حل مجلس الأمة... رغبة نيابية
هل حقاً يرغب عدد من نواب مجلس الأمة في أن يتم حل المجلس؟ لماذا؟ وكيف؟
سلوك غريب - إن صحّ - أن نشهد تهوراً نيابياً قصير النظر ضيّق الأفق مندفعاً وراء غايات مبهمة، لكنّها بلا شك خاصة!
فما يتم تداوله هذه الأيام عن تحركات نيابية تهدف إلى حل مجلس الأمة، خلال فترة قصيرة، للغايات المبهمة! لكنها بالتأكيد مشبوهة! أمر لافت ويكشف سلوكاً متهوراً! فما حيثيات ذلك وما أبعاده؟
الحال العامة التي تسود بين أعضاء مجلس الأمة الحالي هي نزاع وفرقة لزعامات تتنافس أن تتصدر المشهد البرلماني «متفردة» لعنجهية وتعالٍ على الآخرين!
فالتنازع بدأ مبكراً وعبّرت عنه تكتلات هزيلة انقسم إليها الأعضاء، بدلاً من الحفاظ على تماسكهم والعمل ككتلة إصلاحية واحدة! لكنّ الواقع كذّب كل التوقعات والتصريحات والتوجهات، فضاقت الغايات لدرجة متناهية الصغر، بحثاً عن زعامة مفقودة!
فالقيادات البرلمانية المناسبة إمّا مجهدة أو غير مستقرة أو قلقة، والواعدة منها منزوية أو لم تكتمل قدراتها، ولم تستوِ على عودها بعد! فتسيّدت المتصارعة منها!
وإليكم جملة حيثيات ومعطيات الصراع الذي يكشف رغبة البعض في حلّ المجلس!
فقد بدأ الصراع بتسابق محموم للزعامة العددية، وانعكس هذا السلوك بمقترحات قوانين بالعشرات، وأسئلة بأضعاف ذلك! رغم استنساخها وهزالة معظمها، وهمّش عمل اللجان، فصار «السلق» للوصول مبكراً إلى جدول أعمال المجلس «غاية»! لادّعاء بطولات وتصدُّر مشهد الزعامة النيابية! وفقدت بوصلة الحكمة والتروي في التعامل مع الحكومة، وشهدنا تسخيناً مبكراً سيقود حتماً للإثارة للغاية المشبوهة، وهناك وهمٌ لدى تلك الزعامات بوجود فراغ ينبغي ملؤه مبكراً بكَمّ من المتواليات التشريعية والرقابية المتعجلة، وإقحام مطالبات شعبوية وتكسُّب انتخابي يستنزف الميزانية والجهد الحكومي، ويُحدث حالة صخب سياسي ويوصل رسائل خاطئة للقيادة السياسية للتعجيل بالحل!
ومن تلك الرسائل تحالفات مزّقت الحكومة داخلياً، فصارت اليوم ثلاث فرق!
تجاهل والتفاف متعمد لبرنامج عمل سياسي قدّمته الحكومة لأول مرة بمحاور منضبطة وقضايا محددة وبتوقيت زمني.
فتح ملفات ذات ارتداد سياسي ووطني سيئ، مثل الإصرار على عفو لمن لا يستحقه، وتجاهل مبادرة العفو الأميرية - الحكومية، والإصرار على مزيد من التزوير لهوية الوطن بمطالبات لوقف ملاحقة المزوّرين والمدلّسين والمتلاعبين بصفة جنسياتهم، بل والتغطية على المزدوجين - حتى من الأعضاء - وفتح باب العبث بالهوية باستمرار التجنيس التنفيعي والانتخابي بمقترحات ومطالبات متهافتة بلا رادع أو وازع! بدلاً من دعم والتفاف حول القيادة السياسية لتطهير هذا الملف من شوائبه، كما أفصحت الحكومة في المحور السياسي من برنامجها!
فضلاً عن التسابق المحموم لاختطاف المناصب القيادية استغلالاً للفراغ فيها، وغياب المعايير والحزم الحكومي في مواجهة الابتزاز النيابي المتصاعد لاقتناصها!
وما اجتماع السلطتين أمس الأول - بتسريباته أو تصريحاته - إلّا كونه اجتماع ما قبل الوداع السياسي، وقد زادت بهجة النواب المندفعين لحل المجلس بأجوائه، ولن أستغرب أيّ سلوك برلماني تصعيدي لتسريع وتيرة الحل والتكسب انجذاباً لوهم زعامة السراب!
وهناك من السياسيين المتضررين وبعض أبناء أسرة الحكم مَن يرغب في ذلك ويسنده لحاجة في نفس يعقوب!
فهل نعوّل على أهل الحكمة والدراية بالمجلس صغاراً وكباراً، لردم النفق المظلم الذي يُجرّ له البلد جرّاً متهوراً؟!