• تعود العلاقات الكويتية ـ الباكستانية إلى عقود بعيدة، كيف تصف وتقيم العلاقة بين البلدين اليوم؟

- بالفعل، تعود علاقاتنا إلى ما قبل استقلال الكويت، ونحن نقول دائما وبكثير من الفخر والاعتزاز إن الشعب الباكستاني كان له دوره في بناء الكويت، ولدينا حاليا علاقات ممتازة وودية في المجالات كافة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو تجارية أو دفاعية أو من خلال التواصل بين الناس، لذلك بشكل عام يمكنني القول إن العلاقات عميقة ونحن مستمرون في العمل لتحسينها وتعزيزها أكثر فأكثر.

كما أن بلدينا يعملان معا ولديهما تقارب في وجهات النظر بأي قضية، والكويت كانت ولا تزال تدعم باكستان في كل المساعي، وعلى سبيل المثال دعمها قرار باكستان ضد الإسلاموفوبيا (رهاب الاسلام) في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما دعمتنا عندما كنا على «القائمة الرمادية» التي تم إدراجنا عليها منذ عام 2016، ونحن ممتنون لحكومة الكويت على دعمها المستمر حتى تم رفعنا من هذه القائمة. وعلى الصعيد السياسي، كانت القيادة تتفاعل فيما بينها، وآخر مكالمة هاتفية من رئيس وزرائنا مع صاحب السمو رئيس الوزراء كانت في 7 يناير الجاري، واتفقا على أن العلاقات السياسية سلسة جدا وتتحرك بثبات، كما أشارا إلى أن العلاقات الاقتصادية والتجارية جيدة أيضا، إذ تبلغ التجارة حاليا بين البلدين نحو 2.5 مليار دولار.
Ad


الجالية الباكستانية

• ما تقييمك لأوضاع الجالية الباكستانية في الكويت؟ وكم باكستانيا يعيشون هنا؟

- لدينا جالية قوية تعيش هنا منذ عقود وهم سعداء جدا وراضون جداً، ويعتبرون أنفسهم جزءاً من المجتمع الكويتي. وبالنسبة للجيل الثالث، فهم لا يعرفون الكثير عن باكستان كما يعرفون عن الكويت، فتراهم يتحدثون العربية بطلاقة ويرتدون الزي المحلي ونادرا ما يزورون باكستان من أجل السياحة أو لزيارة عائلاتهم فقط.

ويمكننا تقسيم الباكستانيين إلى فئتين: أولئك الذين يعيشون هنا منذ أربعة أو خمسة عقود وهم مستقرون إلى حد ما وهم جزء من المجتمع الكويتي ويقومون بعمل جيد هنا، وفي المقابل أولئك الذين كانوا عمالا ماهرين، وهم أيضا راضون جدا.

وكان هناك وقت وصل فيه عدد الباكستانيين إلى 350 ألفا، لكن حاليا لدينا نحو 100 ألف، والعدد آخذ في الازدياد، وهذا هو المجال الذي أحتاج حقا للعمل عليه، وهو عودة إصدار التأشيرات المعلقة حالياً للباكستانيين، خصوصاً لرجال الأعمال، وقد بحثت الموضوع مع السلطات الكويتية من مختلف الإدارات ذات الصلة، وحصلت على ردود فعل إيجابية جدا حتى الآن، خصوصاً أنني تأكدت أن باكستان ليست من ضمن الدول الثماني التي تم حظرها، وأنا متفائل جداً ومتأكد من أنه في الأيام القادمة سنرى بشكل خاص عودة منح التأشيرات، إذ لدينا مجموعة كبيرة من العمال المهرة الشباب، ونعلم أن الكويت بحاجة إليهم، وهم بانتظار فتح باب تأشيرات العمل، لذلك باكستان مستعدة لتقديم خدماتها مثل التي قدمتها خلال فترة انتشار «كورونا»، عندما كانت الكويت بحاجة إلى مزيد من الأطباء وأطقم التمريض، ونحن ممتنون لحكومة الكويت على ثقتها بأطبائنا وممرضينا الذين يبلغ عددهم نحو 3 آلاف، وهذا العدد سيزداد ايضاً، وأعتقد أنه لا تزال هناك حاجة للكثير من الأطباء وطاقم التمريض في الكويت. وباكستان ترسل أفضل أطبائها من أفضل مستشفياتها. لأنه كما قلت من قبل، عندما يتعلق الأمر بالحكومة، فإنها حريصة جدا على التوظيف، لذا فهي فقط تختار الأشخاص المميزين لإرسالهم إلى الكويت.

