الوافدون... والمزايدات الانتخابية

نشر في 07-05-2017
آخر تحديث 07-05-2017 | 00:15
إفتتاحية
إفتتاحية
الحديث عن التركيبة السكانية المختلة كان دائماً أحد أوجه الإصلاح الاقتصادي في الكويت، إلا أنه شتان ما بين تعديل التركيبة وما يطرحه بعض النواب من اقتراحات تمثل ضغطاً على الوافدين، يمكن أن تتحول نتائجه غير المباشرة إلى أزمة في مكونات تلك التركيبة وتفاصيلها.

نقول هذا في وقت تتزايد المقترحات النيابية التي تستهدف شريحة الوافدين في الكويت وتحمّلهم عبء سداد فاتورة العجز المالي، مما خلق حالة من الذعر في السوق، بفعل إحجام العديد من الوافدين عن الإنفاق، حتى بات القلق والخوف من المستقبل هو هاجسهم، وهي انطباعات أضرت بالنشاط الاقتصادي في السوق، وتحديداً في محلات التجزئة وأصحاب المشاريع الصغيرة.

الانتخابات البرلمانية انتهت، كما أن المحكمة الدستورية حصنت هذا المجلس، وبالتالي فإننا نستغرب تقديم تلك المقترحات الشعبوية غير المدروسة التي لو طُبِّقت لباتت أضرارها أكثر بكثير من فائدتها، فمثلاً أول الأضرار الناجمة عن فرض ضريبة على تحويلات الوافدين يتمثل في خلق سوق سوداء لتحويل الأموال إلى الخارج، فضلاً عن أن استمرار التضييق غير المدروس على هؤلاء الوافدين سيؤدي حتماً إلى اتجاه العمالة الماهرة منهم إلى دول الخليج الأخرى، ولن يتبقى لنا حينئذ سوى العمالة الهامشية المحدودة الكفاءة والمتدنية القدرات، لتُشكِّل مجتمعاً من العزاب، بكل ما له من آثار سلبية اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.

ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن استهداف الوافدين سيؤدي إلى الإضرار بالمواطنين أنفسهم، إذ سيحمّل أصحاب الدخل المتحرك «الوافدون» الذين يرتبط معظمهم بأعمال حرة صغيرة في قطاعات البناء والصيانة والتجزئة جانباً كبيراً من التكاليف الجديدة المفروضة عليهم، لأصحاب الدخل الثابت، أي الموظفين، وجُلُّهم من المواطنين في القطاعين العام والخاص، وبالتالي فإن الضغوط التضخمية ستصيب السوق كله دون أن تُفرِّق بين مواطن ووافد، وعندئذ يصبح الحديث الانتخابي عن عدم المساس بجيب المواطن خالياً من أي معنى.

المطلوب من نواب المجلس، بدلاً من المقترحات الانتخابية، تقديم حلول اقتصادية بعيدة عن المزايدات والتكسب، والواجب أن نتعامل مع المستهلك بغض النظر عن جنسيته، وأن يكون التركيز دائماً على خلق فرص في الاقتصاد لا على جباية الأموال، والتعاطي مع حلول التركيبة السكانية وفقاً لنماذج محددة لا تعسُّف فيها ولا سطحية، لأن التعامل مع المسائل الاجتماعية الحساسة وفق آليات غير ناضجة ستكون آثاره على الكويت ومواطنيها، وكذلك على سمعتها، مدمرة في المستقبل.

* الجريدة

back to top