في لقاء الحكومة مع أعضاء المجلس يوم الثلاثاء الماضي أفصحت عن موقفها من موضوع القروض، وهذا موقف تشكر عليه الحكومة لكنه غير كاف، نعم غير كاف، لأن الحكومة حسب الدستور وفي كل بلاد العالم هي التي تهيمن على مصالح الدولة، وعلى ذلك فواجبها أن تُعلن وتشرح لماذا اتخذت هذا الموقف بالأدلة والإحصاءات، وتبين تأثير القانون المعروض على الاقتصاد، وتستعين بالاقتصاديين والشرعيين والندوات والإعلام بكل صوره وأشكاله، وترد على الأغلاط والأكاذيب من أجل حشد الفهم والدعم المناسبين، ولا تكتفي بمجرد الرفض.
وعلى الحكومة أن تلاحظ الكم الهائل من تصريحات النواب ومقابلاتهم الإعلامية مقارنة بهذا الموقف الوحيد للحكومة الذي أعلنته بعد تردد، كما أن عليها أن تلاحظ أن بعض الاقتصاديين والشرعيين عبروا عن رأيهم تطوعاً وبكل شجاعة، وتحملوا الإساءات، في حين الحكومة لم تقدم عملاً ملموساً من أجل تحقيق وعي وفهم شرعي واقتصادي سليم ينير الطريق في هذا الموضوع ذي الأثر الكبير اجتماعياً ومالياً رغم امتلاكها كل الأدوات والمستشارين.
وبعد إعلان الحكومة موقفها، صرح وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أن الاقتراحات النيابية تحتاج إلى دراسات قانونية وفنية ومالية، وهو تصريح جيد أيضاً، وكذلك صرحت د. جنان بو شهري مؤاخذة اللجنة المالية على موافقتها على سبعة قوانين في اجتماعين فقط دون دراسة متكاملة، في حين قامت اللجنة بتأجيل قانون إلغاء المعاشات الاستثنائية.
كما ظهر أيضاً اتجاه بعض النواب للتروي والبحث عن وسائل واقتراحات بديلة لتحسين المستوى المعيشي وفق دراسات جادة وحقيقية كما جاء في بيانهم.
ولما كانت العملية التشريعية، كما قال ابن القيم، هي توقيع عن رب العالمين، فالتروي فيها مطلوب شرعاً لخطورتها على حياة الناس ومستقبلهم، ولنتذكر معاً عدداً من التشريعات والمواقف المستعجلة كيف تم إبطالها أو تغييرها بعد أن ثبت خطؤها أو ضررها لأنها لم تحظ بالدراسة الكافية، كما ندعو النواب، خصوصاً الإسلاميين الذين يدعون إلى تحكيم الشريعة إلى تأمل فتاوى الربا في جميع القوانين المعروضة وأن إسقاط الربا لا يكون بدفعه من المال العام بل يتحمله شرعاً المرابون.
ومن المؤسف أن ينصرف بعض المدافعين عن دفع القروض أو الفوائد من المال العام من النقاش العلمي إلى الشتائم والأكاذيب على شخصي المتواضع، ود. عجيل النشمي وجاسم السعدون، ولا شك أن هذا ينبئ بسوء الخلق، ولن يزيدنا أنا والإخوة المدافعون عن الحق إلا إصراراً على موقفنا، وقد أخبرنا النبي، صلى الله عليه وسلم، أن جميع الإساءات التي يتلفظ بها أي إنسان سيحط الله بها من سيئات من اغتابه أو أساء إليه، فنسأل الله تعالى المزيد من الأجر والثواب.