حذّرت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، من أن واشنطن قد تضطر إلى اتخاذ «إجراءات استثنائية» في وقت مبكر من الأسبوع المقبل لتجنب التخلف عن سداد الديون، مما زاد حدة التوتر بين الجمهوريين والديموقراطيين بشأن هذه القضية المثيرة للجدل.
وفي رسالة وجهتها الوزيرة إلى رئيس مجلس النواب الجمهوري الجديد كيفين مكارثي، أكدت يلين أن وزارتها «تستعد اعتباراً من هذا الشهر» لاتخاذ الإجراءات الأولى بخصوص عدة صناديق تقاعد لموظفي الدولة.
ورغم أن هذه الإجراءات يفترض أن تكون موقتة، فإن يلين حذرت من أنه في ظل عدم وجود سقف جديد، يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في وضع التخلف عن السداد للمرة الأولى في تاريخها، وفق ما نقلته وكالة فرانس برس.
ويعني ذلك أن واشنطن لن تستطيع أن تسدد في الآجال أقساط الديون أو فوائدها.
وأوضحت في رسالتها أن «الفشل في تلبية واجبات الحكومة سيلحق ضرراً لا يعوض بالاقتصاد الأميركي وسبل عيش الأميركيين كافة والاستقرار المالي العالمي».
لكن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب يمكن أن تستغل عامل الوقت لمحاولة إجبار الديموقراطيين على التخلي عن بعض النفقات التي أقروها عندما كانت لهم أغلبية مقاعد المجلس.
وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي للصحافيين الخميس إن «الانفاق خارج عن السيطرة وليس هناك رقابة ولا يمكن أن يستمر على هذا النحو»، مضيفاً «نحتاج إلى تغيير الطريقة التي ننفق بها الأموال بتهور في هذا البلد وسنحرص على أن ذلك ما سيحدث».
على الجانب الديموقراطي، اعتبر عضو لجنة الميزانية في مجلس النواب بريندان بويل أن تصريح جانيت يلين «مقلق جداً»، واتهم الجمهوريين «بالاعتقاد بأنه من الطبيعي أخذ اقتصادنا رهينة لفرض إصلاحات متطرفة وغير شعبية».
أما البيت الأبيض، فقد دعا الكونغرس إلى رفع سقف ديون البلاد، مشيرا إلى أنه ليس لديه نية للتفاوض مع الغالبية الجمهورية حول الموضوع.
التزامات قانونية
وذكّرت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارين جان بيار الصحافيين بأن المشرّعين الجمهوريين والديموقراطيين يتعاونون عادة بشأن الموضوع «وذلك هو المطلوب»، مضيفة أنه لا ينبغي تسييس مسألة الديون.
وقال مساعدها أندرو بيتس إن «الجمهوريين في مجلس النواب يقولون للأميركيين حرفياً إنهم مستعدون لإحداث أفظع انهيار في التاريخ الحديث إذا لم يتمكنوا من خفض الإنفاق على البرامج الأكثر شعبية».
ومن بين النفقات التي يقول الديموقراطيون إن الجمهوريين يريدون إلغاءها تلك المتعلقة بالتأمين الصحي خصوصا للمتقاعدين، وكذلك المساعدات الغذائية للفقراء.
وليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها الملف جدلاً، ففي حين رفع المشرّعون أو علقوا الحد الأقصى للمديونية 78 مرة منذ عام 1960 من دون صعوبة في غالب الأحيان، فإن المرة 79 في ديسمبر 2021 تسببت في توترات خطيرة بين الحزبين.
واعتبرت الأقلية الجمهورية آنذاك أن رفع السقف سيكون بمنزلة إعطاء صكّ على بياض للرئيس الأميركي، واتهموه بالمساهمة في مفاقمة التضخّم. واعتبر الديمقراطيون أن رفع الحد غرضه سداد الأموال المقترضة، بما في ذلك مليارات أنفقت في عهد الرئيس دونالد ترامب.
ووافق حينها الكونغرس على رفع الحد الأقصى إلى 31.381 مليار دولار في منتصف ليل اليوم الذي تم فيه الوصول إلى السقف السابق.
وفي رسالتها الجمعة، شدّدت جانيت يلين على أن رفع السقف أو تعليقه «لا يعني السماح بإنفاق جديد» ولكن ببساطة «السماح للحكومة بتمويل الالتزامات القانونية التي تعهّد بها الكونغرس ورئيس كلّ من الحزبين في الماضي».
وفي إشارة إلى القلق من فكرة التخلف عن السداد، قفزت معدلات فائدة السندات الحكومية الأميركية قصيرة الأجل بعد نشر الرسالة.
وارتفع العائد على سندات الخزينة لمدة شهر واحد إلى 4.43 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 15 عاماً (سبتمبر 2007). وكانت الفائدة قد ارتفعت كثيرًا في الأشهر الأخيرة بسبب تشديد الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للسياسة النقدية.