حذّر عدد من خبراء مشروع «غراس» لمكافحة المخدرات من أن التدليل الزائد أو قسوة الوالدين قد يدفعان الأبناء إلى أتون تعاطي المخدرات.

وقال المعالج النفسي، عضو فريق حماية الشباب من المخدرات، علي السلطان، في تصريح ل «كونا» اليوم، إنه «ليس هناك مدمن بالمصادفة، إنّما هناك استعداد نفسي ذاتي لتقبّل التعاطي»، مبينا أنه توجد أسباب وعوامل متعددة قد تؤدي مجتمعة أو متفرقة الى الانجراف نحو الإدمان.

Ad

وذكر السلطان، وهو مدرب معتمد في «غراس»، أن أسباب الإدمان كثيرة، أبرزها الجانب البيولوجي، حيث تذكر بعض المصادر والأبحاث أن الأب أو الأم المتعاطيين قد يتعرّض أولادهما للتعاطي بنسبة 50 بالمئة، كما أن أسلوب الوالدين في التربية ما بين تدليل زائد وتوفير الرغبات، وبين قسوة الوالدين وعدم التعرف على احتياجات الأبناء، قد يؤدي الى نتائج عكسية غير متوقعة.

ولفت الى أن أغلب المتعاطين يبدأون التعاطي بسبب حماس الشباب وأصدقاء السوء، علاوة على أسباب أخرى قد تكون متعلقة بالحالة النفسية أو الاكتئاب، كما أن حب الاستطلاع والمغامرة والتجربة أمور قد تدفع الشاب أو الشابة الى الوقوع بها، ومن الممكن أن تكون تجربة واحدة كافية للغرق وعدم التمكن من الخروج منها.

وأكد السلطان أن المشكلات الموجودة في المجتمع من بطالة ومشكلات اقتصادية واضطرابات سياسية لها دور كبير في اللجوء الى التعاطي، علاوة على عدم تغليظ العقوبة القانونية.

من جانبها، قالت المديرة التنفيذية ل «غراس تك»، (وهو أحد المشاريع المنبثقة عن «غراس»)، منى الصقر، ل «كونا»، إن العلماء يقسّمون المخدرات حسب تأثيرها إلى مهبطات ومنشطات ومهلوسات، ولكل من هذه التقسيمات تأثيره المختلف على الحالة النفسية والعقلية، لكنها تتشابه في الضرر والتدهور الذي يصيب الحالة النفسية والعقلية.

وبيّنت الصقر أن معظمها يؤدي إلى حدوث تغيير في تركيبة الدماغ، إضافة إلى حدوث خلل في الطريقة التي يعمل بها، وظهور العديد من السلوكيات السلبية على متعاطي المخدرات، مثل سرعة الاضطراب والشعور الدائم بالقلق أو الاكتئاب، وكذلك زيادة عدوانيته ومشاكل في التفكير ونوبات هلع وانعدام التنسيق والانفعال أو التغييرات المزاجية.

وأشارت أيضاً إلى مشكلات في التركيز أو التفكير بوضوح ومشاكل في الذاكرة والشعور بالبهجة والثقة المُبالغ فيها، والتحدث بسرعة أو بتشوّش والعصبية أو القلق أو البارانويا واضطراب الوعي وارتفاع درجة الانتباه والأرق وانخفاض الشعور بالألم.

وحول مراحل العلاج النفسي والصحي للمدمن، قالت الصقر إن رحلة علاج الإدمان تشتمل على 4 مراحل، هي العلاج الطبي، ويشتمل على علاج أعراض الانسحاب (تطهير الجسم من السموم) وعلاج الأمراض المرتبطة بالإدمان، والمرحلة الثانية هي العلاج النفسي، وهو علاج نفسي فردي وعلاج نفسي جماعي وعلاج تبصيري وسلوكي معرفي، يتمّ من خلاله تعديل الأفكار وتصحيح صورة الذات وتعليم سلوكيات جيدة.

وأضافت أن ثالث أنواع العلاج هو التأهيل والدمج المجتمعي، ويشمل مجموعة من الإجراءات تتم بهدف الوصول بالمريض إلى أفضل مستوى من الحالة الجسمية والنفسية لإعادته إلى المجتمع.

وأشارت إلى أن النوع الرابع هو الوقاية من الانتكاسة، وهي إجراء علاجي يستخدم مع معتادي المخدرات أثناء فترة الانقطاع لإعدادهم لمواجهة الهفوات أو الكبوات التي تؤدي إلى الانتكاسة.

بدورها، قالت القائمة بأعمال الموجهة الفنية بوزارة التربية، المدربة المعتمدة في «غراس»، وضحة الثويني، ل «كونا»، إن المتعاطي يمرّ بمراحل مختلفة حتى يصل الى مرحلة الإدمان، حيث يبدأ بمرحلة التجربة والمغامرة، ثم تتكون لديه العادة في التعاطي بظروف معيّنة، وبعدها يتعاطى، لأنّ المخدر يشعر بشيء من النشوة والمشاعر الإيجابية الكاذبة.

وحذّرت من أن الخلافات الأسرية والتفكك الأسري والانفصال الذي ينتج عنه ضياع الأولاد بين الطرفين وعدم وجود متابعة أو اهتمام وسلطة ضابطة تجعل من الأبناء فريسة سهلة لأصدقاء السوء والمجرمين ومتصيّدي المراهقين لزجّهم في مصيدة الإدمان والانحرافات السلوكية الأخرى.