناشئة في أول شهرين من 2017 هي الأعلى في نحو 5 أشهر، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل تدفقات نقدية داخلة في أول شهرين من العام منذ 2013.ومستوى التدفقات المسجل في فبراير الماضي هو الأعلى منذ يونيو 2016.وفي 2016 بأسره بلغت التدفقات النقدية إلى الأسواق الناشئة، عدا الصين، 192 مليار دولار مقارنة مع نحو 123 مليار دولار في 2015.
سندات الأسواق الناشئة
مع العوائد المرتفعة التي تقدمها السندات في الأسواق الناشئة يبدو هذا الخيار الاستثماري وجهة مفضلة للمستثمرين منذ مطلع العام.وتقول براندا واتفورت، مديرة صندوق استثماري بأدوات الدخل الثابت لدى «باركليز لندن»: «هناك طلب مرتفع على سندات الأسواق الناشئة في الفترة الحالية، مع عوائد جيدة إذا ما تمت مقارنتها بنظيراتها في الأسواق المتقدمة... أضف إلى ذلك عنصر الأمان المرتفع نسبيا».وتتابع واتفورت: «كل ذلك يجعل تلك السندات وجبة شهية في ذلك التوقيت من العام... الجميع يتجاهل نوعا ما المخاطر التي تحدق بتلك الديون إذا ما تحدثنا عن السندات السيادية على وجه التحديد».ويشير تقرير صادر عن بنك التسويات الدولية مطلع الشهر الجاري، اطلعت «أرقام» على نسخة منه، إلى أن الدول الناشئة لديها ديون مقومة بالدولار تبلغ نحو 3 تريليونات دولار مقارنة مع تريليوني دولار في 2009.وزادت كل الصناديق الاستثمارية من مراكزها في ديون الأسواق الناشئة منذ مطلع العام الجاري، بحسب بيانات «إيه.تي.بي.دي.إف» والتي تتبع أداء صناديق المؤشرات حول العالم والتي تابعتها «أرقام».وبلغت أصول صندوق «جي.بي.مورجان» نحو 9.12 تريليونات دولار بزيادة قدرها نحو 4 في المئة منذ مطلع العام الحالي، فيما بلغت أصول صندوق «باور شير. إيميريج نج ماركت بوندز» نحو 3.6 تريليونات دولار بزيادة نسبتها 2.5 في المئة.ويقول جون سامسون محلل أدوات الدخل الثابت لدى مصرف «يو.بي.إس» السويسري إن إقبال المستثمرين على ديون الأسواق الناشئة هو محض بحث عن «عائد أفضل».ويتابع سامسون: «حينما تقارن عوائد تلك السندات مع الأسواق المتقدمة فإن الغلبة ستكون لديون الأسواق الناشئة بكل تأكيد».وتشير بيانات معهد التمويل الدولي إلى أن التدفقات النقدية على ديون الأسواق الناشئة خلال الشهر الماضي بلغت نحو 11 مليار دولار مقارنة مع 4.6 مليارات دولار في يناير.ويستطرد: «حتى مع رفع أسعار الفائدة الأميركية وقوة الدولار ستظل تلك الديون بمثابة الكعكعة الشهية التي يفضلها المستثمرون».وتقدم الأسواق الناشئة في آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية عوائد للسندات تتراوح ما بين 5 -12.5 في المئة بحسب بيانات معهد التمويل الدولي.الصناديق الخاملة
حينما يتعلق الأمر بالاستثمار في الأسواق الناشئة فإن الأسهم تظل خيارا مفضلا لدى المستثمرين أيضا.وتشير بيانات معهد التمويل الدولي إلى أن أسواق الأسهم بالدول الناشئة تلقت تدفقات نقدية تقدر بنحو 6 مليارات دولار الشهر الماضي.وتقول جي بيتر، محللة أسواق المال للأسواق الناشئة لدى كريدي سويس: «عمليات الشراء الجماعية في الأسواق الناشئة تحركها الصناديق الخاملة التي تتحرك بمعزل عن المخاوف الاقتصادية الجيوسياسية... كل ما يبحثون عنه هو الربح».والصناديق الخاملة أو «Passive Funds» هي أحد أنواع الصناديق الاستثمارية التي تتبع مؤشرات شهيرة على غرار «مورغان ستانلي» والذي تتبعه صناديق استثمارية تقدر أصولها بتريليونات الدولارات.