عثر على دفعة جديدة من الوثائق السرية كان الرئيس جو بايدن يحتفظ بها منذ أن كان نائباً للرئيس خلال ولاية الرئيس باراك أوباما (2009 - 2017)، ما من شأنه أن يعقّد الموقف السياسي لبايدن، خصوصاً مع تولي الأغلبية الجمهورية السلطة في مجلس النواب، واحتمال أن تتبنى نهجاً هجومياً ضد الرئيس للتغطية على الانقسامات التي ظهرت في صفوف الحزب الجمهوري خلال الانتخابات النصفية وانتخابات رئيس مجلس النواب.
وكانت إدارة الرئيس الديموقراطي أكدت العثور على «عدد صغير من الوثائق المصنّفة سرية» في «خزانة مُقفلة» في مركز بن بايدن للأبحاث، والمرتبط بجامعة بنسلفانيا، حيث كان لدى بايدن مكتب سابقاً. وبحسب المعلومات تضم هذه الوثائق ملفات استخباراتية وملخصات لتطور الأوضاع في كل من أوكرانيا وإيران والمملكة المتحدة.
إلّا أنّ معاونيه عثروا «على الأقلّ على مجموعة إضافية» من الوثائق في مكان منفصل لم يتم تحديده، وفق ما أفادت قناة إن بي سي نيوز، أمس الأول، وحذت حذوها وسائل إعلام أخرى.
ومع التطوّرات الجديدة، يُتوقع أن تستمرّ القضية في إثارة الضجة، وقد يتبيّن أنها تعرقل تحقيقاً حول عدد كبير من الوثائق كان دونالد ترامب يحتفظ بها في مقرّ إقامته بولاية فلوريدا، بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.
وهذه القضية أكثر خطورةً، إذ وضع مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) يده خلال عملية دهم مذهلة على آلاف الوثائق، بعضها مصنف تحت بند أسرار الدفاع، وكان الرئيس الجمهوري السابق قد رفض إعادتها.
ويرى محللون أن هذه القضية قد تُدخل اعتبارات سياسية حسّاسة على التحقيق المرتبط بترامب، الذي دعا فوراً إلى أن يخضع الرئيس الديموقراطي للتحقيق نفسه. وسأل «متى سيدهم ال «إف بي آي» مقار جو بايدن الكثيرة، وحتى البيت الأبيض؟».
يؤكد البيت الأبيض أن أخطاءً ارتُكبت، لكن الإدارة صحّحتها فوراً على الأقلّ. منذ العثور على الوثائق الأولى أواخر نوفمبر، سلّمها محامون إلى هيئة المحفوظات الوطنية المسؤولة عن حفظ هذا النوع من الملفات.
وقالت إدارة بايدن إن محامين ذهبوا أيضاً للبحث عن وثائق يُحتمل أن تكون ضائعة في أماكن أخرى، مما يفسّر الكشف عن مستندات أخرى الأربعاء قد لا تكون بالتالي الأخيرة.
لدحض الاتهامات بالتدخل السياسي، كلّف وزير العدل ميريك غارلاند القضية إلى مدعٍ في شيكاغو عُيّن في عهد ترامب.
وعلى هامش قمّة أميركية - كندية - مكسيكية عُقدت في مكسيكو، قال بايدن الثلاثاء للصحافيين «لقد أبُلغت بما تمّ العثور عليه، وفوجئت عندما علمت أنّ وثائق متعلّقة بالحكومة نُقلت إلى ذاك المكتب. لكنّي لا أعرف ما تحتويه تلك الوثائق». وأضاف «الناس يعرفون أنني آخذ المستندات والمعلومات المصنّفة (سريّة) على محمل الجدّ».
وكان بايدن قد انتقد سلفه ترامب، إثر مصادرة «إف بي آي» في أغسطس الماضي وثائق سرية من منزله الخاص في فلوريدا. وقال: «كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ كيف يمكن لأي شخص أن يكون غير مسؤول إلى هذا الحد؟». الجمهوري جيمس كومر، الرئيس الجديد للجنة الرقابة والمساءلة في مجلس النواب، قال إن «الرئيس بايدن وصف نقل وثائق سرية من البيت الأبيض بأنه تصرّف غير مسؤول. في ظل إدارة بايدن، جعلت وزارة العدل والأرشيف الوطني الامتثال لقانون السجلات الرئاسية أولوية قصوى، ونتوقع نفس المعاملة للرئيس بايدن». ولم يعلن رئيس مجلس النواب الجديد، الجمهوري كيفين مكارثي، موقفه من ضرورة التحقيق مع بايدن لكنه قال إن رد الفعل على احتفاظ ترامب بوثائق سرية كان مسيساً. وأشار موقع «ذا هيل» إلى أن هناك اختلافات قانونية بالنسبة لحالتَي بايدن وترامب، ورغم ذلك، تقول «سي إن إن» إنه من المؤكد أن قضية بايدن ستوفر مادة دسمة لترامب للدفاع عن موقفه فيما يستعد لخوض سباق الرئاسة في عام 2024، لافتة الى أن قرار توجيه اتهام إلى ترامب بشأن قضية الوثائق السرية، وعدم اتخاذ نفس الإجراء ذاته ضد بايدن، من شأنه أن يثير ضجة سياسية بين المحافظين، الذين سيتهمونه بازدواجية المعايير.
في هذه الأثناء، طالب كومر من وزيرة الخزانة جانيت يلين الحصول على معلومات حول المعاملات التجارية لعائلة بايدن وشركائهم. ونشرت اللجنة على موقعها أمس الأول طلب كومر «من العديد من الأعضاء السابقين في إدارة تويتر المسؤولين عن الرقابة على مواد صحيفة نيويورك بوست المحافظة المتعلقة بخطط أعمال عائلة بايدن الإدلاء بشهاداتهم في جلسات استماع ستعقدها اللجنة في أول فبراير.
وبعد ضمانهم أغلبية مجلس النواب، اعتبر قادة بارزون في الحزب الجمهوري أن التحقيقات مع عائلة بايدن «أولوية قصوى»، موضحين أنها ستركز على معاملات خارجية قام بها نجله هانتر (52 عاماً)، الذي يخضع بالفعل لتحقيق فدرالي لم يوجه إليه أي اتهامات حتى الآن.