• ما تعريفك الشخصي للفن؟

- هناك مقولة لشكسبير: «الحياة مسرح، وما نحن إلا ممثلون عليه». برأيي، ليس هناك مسرحية خالية من الفن، فالحياة هي الفن، والفن هو الحياة. الفن بمنزلة الأكسجين الذي نتنفسه في حياتنا اليومية، سواء من خلال سماع أغنية، أو مشاهدة حركة جميلة.

• ما أول عمل شاركت فيه مع أكاديمية لوياك للفنون- لابا؟ وماذا عن آخر مشاركة لك مع «لابا»؟
Ad


- العمل الأول المشترك مع «لابا» كان مسرحية «جلاتيا»، وهي أسطورية يونانية، وهو أول عمل لي في الكويت، وكان بمنزلة البوابة التي فُتحت لي للاطلاع على الكويت فنياً وثقافياً. وآخر عمل كان «حفل ذاكرة افتتاح الأندلس»، وهو عمل غنائي ثري لبناني بحت، ومختلف جداً عن كل الأعمال السابقة، وأنا سعيد بهذا التعاون. مسيرتي مع «لابا» كبيرة ومثمرة تمتاز بتنوع الأعمال الفنية لثقافات عديدة. هذا العمل يحاكي حقبة الستينيات، والتي نشأت فيها أول سينما بالكويت، وهي «سينما الأندلس»، وفي فترة انطلاقها حضرها عمالقة الفن في الوطن العربي، مثل: الفنان وديع الصافي، والفنان زكي ناصيف، بمشاركة فرقة الأنوار الفلكلورية، ومن هنا جاءت فكرة تقديم عمل فني يعكس هذه الحقبة، ويبين أهميتها للجيل الحالي، والاستعانة بالفنان جورج الصافي، نجل الفنان وديع الصافي، المكمّل لمسيرة والده الفنية. وقد اخترنا ذات الأغاني التي عُرضت في افتتاح سينما الأندلس آنذاك، ومن هنا كان اختيار الفلكلور اللبناني الذي يحاكي الأغاني التي كانت في ذلك الزمن، منها أهمية «الضيعة» (القرية)، وارتباط الإنسان ببيئته، ووضعها جميعاً في سياق فني ثري وجميل.

• ما رأيك بطلاب أكاديمية لوياك للفنون- لابا؟

- يعتمد نظام العمل المسرحي الاستعراضي الذي تقوم عليه «لابا» على مواهب كويتية محلية، تعرفت من خلالها على الكثير من الشباب الموهوبين، الذين كنت محظوظاً بصداقاتهم، والتي كانت مدخلاً لأعمال فنية عديدة شاركت بها مع «لابا». أشكر رئيسة مجلس إدارة أكاديمية لابا للفنون فارعة السقاف، التي جمعتني بها الرسالة النبيلة التي تحملها للتطوع والعطاء والالتفات إلى المواهب المحلية، والثقة التي أوكلتني إياها لنقل هذه الرسالة في أعمال فنية تعكس الهدف الذي تسعى إليه مؤسسة لوياك بالكامل.

• توجد مجتمعات كثيرة تصدر رقصاتها كثقافة عامة تمثلها، فهل لدينا كمجتمع عربي ثقافة الرقص؟

- الإنسان البدائي كان يتواصل مع غيره من الكائنات عن طريق لغة الجسد، وليس عن طريق الكلام المنطوق. الفرق بيننا وبين الغرب أنهم طوروا هذه اللغة، ووضعوا لكل حركة اسماً وقاعدة، لكن هذا لا يعني خلو المجتمعات العربية من ثقافة الرقص، فهي موجودة في عاداتنا المبهجة، وهنا يكمن الهدف من المسرح الراقص، الذي يعكس هذه الحضارات عن طريق الفن والرسومات والرقص.

• كمخرج ماذا تفضل، المسرح الأكاديمي أو الجماهيري أو الاستعراضي؟

- بداياتي الفنية كانت مع فرقة كركلا اللبنانية، وهو مسرح استعراضي أكاديمي استطاع جمع التقنية الغربية بروح ومضمون شرقي، وكانت «كركلا» سبَّاقة في خلق لغة حركية شرقية تحاكي اللغات العالمية، وقد اكتسبت خبرة فنية من خلالها لمدة 12 سنة، مشاركاً بأعمال نالت إعجاباً جماهيرياً، عبر مهرجانات وعروض مسرحية دولية في أكثر من 50 مسرحاً حول العالم، مثل: أصداء، حلم ليلة شرق، الأندلس المجد الضائع، ألف ليلة وليلة، بليلة قمر. هذا المسرح بداية شغفي في العمل الفني الاستعراضي، والذي مازلت أستلهم منه مفهوم المسرح، وكيفية تطبيقه بحرفية.

