«في المسرح نتواصل، ونلمس الماضي من خلال الأدب والتاريخ والذاكرة، حتى نتمكن من تلقي واستعادة صفات إنسانية مهمة وذات صلة بالحاضر، ومن ثم نقلها إلى الأجيال القادمة».
(آن بوغارت)
للتاريخ أهمية وقيمة في المجتمعات الساعية للرقي والازدهار والتقدم والتطور والنهضة، فهو مرتبط ارتباطاًَ كبيراً بالإنسانية ومعرفة البدايات والأحداث والتعلم منها، والإنسان كائن فضولي يحب البحث عن الحقيقة ومعرفة كل شيء ليصل إلى الإجابة. فالبحث مهم في المحافل العلمية والحياتية، مثال على ذلك ما أثير في جريدة الجريدة سنة 2020 في مقال د. نجم عبدالكريم بعنوان: «هل كان موليير هو الذي يكتب؟». وهنا أثار الكاتب أيضاً قضية شبيهة بقضية شكسبير، ولكن عن موليير هذه المرة، حيث يستشهد بالناقد المسرحي جان موريس غارسون الذي كتب في كتابه بعنوان: «من هو موليير الحقيقي؟»، بأن موليير لم يؤلف هذه المؤلفات، ولكن يقال إنها تنسب إليه وهي التي تستهزئ بالمجتمع الفرنسي، فيشير كاتب الكتاب إلى أن كاتبها الجَلِيّ هو لويس الرابع عشر. وهذا ما يشير إليه أيضاً الباحث إبراهيم العريس في «الإندبندنت» عام 2022 في موضوع: «هل كان موليير نصاباً وكورناي المؤلف الحقيقي لمسرحيات صاحب البخيل؟»، وهنا استشهد إبراهيم في مقاله «مراحل البحث عن حقيقة مسألة موليير»، بهل كتب نصوصه هو أم غيره، وأشار إلى أهم من تصدى لهذا الأمر فكانت البداية «بيار لويس» الذي اعتمد على الأسلوب واللغة، ووصل الباحثون ممن تبنى مشروعه إلى أنه نصاب.
وفي سنة 2004 برز اسم «دومينيك» الذي توصل إلى أن اللغة متشابهة بين كورناي وموليير، ثم تطرق إلى أحد الباحثين وهو «ديني بواسييه» الذي حسم الموضوع الجدلي أن أهم مسرحيات موليير «طرطوف» و«دون جوان» وغيرهما كانت لكورناي، فظل الجدل يحوم حول هذه الشخصية الكوميدية العريقة في المسرح العالمي وبالخصوص الفرنسي، وهو أشبه بحال شكسبير ومارلو عندما أثارت صحيفة الغارديان في أكتوبر 2016 ومجموعة من الباحثين أن لكريستوفر مارلو دوراً كبيراً في تأليف مسرحيات شكسبير.
البحث ومراجعة التاريخ أمران مهمان لكل المتخصصين والمهتمين بالفن، بل نشجع كل الباحثين في الوطن العربي، ونعطي لهم مساحة وندعمهم مادياً ومعنوياً لهذا الجهد الكبير حالهم حال الغرب، فهناك قُبلت اكتشافاتهم وستدرس في جامعاتهم، ونحن كذلك علينا إعادة النظر في الكتب وتنقيحها والتواضع للباحثين.