«الأموال العامة»: «مكافحة الفساد» فشلت في كسب الثقة
ضرورة إلحاق الهيئة بمجلس الأمة والترشح لها يكون في جلسة سرية
أكد التقرير النهائي للجنة التحقيق في ملابسات الهيئة العامة لمكافحة الفساد أن الهيئة فشلت في كسب ثقة المواطنين والمسؤولين وأعضاء مجلس الأمة، بسبب احتدام الاختلاف بين أعضاء مجلس الأمناء مما أدى إلى تعطيل أعمال الهيئة.
كشف التقرير النهائي للجنة التحقيق في ملابسات الهيئة العامة لمكافحة الفساد، المنبثقة عن لجنة حماية الأموال العامة البرلمانية، ان اوجه القصور والنزاعات المستمرة بين أعضاء مجلس الأمناء انعكست سلبا على عمل الهيئة، وساهمت في إعاقة تحقيق أهدافها. وقالت "الاموال العامة"، في تقريرها الذي رفعته إلى مجلس الامة، وحصلت "الجريدة" على نسخة منه، إن قانون الهيئة لم يفصح بطريقة واضحة عن اختصاصات مجلس الامناء ودور كل عضو فيه، ما ادى الى الاضطراب وحدوث انقسام في مجلس الامناء الى فريقين متنازعين، الاول يضم الرئيس ونائبه، والثاني يضم بقية الأعضاء، وكل طرف يزعم لنفسه اختصاصات يرى أن القانون كفلها له، ما ادى الى تفجر انشقاق بينهما، خاصة ان كل فريق غرته الاماني المبذولة بأن اللائحة التنفيذية للهيئة ستأتي محققة مبتغاه.وحول حفظ الهيئة العامة لمكافحة الفساد البلاغات المقدمة إليها وأسباب الحفظ والشكوى المقدمة من رئيس الهيئة ضد أعضاء مجلس الأمناء، ومن الأعضاء ضده، اكد التقرير ان اللائحة التنفيذية لقانون الهيئة جاءت متحيزة لفريق الرئيس ونائبه، ما ادى الى انفراد الرئيس بكل الاختصاصات والاستئثار بها مما جعل بقية الاعضاء بلا دور يذكر، ومجرد رقم في مجلس الأمناء مجرد من الصلاحيات والمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات المهمة والمؤثرة، فضلا عن تفرد رئيس الهيئة باختصاصات مجلس الامناء وابرام العقود بالهيئة وابرزها تعيين الموظفين.
وكشفت اللجنة انه ثبت من واقع التحقيقات التي اجرتها عدم وجود ثمة بلاغات تم حفظها على خلاف صحيح القانون.واكد التقرير ان الهيئة فشلت في كسب ثقة المواطنين والمسؤولين واعضاء مجلس الامة، بسبب احتدام الاختلاف بين اعضاء مجلس الامناء مما ادى الى تعطيل اعمال الهيئة.واوصت اللجنة، في تقريرها، بأن تلحق هيئة مكافحة الفساد بمجلس الأمة وتؤدي مهامها واختصاصاتها باستقلالية وحيادية، على أن يكون مجلس الأمناء من يمنحه أشخاص بصدد تعيينهم مرسوم بناء على ترشيح مجلس الامة ويكون ذلك بجلسة سرية.وقالت اللجنة في تقرير: "أحال رئيس مجلس الامة في 2 يناير 2017 موافقة مجلس الامة بجلسته المعقودة 28 ديسمبر 2017 بتكليف لجنة حماية الأموال العامة بالتحقيق في "حفظ الهيئة العامة لمكافحة الفساد البلاغات المقدمة إليها واسباب الحفظ، والشكوى المقدمة من رئيس الهيئة ضد اعضاء مجلس الأمناء، والشكوى المقدمة من اعضاء مجلس ضد رئيسه، والخلافات القائمة داخل المجلس".
الاطلاع على المستندات
وباشرت اللجنة اعمالها كلجنة تحقيق استنادا الى نص المادة 114 من الدستور والمادة 147 من اللائحة، حيث عقدت لهذا الشأن اجتماعين الأول بتاريخ 30 يناير 2017، والثاني 6 فبراير 2017.واضاف التقرير ان اللجنة قامت بالاطلاع على المستندات والمعلومات والقانون رقم 2 لسنة 2016 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد واللائحة المنظمة لعمل الهيئة بالاحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية ولائحته التنفيذية. واتضح للجنة في ضوء ما تم من اجتماعات ومناقشات مع أعضاء مجلس الامناء ودراسة المستندات المقدمة وتحليلها ومتابعة وتحليل انشطة هيئة مكافحة الفساد منذ صدور القانون رقم 2 لسنة 2016 بتاريخ 24/1/2016 ولائحته التنفيذية رقم 300 لسنة 2016 بتاريخ 2/11/2016 اوجه القصور والنزاعات المستمرة بين اعضاء مجلس الامناء والتي انعكست سلبا على سير العمل بالهيئة واعاقة تحقيق اهدافها.