كم من الوقت يتطلب إصلاح التعليم؟
لا يختلف اثنان على أن معظم مشاكل التعليم معروفة للقاصي والداني، وأن الفجوة التعليمية في التعليم العام قد تجاوزت أربع سنوات، ومخرجات التعليم الجامعي ضعيفة وغير موجهة بما يتناسب واحتياجات سوق العمل.
على الرغم من الدعم المعنوي والميزانيات الضخمة التي يحظى بها قطاع التعليم، وتعاقب العديد من الوزراء الذين تولوا حقيبة التربية والتعليم العالي فإنه مازال يعاني تراجعاً في مؤشرات جودة الأداء بسبب ضعف قدرات الوزراء والقيادات المسؤولة في قطاعات التعليم التي وقفت عاجزة عن إحداث أي نقلة نوعية تتماشى مع هذا الدعم المادي والمعنوي.
إن موجة الاستقالات والإعفاءات للقيادات التربوية التي تركت وراءها فراغاً إدارياً غير مسبوق، وضعت الحكومة أمام تساؤلات مستحقة عن ماهية القيادات التي ستقود مسيرة التعليم في المرحلة القادمة؟ وهل بمقدورها إنقاذ التعليم وتنفيذ ما ورد في برنامج العمل الحكومي؟
محور التعليم الذي جاء في برنامج الحكومة كتب بصيغة متساهلة تسمح لأي قيادي بالمناورة واللعب على عامل الوقت كما هو مبين في النتائج المرجوة التي حددت عام 2026م لسد الفجوة التعليمية إلى أقل من ثلاث سنوات، ناهيك عن بقية البرامج التي جاءت تحت محور النقلة النوعية في منظومة التعليم ومحور آفاق رحبة لفرص التعليم العالي.
هذان المحوران كان من المفترض التوسع في شرحهما من خلال وضع آليات التطبيق وأدوات قياس كفاءتها إذا ما أريد فعلا تنفيذهما بالشكل الصحيح، ناهيك عن تفاعل مؤسسات التعليم الجامعي ووزارة التربية مع متطلبات برنامج العمل الحكومي الذي جاء بصورة خجولة، وبعضها عبر تصريحات غير رسمية حتى هذه اللحظة.
علينا الرجوع إلى متطلبات تحسين مؤشرات جودة الأداء والدراسات السابقة بما فيها توصيات البنك الدولي التي أشارت إلى مواقع الخلل ومنها افتقار القيادات للكفاءة المهنية وفقدانها القدرة على تنفيذ السياسات الإصلاحية في القطاع التعليمي لوضع النقاط على الحروف.
فمعيار الكفاءة والجدارة الذي وضعته الحكومة في برنامج عملها ضمن محور القيادات الوطنية يحتوي على أربعة برامج عمل، وهو بالمناسبة من المحاور المهمة والضرورية لإصلاح المنظومة الإدارية بالدولة، حيث يفترض الانتهاء من تفعيل معظم برامجه في السنة الأولى من تاريخ تقديمه بما فيها إصدار مشروع بقانون ينظم التعيين في الوظائف القيادية الذي حدد له 100 يوم لتنفيذه.
تغيير مسار كلية التربية الأساسية
سأتناول في المقال القادم موضوع تغيير مسار كلية التربية الأساسية، وعليه سأطلب من القارئ الكريم والمهتمين بالشأن التعليمي التريث في إصدار الحكم سواء كان بقبول الفكرة أو رفضها، فالموضوع علمي ويدخل في صميم تطوير منظومة التعليم، ولفتح آفاق وظيفية جديدة أمام الخريجين، فلا تجزع من العنوان فقد سبقتنا إليه دول كثيرة جعلت من التعليم قضيتها الأولى، حيث ربطت مفهوم التعليم بإدارة المعرفة، وهي اليوم تخطو خطوات إيجابية نحو تعزيز مؤشراتها ليس على مستوى التعليم فقط، ولكن على بقية مسارات التنمية.
ودمتم سالمين.