تغير الزمن وتغيرت معه المعايير لدى الناس، ففي الأزمنة السابقة كان من يتصفون بالشجاعة وقلة الكلام والحكمة ونبل الأخلاق والفروسية في الخصام وقول الحق رجالاً ذوي مكانة في مجتمعهم وأعزة في قومهم، في حين تجد الناس في هذا الزمان يلتفون حول من يملكون المال حتى لو كانت عقولهم فارغة وأخلاقهم سيئة، فيكيلون لهم المديح وأولئك الأغنياء يحدثونهم فعلنا كذا وكذا، وكل الذي يقولونه كذب، يفعلونه ليعوضوا نقصا داخلهم.
لذلك إذا كنت في مكان تتحدث فلا تتوجه في حديثك إلى من تراه متصدراً المجلس والناس من حوله، وتهمش من تراه في نظرك إنساناً بسيطاً وفقيراً وعلى نيته لأن موقعه آخر الجالسين، فقد تتفاجأ أن من استصغرته هو كبير قدر وكبير قوم، لكنه ابتعد عن صدر المجلس لكثرة الساعين إلى هذا المكان من حديثي النعمة والجاه.
لهذا السبب تجد البركة قلت في كل شيء، والثقة انعدمت بين الناس بسبب أشرار الخلق الذين خلقهم الله سبحانه وتعالى إنساً، لكنهم أبوا إلا أن يتصفوا بأخلاق الشياطين بسبب ما يمارسونه من كذب ودجل ونفاق ومداهنة للتقرب من ذوي الجاه والمال حتى يكسبوا رضاهم.
لست متشائماً لكن هذه الحقيقة نراها في أوطاننا التي عاشت فيها أمم كان يشار لها بالبنان، وتاريخها ما زال يُدرّس، لكن للأسف هناك من نسوا هذا التاريخ وعادوا بنا إلى الوراء لقلة المتحلين بالصفات المحمودة وكثرة من يتصفون بالصفات المذمومة، أعاذنا الله وإياكم منها، حيث أصبح المال غاية ولم يعد وسيلة، فبالمال يُشترى الرجال وتباع الأوطان.