كان النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، عطوفاً ودوداً محباً للناس، كان يحبهم لذوقه ويزهدهم في حبه، ولا يكفي أن يكون محبا سليم الذوق ليبلغ من الصداقة مبلغها، فكان ذا خلق متين وطبع وفي، والعقاد، رحمه الله، يذكر في كتابه «عبقرية النبي محمد» أن الرسول- صلى الله عليه وسلم، كان لديه أداة الصداقة بالعاطفة الحية، والذوق السليم، والخلق المتين، فيرأف بمن حوله ويودهم، كما أنه سافر في الثانية عشرة مع عمه، وزار قبر أمه وبكى عليها عندما قارب الستين من عمره. يقول العقاد: ليس في البشر أجمل ولا أكرم من حنان النبي محمد على مرضعته حليمة عندما جاوز الأربعين من عمره، فعندما يلقاها يهتف: أمي! أمي! ويفرش لها رداءه ويعطيها من الإبل والشياه ما يغنيها في السنة الجدباء. وقد حضنته في طفولته جارية عجماء فلم ينس لها مودتها بقية حياته، فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: «من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن»، فالعاطفة الإنسانية التي كان يتصف بها نبينا الكريم تشكلت لديه من خلال علاقاته الطيبة مع الآخرين، فكان يراعي شعورهم أتم رعاية وأدلها على الكرم والجود، ومع عاطفته الإنسانية وذوقه السليم وأدبه الكريم سمتٌ جميل، ونظافة بالغة، وحرص على أن يراه الناس في أجمل مرآة.

يذكر العقاد في كتابه أيضا عظمة العظمات لنبيه، فهي تلك التي تجذب إليها الأصحاب النابغين من كل معدن، وكل طراز، يتقابل فيها رجال مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، كل هؤلاء عظماء في وصف العظمة لسواه.

Ad

كذلك معاملة النبي محمد، عليه الصلاة والسلام، لعبدالله بن أُبي الذي كان المسلمون يسمونه رأس النفاق، فقد عاهد وغدر ثم عاهد وغدر، وعاش يكيد للنبي ويمالئ عليه أعداءه، يقول الله عز وحل «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ».