صار عادياً تداول قصة كويتي مريض قلب تم تطفيشه من مستشفى حكومي ليحتل سريره مريض آخر غير كويتي، أو أن كويتياً عولج بطريقة غير صحيحة في أحد المستشفيات فأصيب بعاهة دائمة، دون أن يتحمل الطبيب المعالج أو المستشفى أو وزارة الصحة نفسها مسؤولية هذا الخطأ الطبي، الذي لو حدث في أوروبا أو أميركا، لتم تعويضه بالملايين.
هذا الكلام ليس من وحي الخيال ولا فبركة إعلامية، لأنه حصل معي شخصياً في مستشفى مبارك في أغسطس من عام 2018، وتكررت مؤخراً مع آخرين، ويبدو أنها أصبحت «ممارسة» من أطباء غير كويتيين يميزون بين المرضى حسب الهوية، خصوصاً المتقاعدين، الذين ابتدعت لهم الحكومة بطاقة عافية لتحويلهم إلى مستشفيات خاصة لا تملك أجهزة طبية كالتي تتوافر في المستشفيات الحكومية، ولا مخزوناً لمختلف فصائل الدم، فتعتمد على بنك الدم الحكومي لسد النقص.
حقيقة لا ندري ما الذي يدفع بحكومتنا إلى قذف المتقاعدين المرضى إلى مستشفيات خاصة بدلاً من أن تعتني بهم الحكومة نفسها، لامتلاكها أحدث الأجهزة الطبية والعلاجية، وإذا كنا نؤمن بالمساواة في تلقي العلاج، ومراعاة الإنسانية في التعامل، لا أجد مبرراً لمسؤولي وزارة الصحة في غض نظرهم عن ممارسات لا إنسانية ارتكبها بعض الأطباء غير الكويتيين في حق أبناء البلد أمام مرأى من أطباء كويتيين «استشاريين»، وعلى مسمع من الإعلام المحلي.
هذا الوضع يشعرني أحياناً وكأن الكويت لم تعد وطناً للكويتيين بعد أن تكاثرت ممارسات غريبة في مؤسساتنا العلاجية الحكومية يرتكبها أطباء غير كويتيين، وكأنهم صاروا أقلية في وطنهم بسبب التمييز والإقصاء، وإن أبسط ما يمكن أن يحدث لأي مريض كويتي في مستشفى حكومي هو أن يطلب منه مغادرة الغرفة الخاصة والمكوث في جناح عمومي لتلقي العلاج، أو أن يخبره أحد هؤلاء الأطباء أن الحصول على تحويل إلى المستشفى الصدري لإجراء «أي علاج للقلب» يجب أن يتم من مستوصف تابع لمنطقته، لا من المستشفى الحكومي الذي يرقد فيه هذا المريض.
هذا السيناريو حدث بالفعل بعد دخولي للمستشفى بيومين وبعد تشكيل لجنة طبية اتخذت قراراً بتحويلي كمريض بالقلب إلى المستشفى الصدري لإجراء عملية قسطرة، وحدث مع أكثر من مريض كويتي في المستشفى كان يحتاج إلى عملية قلب مفتوح.
ترى كم حالة مشابهة لتلك الحالات التي سمعنا عنها حدثت بالفعل لمرضى كويتيين التزموا الصمت ولم يفصحوا عن معاناتهم مع ممارسات عنصرية من أطباء غير كويتيين، دون علم إدارة المستشفيات الحكومية؟ وما حالات هؤلاء المرضى «اللي على نياتهم» الذين نفذوا تعليمات أطباء عنصريين، وخرجوا من المستشفى الحكومي مجبرين رغم سوء أحوالهم الصحية، أو أخرجوا من غرفة خاصة إلى جناح عمومي؟
يبدو أننا الدولة الوحيدة في العالم التي فيها مستشفيات حكومية مكتملة من حيث كفاءة الكادر الطبي، ومجهزة بأحسن المعدات الطبية المتطورة، وقد تكون الكويت الوحيدة التي تمنح تراخيص لمستشفيات خاصة لا تمتلك استعدادات المستشفيات الحكومية نفسها، ورغم ذلك يمارس بعض الأطباء في الحكومة عنصرية مقيتة مع مرضى كويتيين، آخذين في عين الاعتبار أن الدول العربية، بما فيها الخليجية، لا تعالج المريض الكويتي بالمجان، في حين يعالج الخليجي في المستشفيات الكويتية الحكومية بالمجان.