واضاف: تبين للجنة بلا ريب ان الهيئة ظلت طوال الفترة ما بين صدور القانون ولائحته التنفيذية شبه مجمدة، ومرد ذلك ان القانون لم يفصح بطريقة واضحة عن اختصاصات مجلس الامناء ودور كل عضو فيه، وأدى ذلك الى ان ساد الاضطراب الذي يجيء حتما في اعقاب الانقسام، اذ انقسم مجلس الأمناء الى فريقين متنازعين متشاكسين، الأول يضم الرئيس ونائبه الذي سار في ركابه والثاني يضم باقي اعضاء المجلس، وكل طرف يزعم لنفسه اختصاصات يرى ان القانون كفلها له، وهذا الموقف فجر الشقاق بينهما والذي لاحت بوادره في الافق منذ اعادة تشكيل الهيئة بعد ان صدر القانون رقم 2 لسنة 2016، الا ان كل طرف لجأ في تلك الفترة الى الملاينة انتظارا الى صدور اللائحة التنفيذية والتي يأمل ان تحمل في طياتها اختصاصات وصلاحيات جاءت غائمة غير واضحة الحدود والمعالم في القانون، الا ان النفوس والحواس ظلت متوترة متحفزة، ورغم ان كل فريق غرته الأماني المبذولة في ان اللائحة التنفيذية ستأتي محققة مبتغاه.واوضح التقرير انه لدى ولادة اللائحة التنفيذية التي صدت بالمرسوم رقم 300 لسنة 2016 بتاريخ 2 نوفمبر لسنة 2016 تبين انها جاءت متحيزة لفريق رئيس الهيئة ونائبه ومتحيزة على حق الفريق الثاني، وبمقتضاها انفرد الرئيس بجل الاختصاصات والاستئثار بها ما جعل باقي اعضاء مجلس الامناء بلا دور يذكر ومجرد رقم في تشكل مجلس الأمناء مجرداً من الاختصاصات والصلاحيات مبعداً عن المشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات المهمة والمؤثرة في عمل اللجنة فأخذوا يدافعون عن حقهم وإيجاد دور فعلي لهم.مخالفات
وقالت اللجنة: ايا كان الرأي في كيفية وضع اللائحة التنفيذية وسواء جاءت من خلف ظهر الفريق المخالف لرئيس الهيئة او جاءت بموافقتهم فإنها انطوت على مخالفات صارخة للقانون لابد من المجاهرة بكلمة الحق في شأنها، والتي ينبغي الا تضيع بين زخرف الحديث، وقد نتج من جراء ذلك آثار ادت الى اعاقة الهيئة عن تحقيق اهدافها تتمثل فيما يلي:- عدم اقرار اللوائح الادارية والمالية والهيكل التنظيمي والوصف الوظيفي ودليل سياسات وقواعد ونظم واجراءات شؤون الموظفين بالهيئة العامة لمكافحة الفساد.- عدم تمكن هيئة مكافحة الفساد من مزاولة انشطتها ومهامها ومسؤوليتها المنوطة بها بموجب قانون إنشائها في ظل جو مشحون بالتوتر المشاحنات.- عدم اقرار اللائحة الداخلية لمجلس الأمناء.- عدم عقد اجتماعات لمجلس الامناء للنظر في الموضوعات التي تتصل بعمل هيئة مكافحة الفساد وتدخل في اختصاص مجلس الأمناء منذ اصدار قانونها في يناير 2016 وبعد إصدار اللائحة التنفيذية للقانون.- انعدام اوجه التعاون بين أعضاء مجلس الأمناء المنقسم الى فريقين، فضلا عن حجب المعلومات والقرارات من قبل الفريق الذي يضم الرئيس ونائبه عن باقي اعضاء مجلس الأمناء، والتي لها تأثير على اقرار الحساب الختامي للهيئة، إضافة الى عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمناء من جانب الرئيس وحفظها دون اجراء.- انفراد رئيس الهيئة باختصاصات مجلس الأمناء وإبرام العقود الخاصة بالهيئة وأبرزها عقود تعيين الموظفين، وكذلك انفراده بتشكيل بعض لجان العمل بالمخالفة للمادة العاشرة من القانون 2 لسنة 2016 وعدم إشراك أعضاء مجلس الأمناء الذي ادى الى تفاقم الانقسام داخل المجلس.- الاسراف في ندب الموظفين والمستشارين والاستعانة بهم دون اخذ رأي او موافقة مجلس الأمناء او العرض عليه رغم تعلق ذلك بمسألة اعداد الميزانية الداخلة في صميم اختصاصات مجلس الأمناء وعدم ذكر اسماء بعضهم.- انعدام جو الالفة داخل الجهاز التنفيذي بالهيئة مما القى بظلاله على اداء الموظفين وانعكاسه سلبا على سير العمل وتقديم البعض منهم استقالته.- وجود قصور في معالجة العديد من الجوانب الإجرائية وتحديد الصلاحيات ومنها الخاصة بالتصرف في البلاغات التي تقدم للهيئة سواء بالإحالة للنيابة العامة او الحفظ ايا كانت الأسباب والجهة المختصة بإصدار قرارات التصرف.- ثبت للجنة من واقع التحقيقات التي اجرتها عدم وجود ثمة بلاغات قد تم حفظها على خلاف صحيح القانون.واكد التقرير ان احتدام اوجه الاختلاف بين اعضاء مجلس الامناء على نحو عطل اعمال الهيئة وتسبب في تأخر صدور اللوائح اللازمة لعملها وتعثر نشاطها وفشلها في كسب ثقة المواطنين والمسؤولين واعضاء مجلس الأمة، والتي بلغت ذروتها في تقديم خمسة اعضاء من مجلس الأمناء مقترحا موجها لوزير العدل بتطبيق المادة 9 من القانون رقم 2 لسنة 2016 على رئيس هيئة مكافحة الفساد، مما حدا بوزير العدل الى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بموجب القرار رقم 4 لسنة 2017 بتاريخ 12/1/2017 والتي انتهت بتقديم تقريرها بتاريخ 7/2/2017.