حسناً ما قامت به الحكومة من رفض لمقترح النواب الذين يطلقون على أنفسهم نواب الأغلبية، الخاص بشراء القروض، والذي سيكلف أكثر من 15 مليار دينار، وبما أن الدولة لا تملك هذا المبلغ فإنها ستضطر إلى الاستدانة، ومن ثم سيصبح إجمالي المبلغ مع فوائد الدين أكثر من 22 مليار دينار، وبررت ذلك الرفض لكلفته المالية العالية، ولانتفاء العدالة بين المواطنين، وأن تطبيقه سيضر بمستقبل الأجيال القادمة.
ولعل سبباً واحداً من هذه الأسباب كفيل بأن يقنع أولئك النواب بالتخلي عن ذلك المقترح وغيره من المقترحات السيئة، كما رأى النائب الفاضل عبدالوهاب العيسى، الذي أكد أن عودته للمجلس إن كانت تتوقف على التمسك بذلك المقترح الضار بوطنه فإنه سيفضل مصلحة الوطن على مصلحته الخاصة، أما بقية النواب فازدادوا تعنتاً، فهددوا باستجواب رئيس الوزراء ووزير المالية.
لا نعرف كيف ستتصرف الحكومة إزاء ذلك التعنت؟ هل ستضعف وترضخ وتستجيب لتنفيذ مطالب أولئك النواب المدمرة للدولة؟ وفي هذا تكون شريكاً معهم في تنفيذ تلك الجريمة في حق الوطن؟ أم أنها قادرة على التصدي لهم وتحمي بلادنا من شرورهم؟
من المؤكد أن لدى الحكومة الكثير من الدراسات التي تثبت أن الكويت ليست دولة غنية واسعة الثراء، كما يتوهم أولئك النواب، أو كما يدعون لتبرير تبذيرهم وإسرافهم لأموالها، إنما هي في الحقيقة ما هي إلا دولة من الدول النامية، الضعيفة الاقتصاد، تعتمد في دخلها على مصدر وحيد وناضب وهو النفط، وبذل الآباء منذ أكثر من ستين عاماً جهداً لضمان مستقبل كريم للأجيال القادمة، فاقترحوا صندوق الأجيال القادمة.
اليوم يقدم هؤلاء النواب مقترحات شعبوية لتحقيق مصالح انتخابية خاصة لهم، وتدمير ذلك الصرح المتميز، فينبغي حماية مستقبل أجيالنا القادمة بأي وسيلة، فكيف يتسنى لنا ذلك؟
على الحكومة أن تقنع أولئك النواب بخطورة تنفيذ مقترحاتهم على مستقبل الدولة، فإذا أصروا على تلك المطالب فعليها إحالة الموضوع إلى المحكمة الدستورية، فإن لم يقتع أولئك الأعضاء فعليها حل المجلس مرات متعددة، فحماية مستقبل الدولة أهم بكثير من ترضية أولئك النواب.
وكما يقول الشاعر:
إذا لم تكن إلا الأسنةُ مركباً
فما حيلةُ المضطر إلا ركوبها