• هل أنت من المخرجين الذين يحبون كسر القواعد والخروج عن المألوف؟

- أي إنسان يريد أن يكسر القواعد ويخرج عن المألوف يتوجب عليه أن يمتلك المعرفة الكافية والذكاء، وأن يعرف بشكل دقيق ما هو الخروج عن المألوف، وكيفية كسر القواعد. ليس كل مخرج يكسر القاعدة قادراً على الخروج بنتيجة جيدة. البيئة هي أكبر حافز ودافع حتى يكون الشخص متجدداً في مجاله، خصوصاً في وقتنا هذا، ففي الحياة لا توجد قواعد تطبق على كل زمن وحقبة، إذ كل فترة يأتي معها تجدد، والإنسان الذي لا يتجدد يقع في دائرة النسيان. أيضاً يجب على الفنان أن يكون متجاوباً مع كل شيء عصري.

• الرقص، التعبير الجسدي، والاستعراض، هل تتشابه في المعني أم هناك اختلاف؟

- الاستعراض بحد ذاته يدخل في مفهومه الحركات المبهرة، وكل عمل يشتمل على أزياء، وحركة، وموسيقى، وعازفين مقدمين، واستعراضيين، لكن الاستعراض يختلف، فهناك استعراض لعمل غنائي، وعمل راقص، وهناك الاستعراض الذي يشتمل على الاثنين معاً. الاستعراض هو المظلة الكبيرة التي يندرج تحتها: المسرح الراقص، والمسرح الغنائي، والمسرح الفكاهي، والمسرح الموسيقي، الذي نفتقر له في العالم العربي، حيث يكون المؤدي هو المغني والراقص في آن واحد.

• وماذا عن خبرتك في مجال الأزياء؟

- خبرتي في مجال الأزياء جاءت من واقع دراستي، وأنا أشكر «لابا»، خصوصاً رئيسة مجلس الإدارة فارعة السقاف، للثقة التي أعطتني إياها، لاسيما في تصميم الأزياء، فهي سيدة ذات رؤية وداعمة للمواهب الشبابية، وعالمنا العربي غني بالأشخاص الذن يمتلكون مواهب وإبداعات، ولدينا تاريخ حافل يعكس ذلك. ففي مسرحية «عمر الخيام»، والتي تُعد من المسرحيات الأقرب إلى قلبي لما تتضمنه من إسقاطات وإنجازات وجماليات تحاكي معاناة عالمنا العربي حتى وقتنا الحالي، سافرنا إلى أكثر من بلد لشراء مواد تخدم النص، وتم تنفيذ العمل بسواعد شبابية من أكاديمية لابا، بإشراف مختصين فنيين، وهذا يعكس رسالة «لوياك»، بأن ينقل ذوو الاختصاص خبراتهم إلى الشباب الطموح.

• كونك مخرجاً، ومصمم أزياء، هل حققت الأمنية التي تصبو إليها؟

- الفنان الذي يقول حققت ما أريد واكتفيت بمشواري الفني يكون قد حفر مقبرته، فكل عمل فني يحمل تحديات معينة تتجدد وتختلف مع بداية كل عمل جديد.

• بماذا تنصح المخرجين المبتدئين في مشوارهم؟

- الفنان يجب أن يكون مطلعاً على الثقافات والحضارات الأخرى، وألا يحصر فنه ببيئة أو ثقافة معينة.

• لماذا تنقصنا ثقافة النقد؟

- النقد ينقسم إلى جزأين: النقد النابع من رأي شخصي، والنقد الفني من مرجع مختص، وهنا تكمن المشكلة، ففي عالمنا العربي، خصوصاً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يكون النقد لاذعاً من أشخاص سلبيين من دون خلفية فنية، فقط نقد للظهور. أما النقد البنَّاء، فيتقبله الفنان، ويشجعه على التغيير الإيجابي.

• ما هي رسالتك؟

- كل إنسان بحاجة إلى ثقافة المسرح والموسيقى، رسالتي مع أكاديمية لوياك متطابقة، وهي جمع الأشخاص الموهوبين مع بعضهم تحت سقف واحد، وتبادل الآراء والخبرات. من خلال زيارتي للكويت أفتخر بأنني عملت مع مواهب كويتية لديهم شغف التعلم، وهذه من أجمل صفات الطلاب في «لوياك»، والشعب الكويتي لديه حُب الثقافة والفن، وكل شيء جديد، وإظهار جمالية وغنى ثقافتنا الشرقية وتطبيقها على المسرح. الشعب الكويتي أفضل تجسيد للثقافة والفن، وهو تواق لكل ما هو متنوع وجديد.

• ما مشاريعك المستقبلية؟

- هناك العديد من المشاريع التي مازالت قيد البحث والتحضير مع أكاديمية لابا للفنون، وقريباً هناك مشروع ضخم يبصر النور يحاكي البيئة والثقافة الكويتية، وأنا متحمس جداً لإنجازه.