الفرنسيون لاختيار الرئيس الـ 11 وسط تشديدات أمنية وعزوف
● أقاليم ما وراء البحار تفتتح الدورة الأولى... والصمت الانتخابي أخفى تداعيات «هجوم الشانزليزيه»
● ماكرون متأرجح وتشكيك في بلوغ لوبن الجولة الثانية
● هولاند يُطمئن الناخبين بـ57 ألف عسكري
يصوت الناخبون الفرنسيون اليوم في الجولة الأولى لاختيار الرئيس الحادي عشر للجمهورية الخامسة، وسط تشديدات أمنية وقلق من وقوع اعتداءات رغم احتدام السباق الذي يبدو منحصراً بين 4 من المرشحين في مقدمتهم الوسطي إيمانويل ماكرون، واليمينية المتطرفة مارين لوبن، في حين لم يعرف أثر الاعتداء الإرهابي الذي وقع وسط باريس على توجه الناخبين وحالة العزوف المتوقعة.
وسط توقعات بعزوف كبير وتشديدات أمنية غير مسبوقة فرضها الاعتداء الإرهابي على جادة الشانزليزيه بالعاصمة باريس والذي تبناه تنظيم «داعش»، يتوجه الفرنسيون اليوم لاختيار الرئيس الحادي عشر للجمهورية الخامسة من بين 11 مرشحاً. ودُعي نحو 47 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ثم في الدورة الثانية 7 مايو، لاختيار من يخلف الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند. وقبل يوم واحد من إجراء الاستحقاق الأهم، توجه الناخبون في بعض الأقاليم الفرنسية في أراضي ما وراء البحار إلى مراكز الاقتراع، أمس، للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
وفتح أول مراكز الاقتراع في جزيرتي سان بيير وميكلون الصغيرة، قبالة الساحل الشرقي لكندا، الى جانب مناطق ناطقة بالفرنسية في أميركا الجنوبية والكاريبي، من بينها مقاطعة جويانا ومارتينيك وبولينيسيا الفرنسية.
احتدام وتأمين
ومع انتهاء الحملات الانتخابية رسمياً ليل الجمعة- السبت ودخول فترة الصمت الانتخابي أمس، أظهر آخر استطلاعات الرأي احتدام المنافسة في الجولة الأولى من الانتخابات التي تجرى اليوم. وسيتواجه المرشحان اللذان يحلان في طليعة نتائج الدورة الأولى في الدورة الثانية 7 مايو المقبل.وأشار معظم استطلاعات الرأي إلى أن مرشح الوسط إيمانويل ماكرون يتفوق قليلا على زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، ويليهما المرشح المحافظ فرانسوا فيون ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلينشون.وفي ظل أجواء من التوتر والقلق الأمني، دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، الذي قرر عدم الترشح لولاية ثانية، مواطنيه للتوجه إلى صناديق الاقتراع، مؤكدا أنه سيتم عمل كل شيء لتأمين الاقتراع مع نشر 50 ألف شرطي ودركي وسبعة آلاف عسكري.عزوف وترقب
وتوقعت استطلاعات الرأي أن تشهد الانتخابات الفرنسية عزوفا لافتا بين الناخبين، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة لن تتجاوز 25 في المئة.وألقى هجوم شارع الشانزليزيه، الذي أوقع قتيلا في صفوف الشرطة مساء الخميس، بظلاله على آخر أيام الحملة الانتخابية، ودفع قضية الأمن القومي إلى صدارة اهتمامات المترشحين، في وقت اتهمت الحكومة استغلال لوبن وفيون الاعتداء بأنه لكسب أصوات انتخابية.وساد ترقب شديد عشية الدورة الأولى من انتخابات غير محسومة النتائج في وقت لا يزال ربع الناخبين مترددين، وتوحي المؤشرات إلى امتناع نسبة كبيرة منهم عن التصويت في الانتخابات التي ستكون أشبه بـ»مباراة رباعية» وسط منافسة حامية بين الوسطي ماكرون وزعيمة اليمين المتطرف لوبن والمحافظ فيون وممثل اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون.غموض وبلبلة
