بعد أن شهد سوق الاكتتابات الأولية أداءً مميزاً عام 2021، نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في مواصلة نشاطها الملحوظ على مدار عام 2022، متخطية مستويات العام السابق، وذلك على الرغم من تقلبات الأسواق الثانوية.
ووفقاً لتحليلات شركة كامكو إنفست، قفز العدد الإجمالي للاكتتابات العامة الأولية في دول مجلس التعاون إلى 48 اكتتاباً عام 2022 (بما في ذلك الاكتتاب العام لاثنين من صناديق الاستثمارات العقارية المتداولة)، مقابل 20 اكتتاباً عام 2021. وارتفعت حصيلة أنشطة الاكتتابات العامة الأولية الخليجية بنحو 3.1 أضعاف، لتصل إلى 23.38 مليار دولار مقابل 7.52 مليارات عام 2021، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرغ وأسواق الأوراق المالية.
وحافظت أسواق الاكتتابات العامة الأولية على انتعاشها، على الرغم من التقلبات التي شهدتها مؤشرات السوق الثانوية، مثل مؤشر مورغان ستانلي الخليجي (ارتفع بنسبة 1.2 بالمئة في النصف الأول من عام 2022، وتراجع بنسبة 7.5 بالمئة في النصف الثاني من عام 2022) وأسعار النفط (ارتفعت بنسبة 55.1 بالمئة في النصف الأول من عام 2022 وتراجعت بنسبة 30.9 بالمئة في النصف الثاني من عام 2022)، حيث ظلت جهات الإصدار واثقة بأساسيات أعمالهم، والتواصل مع الأسواق، وإقبال المستثمرين على الإصدارات.
ورأت «كامكو إنفست» توافر مجموعة من الأسباب الأخرى التي ساهمت في تفوق أداء سوق الاكتتابات العامة الأولية في المنطقة، مقارنة بمناطق جغرافية أخرى، مثل المرونة النسبية وحصانتها ضد الأحداث الجيوسياسية العالمية، مثل الحرب بين أوكرانيا وروسيا، التي دفعت بالمؤشرات إلى تسجيل أداء سلبي، والوزن الترجيحي للبورصات الخليجية ضمن المؤشرات، مما يعتبر من العوامل التي دعمت لمصلحة الإصدارات الإقليمية.
إضافة إلى ذلك، برز العديد من الفرص أمام الشركات لاستكشاف خيارات الإدراج المزدوج بين البورصات وتنفيذها، بينما قامت الشركات المدرجة بدراسة تحسين السيولة من خلال حدود الملكية الأجنبية. وتواصل الحكومات الخليجية سعيها لزيادة أنشطة إدراج الشركات التابعة للدولة في البورصات، وتوفير المزيد من الدعم للشركات الخاصة التي تتطلع إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي، حيث أطلقت أبوظبي صندوقاً بقيمة 5 مليارات درهم إماراتي لتشجيع الشركات العاملة في القطاع الخاص على الإدراج في سوق أبوظبي للأوراق المالية.
ويعمل الصندوق تحت إشراف المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية، ويديره دائرة التنمية الاقتصادية، ومن المقرر أن يستثمر الصندوق في 5 - 10 شركات خاصة سنوياً، مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وبنسبة مستهدفة تتراوح بين 10 و40 بالمئة من حجم الطرح.
وأضافت أن الاكتتابات الخليجية قيد الإعداد عام 2023 ما زالت قوية، إلا أنه قد يتم البحث عن بدائل مواتية، في الوقت الذي نتوقع فيه استمرار رفع أسعار الفائدة، والظروف الجيوسياسية، وتقلّب أسعار الأسهم وأسعار النفط كأبرز المخاطر خلال عام 2023، إلا انه يشار إلى أن توافر تلك العوامل لم يؤثر سلباً على الاكتتابات العامة التي شهدت أداءً قوياً عام 2022. وتعود الأسباب الرئيسية إلى أنه على الرغم من أن أداء السوق الثانوي في البورصات الخليجية كان متبايناً، فإن الجهات المصدّرة للاكتتابات ذات الجودة العالية استمرت في جمع أموال تخطّت قيمة الطرح، وذلك بفضل نماذج الأعمال الفريدة التي تميّزوا بها، وفي بعض الحالات تمت مكافأتهم على عروض القيمة التي تقدّموا بها، من حيث توزيعات الأرباح القوية من شركات مستقرة، مثل المرافق العامة والقطاع الاستهلاكي. وما تزال الاكتتابات قيد الإعداد عام 2023 قوية، وبناء على تقديراتنا في بداية العام، قد تتراوح بين 27 و39 شركة يتم طرحها للاكتتاب العام في دول مجلس التعاون بين ما تم الإعلان عنه رسمياً والأنباء المتداولة، وهو أمر إيجابي بالفعل.
ورجحت أن ينظر بعض المصدرين إلى السوق الثانوية بحثاً عن نقاط نفاذ إلى الأسواق تكون أكثر ملاءمة من حيث استقرار السوق، والتقييمات، وقد يلجأون إلى استخدام نهج الانتظار والمراقبة قبل المُضي قُدماً لطرح خطط الاكتتابات. إلا انه على الرغم من ذلك، نرى من وجهة نظرنا أن دول مجلس التعاون ستواصل جذب اهتمام المستثمرين الدوليين بفضل نموذج أعمالهم المتميز وأسماء الشركات العائلية الجاذبة، ونظراً لموقعها التنافسي القوي وانتشارها الراسخ في السوق.