العلاقات الأميركية ـــ الهندية... حان وقت المراجعة

نشر في 24-05-2014 | 00:01
آخر تحديث 24-05-2014 | 00:01
No Image Caption
إن العلاقات الأميركية–الهندية عانت تراجعاً منذ عقود وبشكل أبعد من حادث شهر ديسمبر الماضي عندما أفضى اعتقال وتفتيش ديفياني خوبراغيد، وهو دبلوماسي هندي يقيم في نيويورك إلى دفع العلاقات إلى أزمة عميقة.
 MICHAEL KUGELMAN وضعت نتيجة الانتخابات الهندية الوطنية الأخيرة التي أفضت إلى انتصار بارز لحزب بهاراتيا جاناتا المعارض الولايات المتحدة في موقف صعب ومحرج، وسوف يصبح رئيس الحزب ناريندرا مودي عما قريب رئيساً للوزراء في الهند. ففي سنة 2005 ألغت واشنطن تأشيرة دخول له إلى الولايات المتحدة متذرعة بقانون يحظر زيارة مسؤولين أجانب توجه إليهم مسؤولية انتهاكات صارخة للحريات الدينية، وكان مودي وهو الوزير الرئيسي في ولاية غوجارات قد اتهم بعدم عمل ما يكفي من أجل وقف أعمال شغب طائفية مهلكة في سنة 2002 خلفت ما لا يقل عن 1000 قتيل معظمهم من المسلمين.

وكما كان متوقعاً انهمكت واشنطن ونيودلهي في استعراض مضاعفات فوز حزب بهاراتيا جاناتا على العلاقات الأميركية–الهندية التي تأثرت بشدة في الأشهر الأخيرة، وعلى أي حال فإن مثل هذا الحديث يغفل نقطة أكثر أهمية، فعلى الرغم من اللغة البلاغية حول شراكة أعمق في السنوات الأخيرة فإن العلاقات الأميركية–الهندية عانت تراجعاً منذ عقود وبشكل أبعد من حادث شهر ديسمبر الماضي عندما أفضى اعتقال وتفتيش ديفياني خوبراغيد، وهو دبلوماسي هندي يقيم في نيويورك إلى دفع العلاقات إلى أزمة عميقة.

العلاقات الثنائية بين البلدين كانت عميقة طوال فترة الحرب الباردة عندما وقعت الهند معاهدة صداقة مع موسكو، كما أن الإصلاحات الليبرالية في الهند خلال مطلع التسعينيات من القرن الماضي أبرزت حقبة من العلاقات الأفضل، ولكن مع استمرار عدة عقود من عدم الثقة والعداء.

ولا تشعر نيودلهي بارتياح إزاء جهود الولايات المتحدة الرامية إلى تعميق علاقاتها مع باكستان، ويتهم كل طرف الآخر بتحسين سياسات حماية وتطويرها، وفي سياق أوسع تعتقد نيودلهي أن الولايات المتحدة تخفق في تقدير نفوذ الهند الصاعد عالمياً حتى مع رغبة واشنطن في أن تقوم الهند بالمزيد من أجل تحسين الاستقرار الإقليمي.

وعلى الرغم من ذلك فإن هذا لم يمنع البلدين من السعي إلى إقامة علاقات أوثق، وفي السنوات التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر تحدث الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ عن شراكة استراتيجية، واعتبرا اتفاقية سنة 2008 النووية حجر الزاوية في هذا التقارب الأوثق، وفي وقت لاحق أعرب الرئيس باراك أوباما عن اعتقاده أن العلاقات بين الولايات المتحدة والهند سوف تمثل واحدة من الشراكات المحددة في القرن الحادي والعشرين.

ولم تكتمل تلك الطموحات، وتقلص أثر الاتفاق النووي بين البلدين لأن الشركات الأميركية كانت تعتقد أن الهند توفر حماية قانونية غير كافية، ثم حاول باراك أوباما استعادة حسن النية من خلال مبادرات رمزية، وكان أول عشاء رسمي له مع سينغ، وفي سنة 2010 صادق على فكرة حصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي. ولكن عوامل أخرى– بما في ذلك التورط الأميركي الموسع في أفغانستان وحادثة الدبلوماسي الهندي خوبراغيد– عطلت الجهود الرامية إلى تحقيق علاقات أعمق.

لقد حان الوقت من أجل خفض التوقعات والبدء بالاعتراف بوجود عقبات وعوائق والتوقف عن الحديث حول شراكة استراتيجية بين الجانبين، ولكن لا يهدف هذا الى تقليص أهمية العلاقات الثنائية، وسوف يكون من السخف أن تستخف واشنطن بأكبر ديمقراطية في العالم، كما أن الهند والولايات المتحدة تتشاطران قيماً جوهرية ومصالح استراتيجية (بما في ذلك القلق المتبادل إزاء النزعة العسكرية في باكستان وصعود الصين).

وإضافة إلى ذلك هناك قصص نجاح في العلاقات الثنائية، وهي تشمل العلاقات الاقتصادية القوية، والتعاون البحري و3 ملايين هندي أميركي في الشتات.

وفي حقيقة الأمر فإن وجود حكومة بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا يمكن أن تسهم في إنعاش العلاقات الأميركية–الهندية، وكان مودي أشار إلى البلدين على شكل حليفين طبيعيين، ومع ما عرف عنه كمصلح اقتصادي قوي وجريء فهو مؤهل تماماً للتغلب على التوترات ذات السمة التجارية في العلاقات بين البلدين، ولكن على الرغم من ذلك سوف تستمر ذيول حادث تأشيرة الدخول ونقمة مودي إزاءها.

وقد أشار مسؤولون أميركيون إلى أن مودي مثل أي رئيس وزراء لن يتعرض إلى أي مشاكل حول زيارة الولايات المتحدة، ومع هذا وبغية الانطلاق على المسار الصحيح يتعين على واشنطن إزالة كل العوائق الشكلية بما في ذلك زيارة وفد دبلوماسي رفيع المستوى إلى نيودلهي.

والأكثر أهمية قيام الولايات المتحدة بتعيين سفير جديد في الهند (استقالت نانسي باول هذه السنة)، ويجب أن يتمتع السفير المقترح من الأسماء البارزة بسمعة مؤيدة للهند تماماً، مثل نيكولاس بيرنز الذي أجرى المفاوضات المتعلقة بالاتفاق النووي.

التوقيت ملائم لعملية مصالحة، وقد أبرزت زيارة الرئيس أوباما الأخيرة إلى آسيا التزام البيت الأبيض المستمر إزاء إعادة التوازن في تلك المنطقة، والتوسع لمواجهة ازدياد نفوذ الصين الإقليمي، وتأكيد المصالح الأساسية بين الولايات المتحدة والهند، وإضافة إلى ذلك فإن الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان سوف يخلق مجالاً استراتيجياً لإشراك أفضل للهند التي كانت في السنوات الأخيرة ضحية الجهود الاستراتيجية من قبل "أفباك" التي تهيمن الولايات المتحدة عليها.

ليس قدر الولايات المتحدة والهند العمل مثل شريكين استراتيجيين، وعلى الرغم من ذلك يتعين عليهما التمتع بعلاقات جيدة وسليمة بغض النظر عن الجانب الموجود في سدة الحكم.

 

back to top