وتميل تلك الصناديق إلى ضخ استثمارات في أسواق الأسهم التي تقدم معدلات ربحية أفضل.وتتابع بيتر: «كل ما عليك هو أن تنظر إلى أداء مؤشر شهير على غرار مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة منذ مطلع العام الحالي، لتعرف كيف تتحرك تلك الصناديق نحو ضخ أموالها في تلك الأسواق».وارتفع مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة منذ مطلع العام الحالي بنحو 8.5 في المئة مع إغلاقه عند مستوى 930.5 نقطة.وتختتم: «تسعير الأسهم في الأسواق الناشئة لا يزال دون نظيره في الأسواق المتقدمة، فحتى مع المخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار هناك إذا ما تم رفع الفائدة الأميركية، فإن المستويات السعرية تبقى مغرية للشراء».نظرة مستقبلية
مع استمرار التوقعات باستمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الأسواق الناشئة، إذ يتوقع معهد التمويل الدولي أن تبلغ التدفقات خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 45 مليار دولار، يبدي محللون استطلعت أرقام آراءهم بعض الحذر حيال المستقبل.ويقول فريد هاونغ، محلل الاقتصادات الناشئة لدى «دويتشه بنك»: «هناك الأمور التي يتعين على المستثمرين أن يضعوها نصب أعينهم حيال الأسواق الناشئة في مقدمتها سياسات ترامب الاقتصادية... رأينا كيف تأثرت المكسيك بالسياسات الحمائية التي أبداها ترامب تجاه اتفاقية نافتا».ودعا ترامب إلى فرض ضرائب حدودية جديدة على السلع المصنعة في المكسيك والتي كانت تعبر دون رسوم إلى الولايات المتحدة عبر اتفاقية «نافتا» والتي يعود العمل بها إلى نحو 23 عاما وهو الأمر الذي ترفضه المكسيك جملة وتفصيلا.ويتابع هاونج: «سياسات الفدرالي الأميركي والرفع المنتظر لأسعار الفائدة أيضا عوامل ستلقي بظلالها على الأسواق الناشئة... فالدولار القوي أمر غير جيد لتلك البلدان».وألمحت محافظة الفدرالي الأميركي، جانيت يلين، إلى رفع وشيك لأسعار الفائدة للمرة الأولى خلال 2017 في اجتماع مارس الجاري.ويقول سكوت فورنهام، محلل اقتصادي أول لدى معهد التمويل الدولي: «حينما يتعلق الأمر بالأسواق الناشئة، فإنها لا تتحرك بمعزل أو تعزف منفردة... هناك عوامل تؤثر عليها بكل تأكيد، من بينها سياسات ترامب والفدرالي الأميركي والانتخابات الفرنسية».ويتابع: «ولكن هناك بعض الأسواق على غرار الهند ستظل وجهة استثمارية مفضلة وقد تحافظ على أداء جيد للأسواق الناشئة باستثناء الصين في 2017».وجذبت الهند الشهر الماضي رؤوس أموال أجنبية تقدر بنحو 12 مليار دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي.
حينما يتعلق الأمر بالاستثمار في الأسواق الناشئة فإن الأسهم تظل خيارا مفضلا لدى المستثمرين أيضاً
ارتفع مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة منذ مطلع العام الحالي بنحو 8.5% مع إغلاقه عند مستوى 930.5 نقطة
هناك الأمور التي يتعين على المستثمرين أن يضعوها نصب أعينهم حيال الأسواق الناشئة في مقدمتها سياسات ترامب الاقتصادية فريد هاونغ
ارتفع مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة منذ مطلع العام الحالي بنحو 8.5% مع إغلاقه عند مستوى 930.5 نقطة
هناك الأمور التي يتعين على المستثمرين أن يضعوها نصب أعينهم حيال الأسواق الناشئة في مقدمتها سياسات ترامب الاقتصادية فريد هاونغ