خطة لتطوير جزيرة فيلكا كمركز ثقافي عالمي الأبعاد
• منصة الفن المعاصر استضافت معرض «الإسكندر الأكبر في الكويت»
في أمسية فنية تمزج بين التاريخ والمستقبل، شهدت منصة الفن المعاصر افتتاح معرض "الإسكندر الأكبر في الكويت... مد جسور التواصل بين الشرق والغرب"، والذي يعتبر أحد سبل مد التعاون بين الكويت واليونان، بعد علاقات تاريخية جمعت البلدين.
حضر الافتتاح دبلوماسيون ومثقفون ومهتمون، كما ألقى كلمة بهذه المناسبة السفير اليوناني لدى البلاد كونستانتينوس بيبيريغوس، الذي أكد وجود خطة لتطوير جزيرة فيلكا كمركز ثقافي عالمي الأبعاد، وهو ما أشار إليه عميد كلية الآداب بجامعة الكويت د. عبدالهادي العجمي في كلمته، معرباً عن أمله في أن تتحول تلك الآمال إلى واقع يعكس تاريخ الكويت قبل آلاف السنين.
أدونيس جيورجياديس: العلاقات اليونانية - الكويتية انتقلت إلى مرحلة جديدة من التطور
كما شارك في الافتتاح نائب وزير الخارجية اليوناني كوستاس فراغكو غلانيس، ومنسق المعرض والمدير التنفيذي لأعمال الفنان اليوناني ماكيس فارلاميس، بول تروشوبولوس. وشاركت في الغناء خلال الافتتاح الفنانة الميزو سوبرانو ألكساندرا غرافاس، والتي حملت الحضور في رحلة حول العالم مع أغنياتها، حيث قدمت 4 أغنيات، إحداها باللغة العربية، ما كان له صدى كبير على الجمهور الذي تفاعل معها بالغناء.
وفي كلمته، شكر وزير التنمية اليوناني أدونيس جيورجياديس، الكويت، على استضافتها لهذا الحدث، وقال إن "الإسكندر هو أحد أهم الشخصيات عبر التاريخ، فقد استطاع تغيير العالم إلى عالم جديد لانزال نشعر بتأثيره حتى يومنا هذا، ونحن دائماً ننظر إلى الماضي للاستفادة منه في المستقبل. اليوم، يسعدنا وجود هذا العدد الكبير من الشعب الكويتي الذي حضر هذا المعرض، وسيذكر الجميع هذا اليوم كأحد الأيام المهمة التي انتقلت فيها العلاقات اليونانية- الكويتية إلى مرحلة جديدة من التطور".
تعزيز العلاقات
وقال السفير اليوناني لدى البلاد، كونستانتينوس بيبيريغوس: "عندما توليت منصب سفير اليونان بالكويت والبحرين قبل 3 سنوات كنت أطمح إلى تعزيز العلاقات بين اليونان والكويت، وكذلك التأكيد على وجدان العلاقات بين بلدينا، وفي وقت لاحق، وبعد الجائحة، أشعر بالفخر لتدشين هذا المعرض، مع مجموعة الرسام اليوناني الشهير من مقدونيا (فارلاميس)، والذي نعتزم من خلاله تعريف وتعميق المعرفة بشخصية الإسكندر الأكبر للمجتمع الكويتي".
كونستانتينوس بيبيريغوس: «فيلكا» ذات الموقع الاستراتيجي أول تبادل للحضارة بين الكويت واليونان
وأضاف: "أنشأ الإسكندر الأكبر ورفاقه أول بناء يوناني بالكويت، في جزيرة فيلكا، ذات الموقع الاستراتيجي، وتمثل هذه المنشأة البحرية نقطة مركزية في بداية التاريخ الكويتي، إضافة لكونها أول تبادل للحضارة بين بلدينا، واليوم في القرن الواحد والعشرين أصبحت الرسالة العالمية التي وجهها الإسكندر للتعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الأمم والأديان والثقافات على الأرض أكثر أهمية من أي وقت مضى، وحتى اليوم لا تزال هناك 20 مدينة تحمل اسمه، بدءاً من الإسكندرية الشهيرة في مصر، حتى إنه في القرآن الكريم ذكر كديناميكية حضارية تحت اسم (ذي القرنين)، وفق بعض تفسيرات علماء الدين والمستشرقين".
وأكد أن "مكتشفات جزيرة فيلكا الأثرية تزين متحف الكويت الوطني، ومازالت أعمال التنقيب والحفر مستمرة في ربوع الجزيرة، الأمر الذي يعزز الآمال نحو المزيد من الكشوف الجديدة، وبدءاً من فيلكا توسعت الحضارة والقيم الهيللينيستية في جميع أرجاء منطقة الخليج".
وتابع: "مجموعة فارلاميس تقدم تمثيلاً متعدد الجوانب لشخصية هذا الملك العظيم، وآمل أن تكون الكفيلة بالمزيد من التآزر والتعاون مثلما يمكن أن ينشأ بين جزيرة إيكاريا ومدينة امفيبوليس، حيث نشأ نيارخوس ادميرال الإسكندر، وأملاً في خطة تطوير جزيرة فيلكا كمركز ثقافي عالمي الأبعاد، كما يراودني شعور بالفخر بجلب هذه المجموعة الفنية إلى الكويت لأول مرة، وآمل أن تستمر في رحلتها إلى بلدان عربية أخرى"، مشيراً إلى أن الرحلات المباشرة بين أثينا والكويت ستنطلق قريباً، كأحد سبل استثمار هذا التعاون وتلك العلاقات الطيبة المتبادلة.