وأضافت عملية إطلاق النار التي جرت مساء الخميس الماضي واستهدفت عناصر من الشرطة بجادة الشانزلزيه وسط العاصمة، بلبلة على نهاية الحملة الانتخابية، وأعادت إلى الاذهان الخوف من الإرهاب في بلد واجه سلسلة اعتداءات بلغت حصيلتها 239 قتيلا منذ مطلع 2015.لكن فترة الصمت الانتخابي التي دخلت بعد يوم واحد من الهجوم وحظرت على وسائل الإعلام نشر أي استطلاعات للرأي، أحاطت «الارتدادات السياسية» للهجوم على توجه الناخب الفرنسي بالغموض، واكتفت الصحف الصادرة أمس بطرح تساؤلات، ولفتت صحيفة «لوباريزيان» إلى وقوع اعتداءات سابقة تسببت بتأهل زعيم اليمني المتطرف جان ماري لوبن للدورة الثانية عام 2002 وأوقفت حملة 2012.وأبرزت صحيفة «لوفيغارو» صعوبة التكهن بنتائج الانتخابات رغم أن 75 في المئة من الناخبين حسموا خيارهم، مشيرة إلى استفادة لوبن من «إرادة الإطاحة بالمنظومة السياسية الحالية» لدى الناخب الفرنسي، غير أنها شككت في فرضية تأهل لوبن «المحسوم» للجولة الثانية نظرا لكون حزبها مازال يعتبر خطرا بالنسبة للفرنسيين.مواقف
وبدا موقف ماكرون، الذي يمثل أملا بالتجدد، متأرجحا، وخاصة أن برنامجه الداعي لتخطي الانقسام التقليدي بين اليمين واليسار «قد يحبط بعض الناخبين» بحسب «لوفيغارو».وندد ماكرون، الذي يأمل الاستفادة من الرغبة في التجديد التي أعرب عنها الفرنسيون، بـ»إضعاف الاستخبارات» الداخلية الفرنسية بفعل إلغاء وظائف، في انتقاد موجه إلى فيون رئيس الوزراء السابق في عهد نيكولا ساركوزي (2007-2012) بعد ساعات من وقوع اعتداء الشانزليزيه.من جهته، أبدى فيون، الذي أضعفته فضيحة وظائف وهمية استفاد منها أفراد من عائلته، تصميمه على التصدي للارهاب بـ»قبضة من حديد».وتثير امكانية فوز لوبن وزعيم «فرنسا المتمردة» ميلانشون، وكلاهما من كبار منتقدي الاتحاد الأوروبي ويدعوان إلى الخروج منه في حال عدم تعديل طريقة عمله، مخاوف العديد من المسؤولين السياسيين في أوروبا وخارجها. ويأتي الاقتراع في وقت تواصل السلطات الفرنسية تحقيقاتها حول اعتداء الشانزليزيه. ووقع الهجوم بعد أيام على توقيف رجلين في مرسيليا بجنوب فرنسا للاشتباه بتخطيطهما لتنفيذ اعتداء.كما يأتي اعتداء الشانزيليزيه بعد عدة اعتداءات شهدتها أوروبا في الأسابيع الأخيرة وأوقعت خمسة قتلى في لندن و15 قتيلا في سانت بطرسبرغ و7 في ستوكهولم.الجولة الحاسمة في 7 مايو وانتخابات البرلمان 11 يونيو
من أصل 11، سيتنافس المرشحان، اللذان سيحصلان على أكبر عدد من الأصوات، في جولة إعادة حاسمة يوم 7 مايو المقبل، على أن يتولى الفائز في المرحلة الثانية مهام منصبه، باعتباره الرئيس الحادي عشر للجمهورية الخامسة الفرنسية، التي بدأت عام 1958، مدة خمس سنوات.