إلى متى؟
إن أكثر الأشياء التي تلهمك الكتابة هي أقصى ما تشعر به لحظتها، فيكون إما فرحا غامرا أو ألما صارخا، وكلما أردتُ التنبيش في ذرةِ أمل وجدتُ الخراب يعكره، كمن يلقى حبّة «لؤلؤ» غائرة في بركة وحل، ولن ترى بياض اللؤلؤة وبريقها إلا بعد انتزاعها من كومة الطين والوسخ.
ما زلنا نرى الكويت لؤلؤة الخليج حتى أشدُنا يأسا، ولو التهى الخليجيون بجواهر أخر، فعندما أتأمل جمال الساحل ورونق الجون والأبراج الشاهقة التي بدأت تتضاعف في مدينة الكويت لتشكل سيمفونية عمرانية جميلة، وعندما أكتشف أن أغلب هذه المباني تستعين بشركات إماراتية متخصصة لتنظيف واجهاتها أشعرُ بالكدر، وعندما أقابل موظفين مستائين من أجورهم ومعاملة الجمهور معهم، ممتدحين دولا أخرى، أشعر بالإحراج! وعندما أقابل رجل أعمال أجنبيا زائرا يستغرب تعسف إحدى الجهات الحكومية لمعاملة «هينة»، بالرغم من أنه أنهى المعاملة إلكترونياً في دبي، أشعر بالخزي.
فهذا الحس الوطني الذي يجعلك تطمح أن يكون بلدك الأفضل والأنجح، وأكثر ما يحبطنا أن للكويت طاقة عملاقة كبيرة جدا، لكنها لسببٍ ما نائمة، وكل ما تطمح إليه لا يتعدى سقف أحلام اليقظة، أما الواقع فهو ما بين الفساد والتخبط.
قبيل أيام كنت في زيارة اضطرارية لأحد المستشفيات الحكومية، ولم يكن هنالك أي دلالة تدعوك للاقتناع أنك في مستشفى، كومة مراجعين يتخللهم أسرّة لحالات طارئة، ودكاترة ومسعفون وأهال جزعون، لا تعرف المكان الصحيح لكل منهم، حتى أن اللافتات تدلك على غير الأماكن المكتوبة! وكتلة روائح متداخلة، عدا رائحة النظافة والتعقيم!
الكل في دائرة واحدة، ثم تجد نفسك تحوم معهم تائها حتى تلقى وجهتك التي عادةً لا يدلك أحد عليها عدا «عامل النظافة» الوحيد الذي يستقبلك ببشاشة ويساعدك دون طلب، بل إنه قادر على أن يتوسط لك أيضا، فيضيق صدري لهذه المناظر، وأتمنى لو أنني أملك عصا سحرية تجعل الفوضى فيها قفزة عصرية متطورة!