من صيد الخاطر: «تَحْمِل عِضَةٌ جَنَاهَا»
«تَحْمِل عِضَةٌ جَنَاهَا» مثلٌ أصله أن رجلاً كانت له امرأة، وكانت لتلك المرأة ضرة أرادت التخلص منها لغيرتها، فعمدت الضرة إلى قدحين متشابهين، فجعلت في أحدهما سويقاً وفي الآخر سويقا مسموما ثم وضعت قدح السويق عند رأسها والقدح المسموم عند رأس ضرتها لتتناوله عندما تستيقظ.
فطنت الزوجة لما فعلته ضرتها، فانتظرتها حتى نامت، ثم قامت وحولت القدح المسموم إليها ورفعت قدح السويق إلى نفسها، فلما استيقظت الضرة تناولت من الكأس التي عند رأسها على أنه سويقها، فماتت فقيل قي ذلك: «تَحْمِل عِضَةٌ جَنَاهَا».
والعِضَة: واحدة العِضَاه وهي الأشجار ذواتُ الشَّوْك، يعني أن كل شجرة تحمل ثمرتها، ويقال أيضا عن العضة أنها تعني الشرير، وأما السويق فهو طعام معمول من دقيق يُحتفظ به لوقت الحاجة كأفضل أنواع الزاد.
المثل «تَحْمِل عِضَةٌ جَنَاهَا»، يتطابق في المعنى مع المثل القائل: «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، وهذا بالطبع وراءه حكاية، فيقال إنه كان هناك أخوان، أحدهما غني والآخر فقير وأعمى، وكان للغني مجلس يجتمع فيه مع كبار القوم، ومن ضمنهم أخوه المعدم.
كان الأخ الغني يشعر بالإحراج والخجل من مجيء أخيه الى مجلسه العامر وينزعج من مجيئه وجلوسه مع أصحابه، ففكر في وسيلة تخلّصه من أخيه الضرير، فأمر في أحد الأيام خدمه بأن يحفروا حفرة في الطريق الذي اعتاد أخوه أن يطرقه حتى يقع فيها، وأمرهم بدفنه في حال سقوطه في تلك الحفرة.
خرج الأخ الغني لأداء صلاة الفجر، وأنساه الله أمر الحفرة، فسلك طريق أخيه ذاته فوقع في ما حفره لأخيه، وما إن وقع حتى سارع الخدم بردمها عليه، ظانين أنه الأخ الأعمى، لكنهم فوجئوا عندما شاهدوا الأخ الأعمى على قيد الحياة، فقال أحدهم: «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، فذهب ما قاله مثلا يتداول حتى يومنا هذا.
ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.