تعودنا كل فترة أن يثار الخلاف حول اللهجات الأصلية أو التي تمثل هويتنا الوطنية لندخل في جدال طويل بين نطق الجيم والياء وأسماء الأشياء وأمور أخرى، ومع هذا كل الخلاف يهون أمام اختلاف لهجات أخرى نراها هذه الأيام، ويخص لهجات خطاب مؤسساتنا الدستورية، ولغتها التي فشل المجتمع في فهمها وفك طلاسمها.
كل من راقب المشهد السابق أو الحالي يعي أن لسان سلطاتنا التشريعية والتنفيذية يخاطب المجتمع بلغة ولهجات لا يفهمها قلبه قبل عقله ناهيك عن واقعه، هي لهجات لا نعرفها، ورطن غير مفهوم يعيش في واد خاص به، وهموم المجتمع تقيم في واد آخر لسانه لا يستوعب حرمات شفاه المسؤولين، ولا يعي ما يقولون، ولذلك سيبقى التواصل مقطوعا مليئا بالحفر والاتصال مع المجتمع «طوط طوط» وشبكته لا تصيد ولا تفيد لإيجاد لغة التواصل مع المجتمع تصل بنا إلى لغة وسط تصنع تواصلا حقيقيا بين المجتمع ومؤسساته، وتنتهي حالة حوار الطرشان الحالي إلى الأبد.
وأفضل معادلة تواصلية تقتضي وجود نقاط مهمة:
أولاها: الشفافية وطرح القضايا والتشريعات كما هي وتوضيح الهدف منها وآلية تطبيقها تشريعيا وتنفيذياً وفق مخطط زمني واضح، مع تحمل كل المسؤولية في حال عدم إنجازها.
ثانيتها: فتح المجال لنشر ما يتم للجمهور ليكون مطلعا على الخطوات أولاً بأول، ولا يتوه في طرقات أخبار العاجل والسبابات المظلمة، ثم عمل لقاءات مباشرة مع الجمهور سواء كانوا مواطنين أو ناخبين ومعرفة رأيهم والأخذ والرد معهم، وتحمل انتقادهم ومخاوفهم بدلا من خطابات المنابر التي تخاطب نفسها وترد على نفسها طوال ساعات وساعات!
أخيراً: الاستعانة بخبرات المجتمع الأكاديمية والإعلامية ضرورية لتكوين خطاب يحمل لغة مفهومة يعرفها الشارع ويتعاطى معها، فهل نرى قريبا لسانا تنفيذيا وتشريعيا مبيناً يخاطبنا، أم نبقى كالعادة طرشان في زفة دستورنا وديموقراطيتنا؟!