بعد تراجعات قياسية... إلى أين يتجه الجنيه المصري؟
• سعر صرف الدولار الأميركي ارتفع بنسب تتجاوز 104% خلال 10 أشهر
على الرغم من المكاسب الكبيرة، التي سجلها الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي بلغت ذروتها أمس الأول الأربعاء، عاد الحديث مجدداً عن السعر العادل أو القيمة العادلة للدولار مقابل الجنيه.
قبل بدء الأزمة وتحديداً في مارس من العام الماضي، كان يجري تداول الدولار مقابل الجنيه المصري عند مستوى 15.77 جنيهاً.
لكن على مدار الأشهر ال 10 الماضية، تم تحريك سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري ليسجل مستوى 32.20 جنيهاً في الوقت الحالي، ليرتفع سعر الصرف بنسب تتجاوز 104% خلال 10 أشهر.
غير أنه رغم هذه الارتفاعات القياسية التي سجلها سعر صرف الدولار في السوق الرسمية، عادت بنوك وشركات استثمار تتحدث عن القيمة العادلة أو السعر العادل للدولار مقابل الجنيه المصري.
المحللون يربطون عودة الحديث عن السعر العادل، والتصريحات الواردة من صندوق النقد الدولي بشأن ضرورة اعتماد سعر صرف مرن مع تعويم كامل للجنيه المصري مقابل الدولار، إضافة إلى استمرار أزمة شح البضائع المكدسة في الموانئ المصرية.
استكمال التعويم الرابع
وفي تعليقه، قال الخبير الاقتصادي هاني جنينة، إن السوق مازالت تشهد حالة من التذبذب وعدم الاستقرار حتى الآن، على الرغم من وجود تدفقات دولارية خلال الفترة المقبلة، أولها ما يتعلق بالشريحة الأولى من صندوق النقد الدولي، مرجحاً أن يصل إجمالي التمويلات إلى ملياري دولار.
وأوضح في حديثه ل «العربية.نت»، أن ما يحدث من ارتفاع في سعر الدولار خلال الوقت الحالي ليس تعويماً خامساً، لكن استكمالاً للتعويم الرابع الذي حدث خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الماضي.
وأضاف أن ما يحدث في سعر صرف الدولار في الوقت الحالي، ما هو إلا سعر صرف مرن حقيقي يخضع لآليات العرض والطلب، وما حدث في السابق لم يكن إلا تعديلاً لسعر الصرف للاقتراب من القيمة العادلة لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه.
وتوقع جنينة أن يستمر سعر صرف الدولار في الارتفاع خلال الأسابيع القادمة ليستقر بين 28 و30 جنيهاً، لكن مع بدء وصول التدفقات الدولارية سيتراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري.
إلى أين سينخفض الجنيه؟
وفقاً ل «غولدمان ساكس»، وفي مذكرة بحثية حديثة، فإن التعديل لم يكتمل بعد، وأنه يجب أن يستمر بشكل كبير قبل استعادة توازن العرض والطلب في سوق العملات الأجنبية.
وقال الخبير الاقتصادي في البنك، فاروق سوسة، إن مصر أحرزت «تقدماً في الأسابيع الأخيرة»، لكن عدم وجود تدفقات كبيرة من دول الخليج والقدرة المحدودة للبنك المركزي المصري على توفير السيولة بالعملة الأجنبية في السوق يعني ضمنيا المزيد من تراجع الجنيه و/أو زيادات في الأسعار المحلية في الأيام المقبلة.
وأشار سوسة إلى أنه ليس من الواضح حجم الخفض المتوقع في قيمة الجنيه المصري، مضيفاً أن الجنيه ربما يحتاج إلى الوصول إلى الانخفاض الذي تنطوي عليه السوق الموازية.
وفي حين أن الجنيه وصل إلى مستويات مرتفعة في الوقت الحالي، فإن السعر الموازي وفقاً لمتوسط السعر اليومي أقرب إلى 35 جنيهاً للدولار «سعر الصرف المعمول به في سوق الذهب يبلغ نحو 33 جنيهاً للدولار».
وكان بنك «إتش إس بي سي» توقع أن يجد الجنيه المصري أرضية عند مستوى يتراوح بين 30 و35 مقابل الدولار على المدى القصير، مشيرا إلى أن أسعار الفائدة قد ترتفع مع توقع ارتفاع التضخم إلى ما بعد ذلك عند 25% في الربع الأول من عام 2023.
وأوضح أنه «حتى الانخفاض إلى ما يزيد على 30 مقابل الدولار، والذي يرفع خسائر سعر الجنيه إلى 50% (رفع مكاسب الدولار إلى أكثر من 100%)، قد لا يضغط على فاتورة الاستيراد المرتفعة بشكل كافٍ أو يؤدي إلى انتعاش قوي بما فيه الكفاية في تدفقات التحويلات المالية بشكل فوري، لكن ضغوط الحساب الجاري تتراجع».
من جانبه، أفاد بنك ستاندرد تشارترد، بأن الجنيه المصري سيبقى تحت الضغط لحين تحقيق المزيد من التدفقات الدولارية مما سيوازن بين العرض والطلب على النقد الأجنبي ولحين إغلاق الفجوة مع السوق الموازية.
أما بنك أبوظبي التجاري فيتوقع تراجعاً إضافياً للجنيه، مشيراً إلى أن السياسة الأخيرة لمصر قد لا تكون كافية لجذب رؤوس الأموال الخاصة لحين تراجع التكدس المتراكم على طلب العملات الأجنبية وهو ما سيتطلب سيولة دولارية من غير الواضح حالياً من أين ستأتي.
وكان صندوق النقد الدولي أشار إلى أنه يتوجب على الحكومة المصرية أن تبرهن مدى صمودها في سياسة مرنة لسعر صرف العملات الأجنبية.
وأضاف الصندوق أن أي تدخل للمركزي المصري يجب أن يكون بهدف تهدئة تقلبات السوق فقط وأن عليه الصمود في وجه أي ضغوط لعكس هذه السياسة.
ويعد برنامج قرض صندوق النقد الدولي، بقيمة 3 مليارات دولار على مدى 46 شهراً نقطة في بحر ال 42 مليار دولار التي تحتاجها مصر لخدمة ديونها في العام المالي الحالي.
ويبلغ احتياطي مصر من العملات الأجنبية 34 مليار دولار فقط مقارنة ب 41 مليار دولار في فبراير الماضي، بينما تضاعف دينها الخارجي أكثر من ثلاثة أضعاف في العقد الماضي إلى 157 مليار دولار.