واختتم السفير اليوناني بقوله: "ما كان هذا المعرض ليصبح واقعاً من دون المساهمة السخية من مؤسسة منصة الفن المعاصر عامر الهنيدي وفريقه، ولاشك في أن مساهمة مختبر فرجينيا التجريبي باليونان ومتحف الفن النمساوي، اللذين يمثلان الإبداع الفني لأعمال فارلاميس على المستوى الدولي، كانت بالغة الأهمية. شكر خاص لمدير قسم الفنون بول تروخوبولوس، الخبير في فنون فارلاميس، والذي نجح بفضل معرفته ومثابرته في حل العديد من المشاكل في تنظيم المعرض، وبطبيعة الحال نعرب عن امتناننا لجميع الرعاة الذين ساهموا في جعل هذا المعرض الرائع ممكناً".
مشهد لرمزية التواصل
من جانبه، قال عميد كلية الآداب بجامعة الكويت د. عبدالهادي العجمي، إن "الكويت واليونان تمثلان مشهداً لرمزية التواصل الحضاري والإنساني القديم، حيث هناك عوامل جوهرية تاريخية تجمع بين عالمينا وشعبينا، اليوناني والكويتي، كنافذة على عالمنا العربي الإسلامي، حيث يمكن اعتبار انتهاء حملة الإسكندر الأكبر على الشرق عام 333 ق.م نقطة البداية في العلاقات بين البلدين، بربط منطقة الكويت التاريخية مباشرة، ربما ولأول مرة في تاريخ المنطقة، جغرافياً وسياسياً وحضارياً، بعالم البحر المتوسط، العالم اليوناني الروماني".
عبدالهادي العجمي: يجب تحويل هذا المعرض الفني إلى نواة لمتحف بجزيرة فيلكا
وأضاف: "انصهرت هذه العلاقات في بوتقة، حتى أصبحت منطقتنا جزءاً من الإمبراطورية السلوقية، بمد وجودهم إلى مياه الخليج العربي، لضمان حركة الملاحة، ومثلما اتجه السلوقيون إلى الذراع الشرقية للجزيرة العربية، فإن نفس الخيار فعله البطالمة في مصر، وإذا كان الإسكندر الأكبر لم يحقق حلمه بفتح جزيرتنا العربية لتصبح أرضية مهمة لإمبراطوريته، نظراً لموقعها الجيواستراتيجي، إلا أن خلفاءه جسَّدوا جزءاً من هذا الحلم في الانفتاح الاقتصادي والفكري والسياسي".
وأكد العجمي أنه "يجب أن يتحول هذا المعرض الفني المهم إلى نواة لمتحف على أرض جزيرة فيلكا، وجسراً للتفاهم بين شعبينا، وربط بحر إيجه ببحر الخليج العربي، وإيكاروس بفيلكا، في إطار دعم علاقاتنا، وتعميق فكرة تلاقي الحضارات والشعوب والأديان ضمن مشروع تطوير الجزيرة التاريخية عالمية الأبعاد".
شريك رائع
من ناحيته، قال نائب وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والانفتاح في اليونان، كوستاس فراغكو غلانيس، إن عبارة مد جسور التواصل بين الشرق والغرب تختصر كل شيء، فالكويت شريك رائع، ليس لكونها فقط جسراً بين الشرق والغرب، لكنها أيضاً صديق عزيز.
كوستاس غلانيس: الكويت شريك رائع وصديق عزيز وجسر بين الشرق والغرب
وأكد أن جزيرة فيلكا أكبر شاهد على العلاقات التاريخية التي جمعت البلدين وصداقتهما المستمرة، لافتاً إلى أن معرض الإسكندر الأكبر لاقى صدى جيداً في مختلف أنحاء العالم، خصوصاً أن الإسكندر الأكبر لم يكن مجرد قائد رائع وشجاع، لكنه كان أول زعيم يدرك أهمية التعددية الثقافية، وجعلها خياراً لغزواته من منطلق وعي تام، أنه لا جدوى من استعداء الناس، لذلك لم يمس دياناتهم أو معتقداتهم الثقافية، وبذل قصارى جهده لإظهار الاحترام لثقافات ومعتقدات الشعوب التي غزاها، وقال إن العلاقات الثنائية مع الكويت ستنمو وتتطور في مختلف المجالات بالمستقبل القريب.
رابط بين الشرق والغرب
بدوره، ذكر منسق المعرض والمدير التنفيذي لأعمال الفنان اليوناني ماكيس فارلاميس، بول تروشوبولوس، أنه تم اختيار الكويت كي تكون المحطة الأولى لهذا المعرض، الذي سيستمر شهراً، وينطلق بعدها إلى باقي دول الخليج، مشيراً إلى أن هذا المعرض يمكن الكويت من إرسال رسالة للعالم، بأنها الجسر الرابط بين الشرق والغرب.
وأضاف: "نريد أن نناقش مع حكومة الكويت ورجال الأعمال كل الأعمال، ليتم وضعها في متحف حديث للعالم العربي والعالم بأسره، بحيث يكون مركزاً يجمع بين الثقافة وريادة الأعمال والعلوم، وبهذه الطريقة يمكن للكويت أن تصبح بحق الجسر الذي يوحد الشرق بالغرب، حيث يضم المعرض 60 لوحة ومنحوتة للفنان اليوناني فارلاميس، الذي وُلد بمدينة مقدونيا اليونانية، وهي المدينة نفسها الذي وُلد فيها الإسكندر، وهي مجموعة منتقاة من إجمالي 1000 لوحة رسمها فارلاميس حول الإسكندر على مدار 7 سنوات إذ كان الإسكندر بالنسبة له شغفاً".