الدولة محتاسة، فلا توجد سياسة ذكية وفكر يمكن أن ينيرا الطريق لمن بأيديهم سلطة القرار، وأيّ قرار هذا الذي نتكلم عنه اليوم غير موجود، غير التردد والتلعثم والتّيه وعدم القدرة على الحسم، وهي سمة الإدارة السياسية.
لا توجد جدية حقيقية في مواجهة الأمور، أتفه القضايا صارت هي الأولويات، من شجرة كريسماس عند نجوم المجلس، لتنقلب تلك الهموم فجأة إلى شراء مطلق للقروض دون أي تفاصيل علمية تحقق العدالة ومصلحة الاقتصاد، بينما على الجانب الحكومي كانت أولوية تعديل قانون التجمعات لمزيد من التضييق على الحريات هي الهمّ الكبير.
جلسة الثلاثاء أثبتت عجزاً مستأصلاً في هذه الحكومة، مثلها مثل معظم الحكومات التي سبقتها بعدم قدرتها على المواجهة، فماذا لو وقف وزير المالية في الجلسة وردّ على المطالبين بإسقاط القروض جُملة وتفصيلاً، وقدّم لهم بلُغَة الأرقام والمصلحة العامة بما يعني الضرر الأكيد على اقتصاد الدولة لو وافقت السلطة على مثل ذلك الطلب؟
ماذا لو فكّر الوزير الرشيد وقدّم حلاً وسطياً للمعسرين غير القادرين على سداد القروض، بدلاً من أن تنسحب الحكومة خشية المواجهة مع النواب المطالبين بإسقاط القروض؟
النائب عبدالوهاب العيسى وصفها بأنها حكومة جبانة، وهذا صحيح حين يكون الهروب للأمام ويصبح تأجيل القضايا والتردد إلى أجل غير معلوم نهجُها.
وبينما تتعالى الأصوات النيابية بإسقاط القروض، تخبو أصوات الحق بضياع بوصلة الطريق لوقف النزيف المالي، وخذوا مثالاً بسيطاً على ذلك، وقد تحدّث به النائب عبدالله المضف باعتراضه على الهدايا المالية للقياديين الحاضرين والسابقين، حتى تزيد رواتبهم إلى تسعة آلاف دينار، بما يكلّف المال العام 70 مليوناً سنوياً، ويسأل هذا النائب الحريص «شنو في البلد استثنائي ليستحق مثل هؤلاء القياديين رواتب أو معاشات استثنائية»؟! على ماذا؟ على الخدمات العظيمة التي قدّموها وأضحت الكويت بعدها «سنغافورة الخليج وكوريا المنطقة»؟ أم على تركة الخيبات المستمرة، فمن خيبة إلى خيبة أكبر، ومن حفرة صغيرة إلى حفر أعمق وقعت فيها كي يُجازوا بمثل تلك المكافأة؟
الدولة محتاسة... ولا توجد عندهم أيّ حلول... إفلاس في الفكر السياسي يقودنا إلى إفلاس اقتصادي مدمّر إذا بقينا على هذه الحال... أنتم دائماً الأبخص... ما العمل معكم؟!