وإضافة إلى القطاع الصحي، نحاول العمل على زيادة أعداد الباكستانيين في القطاع الهندسي وفي تكنولوجيا المعلومات وفي التدريس أيضا، ولدينا مجموعة كبيرة من الشباب الموهوبين والعاملين المهرة وهم مستعدون للقدوم وخدمة الكويت، وفي الوقت نفسه فإن حكومة باكستان تتحمل مسؤولية إرسال الشخص المناسب للعمل في الكويت بالوظيفة المناسبة، ولا تريد أن ترسل عمالة هامشية لا يستفيد منها المجتمع الكويتي.

• كم يبلغ حجم الاستثمار الكويتي في باكستان؟

- لدى الكويت الكثير من الاستثمارات في باكستان، فمثلا لدى الشركة الكويتية للاستثمار استثمارات تزيد على 750 مليون دولار، معظمها في القطاع المالي، وتوجد أيضا شركات لإدارة الاستثمار في شركات التنظيف والمطاط والتأمين، كما أن لشركة البترول الكويتية بعض المشاريع لدينا تبلغ قيمة عقودها أكثر من مليار دولار، وهي موجوة هناك منذ عام 1987، ومستعدة لتوسيع محفظتها في باكستان.

• ما أهم المواد التي تصدرها باكستان إلى الكويت؟

- عنصر التصدير الرئيس حالياً هو اللحوم، يليها الأرز والأقمشة، ولكن عندما ننظر إلى الأرقام مع الكويت فهي أقل بكثير من الأرقام مع بقية دول العالم وتحديدا الأوروبية، لذلك سيزور الكويت في 8 فبراير المقبل وفد تجاري مؤلف من نحو 35 شخصا، بدعوة من غرفة تجارة الكويت، لعقد لقاءات مع تجار وشركات كويتية، كما سيتم تنظيم معرض للمواد الغذائية ولمنتجات الجلود والنسيج والأدوات الجراحية، لأن لدينا أفضل الأدوات الجراحية المستخدمة في المستشفيات الألمانية. الكويتيون مهتمون بالاستثمار في بلادي، وسأحاول أن أشرح لهم سياسات حكومتنا الحالية، والمجالات المتاحة لهم، وسنقوم بترتيب زيارات لهم لباكستان لعقد بعض الاجتماعات مع جهات الاختصاص هناك، نظراً لأن لدينا الكثير من مجالات الاستثمار، وأعتقد أن أفضل سوق بالنسبة لتجار الكويت سيكون في قطاع الزراعة، لأن الكويت دولة تستورد معظم المواد الغذائية، لذلك سيكون الأمر بمنزلة وضع مربح لكلا البلدين، ونحن نحاول زيادة صادراتنا إلى الكويت، وحالياً حصتنا في واردات الكويت من حيث تجارة الأرز والنسيج منخفضة جداً وأقل من 2 في المئة.

المشاركة في «رؤية الكويت»

• كيف يمكن للشركات الباكستانية المشاركة في تنفيذ وتحقيق رؤية الكويت التنموية 2035؟


- نعلم أن رؤية الكويت 2035 تشتمل على العديد من المجالات التي يمكننا المشاركة فيها، وهذا ما أحاول تسليط الضوء عليه، فمثلا عندما يتعلق الأمر بتطوير البنية التحتية هنا، نحن مستعدون لتقديم خدماتنا، وأنا متأكد من أنه يوجد أشخاص في الكويت يدركون أن العمالة الماهرة من باكستان بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً في تنمية البلاد، لذلك ثمة العديد من المجالات، حيث يمكن للبلدين العمل معا، ونريد أن نلعب دورنا الفعال لتنفيذ واستكمال رؤية الكويت 2035.

• هل أنت راضٍ عن مستوى السياحة من الكويت إلى باكستان؟

- المستوى ليس جيداً على الإطلاق، وأحد الأسباب هو أننا لم نتمكن من الترويج بشكل جيد للسياحة في باكستان، لذلك هناك عدد قليل جدا من الناس في الكويت يعرفون باكستان ويزورونها، ونحن لا نريد فقط أن يذهب الأشخاص من الكويت إلى باكستان للاستثمار ولكن أيضا للسياحة.

لدينا أعلى 5 قمم من أصل 12 قمة في العالم يقصدها العديد من الناس من جميع أنحاء العالم لتسلقها أو للمشي لمسافات طويلة، ولدينا في المناطق الشمالية ملعب «بولو» في أعلى أرض بالعالم، كما أن لدينا العديد من الاحتفالات، ولدينا مسابقة صيد الوعل والصيد مع النسر.

ورسالتي للكويتيين هي: زوروا باكستان واكتشفوها، فهي بلاد جميلة وأرخص بكثير من أي بلد من حيث الطعام الحلال والإقامة والاستجمام، وضيافتنا معروفة للعالم، فعندما نعلم أن هناك زواراً من الخليج، وتحديداً من الكويت، يرحب شعبنا بهم بالكثير من الحب والاحترام.

