كان على الحكومة أن تكون قادرة على هضم الأزمات والتكيف مع الظروف وأن تكون لديها القدرة على المواجهة السافرة والشفافة لأي تحد، فبهذا ستكون الأزمات وكل محاولة لإرباك الحكومة وهز استقرارها مصدراً لتقوية هذه الحكومة.
فلو واجهت الحكومة مقترح النواب وبسطت بيانات البنك المركزي المتعلقة بالمقترضين والقروض مصنفة على نحو يخدم في بيان حجم الأزمة وعدد المقترضين المعسرين والأسباب والحلول البديلة لوجدت الحكومة عونا لها من النواب العقلاء، وواجهت مقترح قانون شراء القروض (الاستهلاكية والمقسطة من بعض المواطنين) والتي قدر البنك المركزي كلفة شرائها ب14.1 مليار دينار كويتي.
إضافة لما سبق لو استخدمت الحكومة تجسيم الأزمة عبر إعادة توصيف الكلفة التي سيتحملها كل فرد من المواطنين صغيرا وكبيرا وعرضها، فسيكون 9720 ديناراً وستخسر كل أسرة مكونة من خمسة أفراد 48 ألف دينار لأن المقترح يشمل تقسيط جميع الديون الاستهلاكية ل520 ألف مواطن، هذه الحقيقة لجسامة الخسائر لن تنكشف في عرض الأرقام المجردة وحصر الكلفة في دائرة الحكومة لا يتبين معها المواطن حجم خسائره هو وأسرته، وبالذات المواطنون الملتزمون بالسداد والذين لا يعانون أزمة في القروض وسدادها.
إذاً تستطيع الحكومة أن تعيد تصوير الأزمة لوعي وإحساس المواطنين، هذا جانب والجانب الآخر هناك أعضاء في مجلس الأمة يعارضون الشراء الكامل للمديونية والطرح الشعبوي الفَجْ لشراء الحكومة للقروض، ولديهم حلول مقبولة وعلمية لحل أزمة الديون، ولا ننسى إسقاط الفوائد المخالفة ورد ما أُخِذ من المواطنين بغير وجه حق. هؤلاء الأعضاء سيوفرون للحكومة وللمواطنين حلاً ناجعاً ربما يتوافق عليه مجلس الأمة والحكومة، لكن انسحاب الحكومة غير الحصيف أدى إلى إظهار الحكومة في موقف ضعيف وفوَّت عليها مقترحات النواب التي قد توفر مخرجا من هذه الأزمة، فضلا عن أن هذا الانسحاب سيوفر لمفتعلي الأزمات وأدواتهم وذبابهم الإلكتروني وفرق ردحهم ضخ التشكيك وبث الضلال والتضليل لضرب مصداقية الحكومة والمجلس.
فسمعنا الصياح بالتشكيك في رئيس مجلس الأمة لأنه رفع الجلسة بعد انسحاب الحكومة، ومن له دراية بالدستور وبالمادة (116) من الدستور، التي تنص على أنه «يجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها»، يعلم أن رئيس المجلس ليس له خيار إلا رفع الجلسة، ولكنه الردح والجهل والانفعال المنفلت من أي وعي.
أيها العقلاء من الحكومة والمجلس والشعب لقد بلغ بند الرواتب والمدعوم 75% من موازنة الكويت وتبلغ قيمته في موازنة العام الحالي نحو 17.5 مليار دينار والخطير أنه تم تقدير سعر برميل النفط في الموازنة ب80 دولاراً في حين يشهد النفط في الوقت الحالي انخفاضاً إلى مستويات ال75 دولاراً.
لذلك وقبل فوات الأوان نعيد طرح منظومة الحل الأمثل الذي يضم صندوق جابر للأجيال الحاضرة بتوزيع 25% من صافي الربح وتوزيع الدعوم نقدا ولكن ليس 4 مليارات بل مليار ونصف، عندها في أقل تقدير سيصل راتب وإيرادات المواطن الذي له زوجة وثلاثة أبناء 1780 ديناراً، هذا إن كان يعمل في القطاع الخاص براتب 350 مع 600 دينار دعم عمالة، ولا بد لتخفيض الموازنة من الشروع بالخصخصة لكل القطاع الإنتاجي، عندها ستنخفض الموازنة بمقدار النصف كما أوضحنا في مقالاتنا السابقة... وبهذا نردم الحفرة اللعينة مصدر الشقاء والشر.