إيطاليا توقف آخر «عرّاب» للمافيا بعد 30 عاماً من المطاردة
• قبضت على دينارو وهو يُعالَج من سرطان القولون بمستشفى في باليرمو
في ضربة قوية لمافيا صقلية، أوقفت السلطات الإيطالية، أمس، في باليرمو، ماتيو دينارو المتحدر من صقلية، والذي يعد أحد آخر وأخطر كبار زعماء المافيا، بعد تواريه عن الأنظار على مدى ثلاثين عاماً.
ويُعتبر دينارو (60 عاماً)، خليفة للعرابَين التاريخيين الرئيسيين لمافيا صقلية «كوزا نوسترا» التي تم تجسيدها في أفلام هوليوود، توتو رينا وبرناردو بروفنزانو، اللذين توفيا في السجن عامي 2016 و2017.
وبحسب المعلومات، أوقف عناصر الدرك المدججون بالسلاح من وحدة النخبة «روس» دينارو داخل مستشفى لا مادالينا في باليرمو حيث كان يتلقى علاجاً من سرطان القولون مستخدماً اسماً مستعاراً منذ نحو عام.
ويحتل دينارو، المولود في أبريل 1962 قرب تراباني في صقلية، المرتبة الأولى على قائمة وزارة الداخلية لأخطر المطلوبين.
وقالت الاختصاصية في شؤون الجريمة وأنشطة المافيا أنا سيرجي إن دينارو، وهو وريث حقبة خلت من «القوة التاريخية الكبرى لمافيا كوزا نوسترا»، كان «الأخير، الأكثر مقاومة ونقاوة بين فلول رجال مافيا صقلية».
وفي السياق، ذكر أستاذ علم الجريمة في جامعة أكسفورد فيديريكو فاريزي أن «بقاء دينارو في باليرمو أمر مذهل»، مضيفاً «إذا أردتم ممارسة نوع من السلطة، فعليكم الحفاظ على حضور ميداني».
وظل دينارو، المطلوب الأول من جانب أجهزة الأمن، مختفياً منذ صيف عام 1993 عقب هجمات المافيا في العاصمة روما وميلانو وفلورنسا هارباً من أحكام بالسجن مدى الحياة لمسؤوليته عن عشرات جرائم القتل بينها جريمة قتل طفل هزت إيطاليا، وعن دوره في مذابح عام 1992 لقتل القاضيين فالكوني وبورسيللينو رمزَي مكافحة المافيا.
وحُكم على دينارو غيابياً بالسجن مدى الحياة سنة 2000 بتهمة القتل. لكنّ الصورة الوحيدة المعروفة له تعود إلى أوائل تسعينيات القرن الماضي. وكان يُوصف بأنه مولع بالأزياء والسيارات الفاخرة. ولسنوات طويلة، شارك المئات من عناصر الشرطة والدرك في مطاردته.
ومنذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ضاعفت الشرطة الإيطالية عمليات الاعتقال ومصادرة الممتلكات في محيطه، في استراتيجية عزل استغرقت قرابة 20 عاماً لتؤتي ثمارها، في دلالة على حجم شبكة الدعم التي كانت تحيط به.
وفي ديسمبر 2018، أوقفت الشرطة الإيطالية عشرات عناصر مافيا صقلية، بينهم الصائغ سيتيمو مينيو البالغ حينها 80 عاماً، والذي كان يرأس أنشطة المافيا في منطقة بالياريلي قرب باليرمو ويعتبره القضاء العراب الجديد لمافيا باليرمو. وكان مينيو الملقب «العم سيتيمو»، اختير في 2018 لخلافة توتو رينا الذي توفي عام 2017 في السجن، خلال اجتماع سري للجنة زعماء المافيا المكلفة السهر على إنفاذ قواعد «كوزا نوسترا» وحل الخلافات بين العائلات.
ووصفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التوقيف بأنه «نصر كبير للدولة يظهر عدم استسلامها أمام المافيا»، فيما رأى نائبها ماتيو سالفيني أنه يبعث رسالة مفادها أنه «عاجلاً أم آجلاً، حتى أكبر المجرمين المتوارين لن يفلتوا من التوقيف». وقدم الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وهو شقيق بيرسانتي الذي قتلته المافيا في يناير 1980 حين كان رئيساً لمنطقة صقلية، «التهاني» لقوات الأمن على توقيفهم دينارو.