يبدو أن الهيئة العامة للقوى العاملة، ممثلة في إدارة تنظيم استقدام العمالة المنزلية، تأبى التعلّم من أخطاء الماضي القريب، بل وتُصرّ على تكرار السيناريوهات ذاتها المعروفة بنهاياتها «غير السعيدة» التي تضرب وتضرّ بسمعة الكويت إقليمياً ودولياً، وتنعكس وبالاً على المواطنين والمقيمين. فرُغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها «الجريدة» مراراً عبر صفحاتها بعودة ظاهرة تكدُّس العاملات المنزليات داخل سفاراتهن لاسيما الفلبينية منها، وما يترب على ذلك من وقف تصدير العمالة خصوصاً من مانيلا التي تزوّد السوق بنحو 70 بالمئة من احتياجاته من العمالة المنزلية، لم تجد، هذه التحذيرات، آذانا حكومية صاغية تستجيب لها سريعاً، بل تُركت الأمور على عواهنها حتى بلغت حدّاً يصعب تدارك نتائجه المُحتملة، التي يُجمع المتخصصون بأنها «ستكون سلبية لا محالة، في حال عدم التدخل الحكومي الناجع والسريع، لحل هذه الأزمة قبل تفاقمها، والتي باتت كرة ثلج تكبر يوماً بعد يوم».

وكشف متخصصون في مجال العمالة المنزلية لـ «الجريدة» أن عدداً كبيراً من العاملات الفلبينيات المحتميات حالياً داخل سفارتهن بالبلاد، تعاني معظمهن سوء التغذية وشُح الحصول على الأدوية اللازمة حال المرض، إضافة إلى التكدّس غير المسبوق الذي ينذر بتفشي الأمراض بينهن، مرجعين السبب الرئيسي وراء تفاقم هذه الظاهرة مجدداً إلى كثرة المنازعات العمالية التي بلغت، وفقاً لاحصائية حديثة

لـ «القوى العاملة»، أكثر من 1000 شكوى شهرياً، تنوعت ما بين ترك العمل، وحجب جواز سفر العاملة، إضافة إلى الشكاوى الخاصة بعدم الحصول على المستحقات الشهرية أو نهاية الخدمة.
Ad


عجز حكومي واضح

واعتبر المتخصصون أن استمرار ظاهرة لجوء العمالة إلى سفارات بلدانها يُظهر عجز الحكومة عن إيجاد الحلول الجذرية للازمة، محذّرين، في الوقت ذاته، من زيادة المنازعات العمالية وما يترب عليها من عزوف العاملات الجديدات عن القدوم إلى السوق الكويتي لكونهن لا يشعرن بالأمان داخله، نظراً لتراجع الجهات المعنية ذات العلاقة عن توفير الحماية القانونية لهن، أو الفصل السليم في المنازعات التي تنشب مع أرباب أعمالهن، مبينين أن السواد الأعظم من هذه العمالة سجّلت بحقهن بلاغات تغيب من قبل أربابهن، أو نشبت بينهن وبين كفلائهن منازعات عمالية فشلت الطرق الودية في حلها، وتأخر الفصل فيها من جانب «القوى العاملة» فترات طويلة، من دون حصولهن على مستحقاتهن كاملة. وقال المتخصصون، إن استمرار السياسة الحالية في التعامل مع العاملات المنزليات اللاتي يرفضن العمل لدى أربابهن بإيداعهن لدى مركز الإيواء التابع للهيئة العامة للقوى العاملة، فضلاً عن رفض المركز استقبال العاملات المسجل بحقهن بلاغات تغيب، من أهم أسباب تفاقم ظاهرة التكدّس، بل وتراجع تصنيف الكويت في مكافحة الاتجار بالاشخاص، خصوصاً أن العاملة التي ترغب في تغيير رب العمل تعاقب بالإيداع بالمركز، إلى حين يرأف رب العباد بحالها وتحصل على تذكرة طيران للعودة إلى بلدها.

وأهاب المتخصصون بالجهات الحكومية ذات العلاقة، وعلى رأسها وزارتا الخارجية والداخلية و«القوى العاملة» بسرعة حل هذه الإشكالية.