في هذا السياق، تسير الخطوط الجوية الباكستانية الدولية والخطوط الجوية الكويتية وطيران الجزيرة رحلات مباشرة الى باكستان، ونعمل أيضا على زيادة الرحلات التي يبلغ عددها حاليا نحو 16 رحلة أسبوعياً. وهذا العام يصادف الذكرى الستين لعلاقاتنا الدبلوماسية، ولدينا خلال هذا العام كله خطط وفعاليات في مختلف مدن باكستان والكويت، ومع مرور 60 عاماً على العلاقات بين بلدينا، سنركز هذا العام على مجالين: أحدهما بالطبع السياحة والآخر جذب الاستثمار إلى باكستان.

• هل يحتاج الكويتي إلى فيزا لدخول باكستان؟

- عملية التأشيرة بسيطة جدا، إذ إن نظام التأشيرات في باكستان هو الأكثر تطورا، كل ما تحتاجه هو فقط الدخول الى موقع السفارة الإلكتروني وملء النموذج، وبعدها ستتلقى رسالة بريد إلكتروني تفيد بإصدار تأشيرتك، ولا تحتاج إلى أن يكون لديك ملصق على جواز السفر.

• هل هناك اتفاقية دفاعية جديدة بين البلدين؟

- لدينا تمرين واحد اسمه «أمان» يقام في باكستان، والكويت تشارك فيه كمراقب، ولكن ابتداء من العام المقبل، ستشارك الكويت فعليا في هذه التدريبات، ولدينا علاقات جيدة في قطاع الدفاع، وثمة اتفاقات موقعة للتعاون الدفاعي بين البلدين، كما أن هناك زيارات متبادلة بين ضباط رفيعي المستوى من البلدين.

• كيف تقيمون دور الدبلوماسية الكويتية في حفظ السلام وتسوية النزاعات الإقليمية والدولية؟

- قبل الإجابة على هذا السؤال، دعني أعرب عن عميق امتناني لحكومة الكويت، وخصوصا لحضرة صاحب السمو الأمير ولسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء ولجميع أبناء الكويت للطريقة التي دعمونا بها في فيضانات يونيو ويوليو وأغسطس من العام الماضي، لذلك نحن ممتنون حقا لشعب الكويت.

نحن نقدر الدور الرائع الذي تلعبه الكويت في مختلف الأزمات، فالكويت كانت لاعباً فاعلاً في الوساطة خلال الأزمة الخليجية ـ الخليجية، وكلما كانت هناك خلافات بين الدول الإسلامية، وإذا أردنا التحدث عالميا فإن الكويت حريصة جدا على محاربة كل ما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، لذلك نحن نحترم موقف الكويت التي ساندتنا في كل القرارات الدولية المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان في كشمير، ونعتبر ذلك دعما كبيرا لنا، كما أن لها دورا إيجابيا جدا عندما يتعلق الأمر بشكل خاص بسيادة واستقلال ووحدة أراضي أي دولة، وعلى مستوى الأمم المتحدة لا تتردد الكويت في لعب دور إيجابي.

ديوانية في باكستان

أعرب فاروق عن إعجابه بالديوانية في الكويت، ووصفها بأنها شيء مميز جدا، مضيفا أنه زار عددا كبيرا من الديوانيات، وتعرف على ثقافة الكويتيين، فتراهم يجلسون ويتحدثون ويأكلون.

وتابع: «بالنسبة لي، أجدها فرصة للشرح عن بلادي وعن المناطق التي يمكن زيارتها، وأنتظر بشغف حلول رمضان لزيارة الديوانيات»، وكشف أنه يخطط لبناء ديوانية عندما يعود إلى قريته.

رحلة دبلوماسية

قبل وصوله إلى الكويت، عمل السفير مالك فاروق في بولندا سفيرا لبلاده، حيث كان يهتم بدول البلطيق الثلاث، لاتفيا، وليتوانيا، وإستونيا، وقبل ذلك عمل في وزارة الخارجية، وكان المدير العام لأوروبا لمدة ثلاث سنوات، كما عمل في المفوضية الباكستانية العليا بكوالالمبور، وكان نائب المفوض السامي في الدوحة وألمانيا ونيبال.
الكويت أفضل مكان لأي دبلوماسي
قال السفير فاروق: «الكويت أفضل مكان لأي دبلوماسي، فهي نشيطة جدا وحيوية وثمة عدد كبير من البعثات الدبلوماسية، وأعتقد أن أي دبلوماسي يمكنه التواصل مع المجتمع المحلي بكل سهولة»، مضيفا: «أكثر من 5 أشهر مرت منذ وصولي الكويت، وأشعر باستقرار كما لو كنت في بلدي».