محققون أوروبيون في بيروت... أبعد من محاسبة سلامة والمصارف

نشر في 08-01-2023
آخر تحديث 07-01-2023 | 21:11
جولة للمحققون الاوربيون في ميناء بيروت
جولة للمحققون الاوربيون في ميناء بيروت
سيكون لبنان الأسبوع المقبل على موعد مع وفد قضائي أوروبي بمهمة إجراء تحقيقات مالية، وسط دعوات من قوى لبنانية، أبرزها «حزب الله»، إلى ضرورة عدم خرق السيادة القضائية اللبنانية، أو تشكيل سابقة قد تتكرر في ملفات أخرى أمنية أو عسكرية أو حتى في تفجير مرفأ بيروت.

ويتحضر القضاء اللبناني لهذه الزيارة من خلال وضع آلية للتعاون مع الوفد، الذي يتحرك بناء على دعاوى قضائية لبنانية رفعت في الخارج، وتحديداً في دول أوروبية، بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من المصارف، وبالتالي ستكون معاملات وحسابات الكثير من المصارف بينها مصرف لبنان المركزي تحت تدقيق الوفد، الذي سيجد نفسه على الأرجح غارقاً في متاهات الفوضى اللبنانية، وسط تسريبات وتسريبات مضادة قد تعرقل أو تشوه عمله.

وبحسب المعلومات، فإن المحققين قد تقدموا بالفعل بلائحة المصارف والشخصيات التي يريدون التدقيق في حساباتها، في حين يردد سلامة في أوساطه أنه جاهز للتحقيق، وأنه يعمل على تحضير ملفاته لمواجهة المحققين بها، وأنه واثق من براءته.



في المبدأ فإن مجرد أن تصل الأمور بدول لإرسال قضاة ومحققين إلى لبنان فهذا يعني تأكيدا دوليا على فشل الدولة اللبنانية في ضبط الوضع المالي والمصرفي إلى جانب الفشل السياسي، وأن الدول تنظر إلى لبنان حالياً، أنه ساحة للفوضى المتنقلة التي تشمل كل القطاعات والمجالات. لكن في حين أن الفوضى السياسية المضبوطة لا تؤثر على البعد الخارجي، إلا أن الفوضى المالية ومشاكل المصارف والملفات العالقة في ظل الانهيارات، قد يكون لها تأثيرات خارجية، خصوصاً أن لبنان هو ساحة مفتوحة ومشرّعة لتبييض الأموال، لا سيما من خلال التركيز على التداول بالعملات نقداً وبالكاش، وليس عبر الحسابات المصرفية.

وتلك اللعبة التي تقوم بها المصارف مع مصرف لبنان عبر منصة صيرفة، من خلال حمل صاحب الحساب لمبلغ مثلاً 500 مليون ليرة واستبدالها بمبلغ 12 ألف دولار على سعر صيرفة المحدد بـ 38 ألف ليرة، علماً بأنه في السابق لم يمكن لأي صاحب حساب أن يدخل أكثر من عشرة آلاف دولار بدون التصريح عن مصدرها، في حين تبدو اليوم الأمور مختلفة.

ويشكل لبنان ساحة جاذبة لكل الخارجين عن القوانين المالية للتداول في الكسب المالي غير المشروع، وهذا ربما هو الذي يحفز المحققين الأوروبيين على التدقيق فيما يجري، بهدف توجيه تحذير الى المصارف من أن الأعين مفتوحة عليها.

ولا يبدو أن الفساد الداخلي وتباعاته على القضايا اليومية للبنانيين تعني الخارج، لذلك فإن لجوء القضاء الأوروبي في أكثر من دولة إلى التحرك باتجاه لبنان، يعني حتماً وجود تأثيرات سلبية باتت تؤثر على الخارج، قد يكون أحدها أن لبنان أصبح ساحة لعمليات مالية ونقدية تهدد مصالح هذه الدول، وأن الهدف من وفد المحققين ليس الدخول في زواريب لبنانية أو الغرق في حسابات سياسية معقدة لمحاسبة المسؤولين اللبنانيين أو المصارف.

back to top