تناقضات صارخة في قانون «العمالة المنزلية»
• عدد العمالة المنزلية في الكويت يزيد على 600 ألف يحتاجون إلى تنظيم عصري بلا مجاملة
• هل تهدف الشركة المقترحة إلى الربح أم لا؟ والإجابة بوضوح تحدد طريقة تأسيسها
• هل تهدف الشركة المقترحة إلى الربح أم لا؟ والإجابة بوضوح تحدد طريقة تأسيسها
التنظيم المطلوب لا تضعه اجتهادات فردية مهما أخلصت، ولا يشرع بمداولة ساعة ومجاملة جماعة مهما حسنت النوايا. والتشريع المقصود الذي نتطلع إليه يجب أن يستند إلى المعرفة والخبرة، وإلى المشاركة في الرأي والمشورة مع منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة والجمعيات النسائية منها على وجه الخصوص.
في جلسة الثلاثاء الماضي، وافق مجلس الأمة في المداولة الأولى على مقترحين بقانونين في شأن "العمالة المنزلية"، أولهما قانون تنظيمي أنجزته لجنة الشؤون الصحية، وثانيهما يتعلق بإنشاء شركة مساهمة مقفلة للعمالة المنزلية أنجزته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية.ورغم أن الخلاف، الذي شهدته الجلسة المذكورة بين مقدمي المقترحين، كان مرتفع الحرارة والصوت، فإننا لن نحاول التعرف على أسبابه، فهدفنا من هذه العجالة يقتصر على طرح التساؤلات التي تساعدنا في الوصول إلى تشريع رصين المعالجة والفعل، لا تعيبه العجلة ولا يحرفه الانفعال.لا ينكر أحد أن العمالة المنزلية في الكويت، والتي يقارب عددها ستمئة ألف مقيم، بحاجة إلى تنظيم عصري ينطلق من منظور مستقبلي، وينسجم مع الرؤية الاستراتيجية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ويستطيع أن يبين بوضوح حقوق وواجبات هذه العمالة بما يراعي أوضاع المجتمع من جهة، وبما يحترم حقوق الإنسان من جهة ثانية، وبما يدفع عن الكويت ما يوجه إليها من اتهامات في هذا الصدد من جهة ثالثة واهم. فمثل هذه الاتهامات - ظالمة كانت أم محقة- لا تليق أبداً بدولة مثل الكويت تفخر بقائدها الإنساني، وتحفل بالرواد في مضمار البر والعطاء، وتستمد قيمها من التزام ديني عميق وتراث حضاري عريق، والتنظيم المطلوب الذي نتكلم عنه لا تضعه اجتهادات فردية مهما أخلصت ولا يشرع بمداولة ساعة ومجاملة جماعة مهما حسنت النوايا. والتشريع المقصود الذي نتطلع إليه يجب أن يستند إلى المعرفة والخبرة، وإلى المشاركة في الرأي والمشورة مع منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة، والجمعيات النسائية منها على وجه الخصوص.من هذا الإقرار بالحاجة إلى تنظيم العمالة المنزلية، والشروط التي يجب أن تتوفر لوضع هذا التنظيم في صيغة تشريعية واضحة وشاملة وناجعة، نطرح تساؤلاتنا حول المقترحين اللذين أقرهما مجلس الأمة بالمداولة الأولى في الأسبوع الماضي.لماذا كل هذا التسرع بعد طول سكوت؟ وما الذي يمنعنا أو يضرنا إذا تريثنا مدة محددة، تقوم أثناءها جهة علمية محلية بإعداد دراسة وافية عن موضوع تنظيم العمالة المنزلية تكون منطلقاً لتشريع شامل في هذا الصدد؟ ويكفينا دلالة على التسرع أن المقترحين - بعد ثلاثة أيام من إقرارهما- قدمت اقتراحات بأكثر من اثني عشر تعديلاً عليهما. لماذا هذا التعمد الواضح لحصر الاطلاع على المقترحين في أضيق دائرة ممكنة، وهذا التسابق لسرعة إقرارهما دون أي مشاورات مع جهات الاختصاص؟كيف ندعو إلى تأسيس شركة بأموال عامة (بالمعنى الحقيقي للكلمة وبصرف النظر عن التخريج القانوني) وخطة الدولة ورؤيتها وخطاباتها كلما تدعو إلى الخصخصة؟ ولماذا يدفع المواطنون كلهم ثمن الإخفاق في الرقابة الصحيحة والفاعلة على مكاتب استقدام العمالة المنزلية؟كيف توافق وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل على أن يكون اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية أكبر مساهمي الشركة المقترحة، وهي التي تدعو، بكل صراحة، إلى تخصيص هذه الجمعيات؟كيف نقر مقترحين اثنين في موضوع واحد، ونحن نعلم ما بين المقترحين من تعارض أو عدم انسجام؟نص مقترح شركة للعمالة المنزلية على توزيع أسهم هذه الشركة المساهمة المقفلة بين جهات رسمية محددة، كيف نسمي هذه الجهات بنص القانون، وهي التي رهنت مساهمتها بالجدوى الاقتصادية للشركة، علماً بأن مثل هذه الجدوى لم تدرس أصلاً؟اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية مثله مثل غرفة التجارة والصناعة، واتحاد الصناعات، واتحاد المصارف، واتحاد شركات الاستثمار، واتحاد العمال، والجمعية الاقتصادية، ليس تاجراً ولا يحق له مزاولة العمل التجاري، فكيف يكون أكبر مؤسسي الشركة المقترحة علماً بأن تأسيس الشركات يعتبر - بحكم القانون- عملاً تجارياً؟يقول أصحاب اقتراح إنشاء الشركة المختصة باستقدام العمالة المنزلية، إنها لا تهدف إلى الربح بينما يخلو نص القانون المقترح من أي إشارة إلى ذلك، فهل هي شركة تجارية أم أنها شركة لا تهدف إلى الربح، علماً بأن الشركات التي تستهدف الربح والتي نصت عليها المادة الثالثة من قانون الشركات 25/12/2012 وتعديلاته تجعل لتأسيس هذه الشركة صيغة مختلفة تماماً عن شكل تأسيس شركة المساهمة المقفلة الهادفة إلى الربح.إن كل ما نقصده من هذا المقال هو أن ندعو مجلس الوزراء ومجلس الأمة معاً إلى إعطاء هذا الأمر حقه من الوقت والبحث، ومن المشورة والاهتمام، ذلك أن تنظيم إقامة وعمل وحقوق وواجبات أكثر من ستمئة ألف مقيم يسكنون في بيوتنا يستحق منهم جميعاً أكثر من ساعة مداولة، وأعمق من تشريع مجاملة.