أدى استمرار ارتفاع معدلات التضخم ورفع أسعار الفائدة في أنحاء العالم كافة إلى تدهور أداء أسواق السندات التي سجلت أكبر انخفاض لها منذ عام 1990 على أقل تقدير. كما أثرت التوترات الجيوسياسية المتعلقة بالحرب الروسية - الأوكرانية على الأسواق.

وحسب تقرير صادر عن شركة كامكو إنفست، تراجعت قراءة مؤشر «بلومبرغ» العالمي للسندات بنسبة 16.3 بالمئة خلال عام 2022، وكانت هذه هي المرة الأولى التي ينخفض فيها المؤشر على مدار عامين متتاليين بعد انخفاضه بنسبة 4.7 بالمئة العام الماضي.

Ad

وشهد العام قيام البنوك المركزية برفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من أربعة عقود سعياً منها لكبح جماح التضخم الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، بعد اتباع سياسات نقدية تيسيريه في عامَي 2020 و2021 بهدف تعزيز أنشطة الأعمال بعد جائحة كوفيد -19.

وارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات من 1.5 بالمئة بنهاية عام 2021 إلى 3.9 بالمئة بنهاية عام 2022، فيما يعد أعلى معدل نمو سنوي منذ عام 1962 على الأقل، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرغ.

وإضافة إلى ذلك، كان عام 2022 من الأعوام الاستثنائية التي تراجع خلالها أداء كل من سوق السندات وأسواق الأوراق المالية.

وكشف أحد التقارير الصادرة عن صحيفة فاينانشيال تايمز أن الأسهم والسندات خسرت نحو 35 تريليون دولار من قيمتها خلال عام 2022. أما على صعيد أدوات الدَّين المختلفة، فقد تفوق أداء السندات ذات العائد المرتفع على السندات الأكثر أماناً، والتي شهدت تراجعاً بمعدلات أقل نسبياً.

كما شهدت الصكوك أقل معدل تراجع بنحو 10.8 بالمئة خلال العام. أما على الصعيد الإقليمي، فقد تفوّق أداء السندات والصكوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على السندات العالمية المعيارية، حيث شهدت انخفاضات هامشية خلال العام، مما يعكس بصفة رئيسية قوة النمو الاقتصادي المتواصل وارتفاع أسعار النفط ومعدلات التضخم المسيطر عليها في الأسواق المحلية. وقد انخفضت إصدارات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون إلى أدنى مستوى لها في 7 سنوات لتصل إلى 86.3 مليار دولار خلال العام.

من جهة أخرى، انعكس الأداء المالي الأفضل الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أداء سوق السندات والصكوك الأولية في المنطقة التي شهدت أحد أكبر التراجعات على أساس سنوي على الإطلاق.

وانخفضت إصدارات الدخل الثابت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأول مرة منذ 3 سنوات لتصل إلى 115.2 مليار دولار عام 2022 مقابل 236.5 مليارا عام 2021، بانخفاض 120.3 مليارا، أو ما يعادل نسبة 51.3 بالمئة.

وشهدت الإصدارات الحكومية تراجعاً أكبر بلغ 86.7 مليارا، أو ما نسبته 55.3 بالمئة خلال العام لتصل إلى 70.1 مليارا مقارنة بإصدارات الشركات التي تراجعت بمقدار 34.1 مليارا، أو ما نسبته 43.1 بالمئة، لتصل إلى 45.1 مليارا.

إصدارات السندات في المنطقة

بعد 3 سنوات متتالية من النمو المستمر، تراجعت إصدارات السندات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2022. وبلغ إجمالي قيمة الإصدارات 68.7 مليارا خلال العام، بتراجع بلغت نسبته 61.6 بالمئة، أو نحو 110.2 مليارات، مقارنة بإصدارات عام 2021 التي وصلت إلى مستويات قياسية قدرها 178.8 مليارا.

ويُعزى انخفاض قيمة الإصدارات في الأساس لتراجع إصدارات مصر من أدوات الدَّين، التي بلغت قيمتها 12.9 مليارا عام 2022 مقابل 62.2 مليارا تم إصدارها العام السابق. كما انخفضت السندات الصادرة عن دول مجلس التعاون للعام الثاني على التوالي، نتيجة لتراجع إصدار كل من الحكومات والشركات على خلفية ارتفاع أسعار النفط، إضافة إلى تحسُّن ربحية الشركات، مما أدى إلى انخفاض المتطلبات التمويلية.

وبلغ إجمالي قيمة إصدارات دول مجلس التعاون 39.8 مليارا عام 2022 مقابل 88.0 مليارا عام 2021، في حين سجّلت إصدارات دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير الأعضاء بمجلس التعاون انخفاضاً حاداً، إذ بلغت قيمتها 28.9 مليارا عام 2022 مقابل 90.8 مليارا عام 2021.