ويتصدر 4 مرشحين استطلاعات الرأي، ولو بفارق ضيق جداً، وهم: مارين لوبن (48 عاما) عن حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، وفرنسوا فيون (63 عاما) عن حزب «الجمهوريون» اليميني، وإيمانويل ماكرون (39 عاما) عن حزب «إلى الأمام» الوسطي، وجان لوك ميلانشون (65 عاما) زعيم اليسار الراديكالي ممثلا «فرنسا المتمردة»، وقد تخطى هؤلاء المرشحون الأربعة الاشتراكي بونوا آمون (49 عاما).والمرشحون الآخرون هم نيكولا دوبون تينيان (56 عاما)، وجاك شوميناد (75 عاما)، وفرنسوا اسولينو (59 عاما) وهم من التيار السيادي، والتروتسكيان ناتالي أرتو (47 عاما)، وفيليب بوتو (50 عاما)، والنائب والراعي السابق جان لاسال (61 عاما).ووفقاً للدستور الفرنسي يتعين أن يتمتع المرشح الرئاسي بالجنسية الفرنسية، وألا يكون ممنوعاً من ممارسة حقوقه المدنية. وأن يكون عمره 18 سنة على الأقل عند تقديم أوراق ترشحه لخوض الانتخابات، وأن يكون مسجلا في القوائم الانتخابية.ويشترط أن يعلن المرشح ممتلكاته، ويكون له حساب بنكي خاص بالحملة الانتخابية، والحصول على 500 توقيع من أعضاء البرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) أو المسؤولين المحليين المنتخبين.وعقب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية تبدأ جولة انتخابات تشريعية في الشهر التالي لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية، وهي مجلس النواب في البرلمان في 11 و18 يونيو المقبل.الانتخابات الفرنسية... معلومات وأرقام
ينتخب الرئيس الفرنسي بالاقتراع العام المباشر على مرحلتين مع نظام يعتمد الأغلبية المطلقة، وذلك لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.وينبغي أن يحصل المرشح على الأغلبية المطلقة من الأصوات التي يتم الإدلاء بها في دورة أو دورتين للفوز، أيا كانت نسبة المشاركة في التصويت.ومن الممكن لمرشح أن يفوز في الجولة الأولى بحصوله على أكثر من 50 في المئة من الأصوات الصحيحة، لكن حدث ذلك فقط مرة واحدة، ويبدو أن الأمر مستبعد هذا العام. ولم ينتخب أي مرشح من الدورة الأولى منذ اعتماد فرنسا نظام الاقتراع العام المباشر عام 1962.ولا تعترف فرنسا بالبطاقات البيضاء التي يبدي الناخبون من خلالها رفضهم الاختيار بين المرشحين. وعملا بقانون صادر عام 2014، يتم احتساب البطاقات البيضاء على حدة، بمعزل عن البطاقات اللاغية، وتدرج بصفتها تلك في محاضر مكاتب التصويت، غير أنه لا يتم الأخذ بها لدى احتساب الأصوات.وتعد انتخابات هذا العام الأولى في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت إثر اعتداءات إرهابية 13 نوفمبر 2015. وتفتح مكاتب التصويت الـ66546 في فرنسا أبوابها اليوم في الساعة 8.00 صباحا بالتوقيت المحلي حتى السابعة مساء، بتأخير ساعة عن الانتخابات الرئاسية السابقة. وتبقى مكاتب التصويت مفتوحة في بعض المدن الكبرى حتى الثامنة مساء.ويحظر القانون الفرنسي نشر أي نتائج باستثناء تلك المتعلقة بنسب المشاركة، قبل انتهاء عمليات التصويت، لتفادي التأثير على الناخبين.
الرؤساء السابقون
● 2012-2017 فرنسوا هولاند (اشتراكي).● 2007-2012: نيكولا ساركوزي (يمين).● 1995-2007: جاك شيراك (يمين)، وكانت ولايته الأولى سبع سنوات، والثانية خمس سنوات بعد تخفيض مدة الولاية الرئاسية.● 1981-1995: فرنسوا ميتران (اشتراكي) حكم ولايتين من سبع سنوات.