«ليالي القراءة» تتناول 3 روايات مترجمة لطالب الرفاعي
• ضمن برنامج وزارة الثقافة الفرنسية والمعهد الفرنسي في الكويت
نظمت السفارة الفرنسية والمعهد الفرنسي بالكويت، ضمن برنامج وزارة الثقافة الفرنسية، ندوة نقاشية بعنوان «الخوف في روايات طالب الرفاعي بين الواقع والتخييل»، في إطار «ليالي القراءة» مع الكاتب والروائي طالب الرفاعي، ودكتورة الأدب الفرنسي سناء ساسي، على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي، أمس الأول.
حضر الفعالية السفيرة الفرنسية لدى الكويت كلير لو فليشر، والمستشار الثقافي الفرنسي مدير المعهد الفرنسي بينوا كاتالا، وجمع كبير من المثقفين والمهتمين.
في البداية، رحب كاتالا بالحضور، وشكر الأمين العام لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، عبدالرحمن البابطين، وفريق المكتبة بأكمله، على الترحيب والاستضافة.
وأكد كاتالا أن «ليالي القراءة» فرصة كبيرة للاحتفال بفن الكتابة والمؤلفين، وقال إن الروائي طالب الرفاعي هو الأديب الكويتي الأقرب إلى القراء الفرنسيين، حيث تُرجمت ست من رواياته إلى الفرنسية، وأصبح محل قراءة وبحث على الساحة الثقافية الفرنسية.
لحظات الخوف والفزع
من جانبها، استهلت د. ساسي كلمتها بتوجيه الشكر للرفاعي، لقبوله الدعوة، معلقة: «هذا شرف كبير، وأنا سعيدة جداً». وشكرت المعهد الفرنسي ومكتبة البابطين المركزية.
وذكرت أنها في عرضها المرئي حاولت تلخيص أنواع الخوف التي وجدتها كقارئة في روايات الرفاعي الثلاث: «ظل الشمس»، و«النجدي»، و«في الهنا». وبينت أن كل رواية احتوت على مواضيع مختلفة، كما أن كل رواية تسرد قصة وأطروحة وتناقش مشكلة، ومن خلالها يمكن تحليل نفسية الشخصيات. وتابعت: «الرفاعي جعلنا، كقراء، ندخل في نفسية أبطال قصصه، ونعيش معها لحظات الخوف والفزع، وكل بطل من أبطاله يعيش عدة مشاعر من الممكن أن نلخصها بكلمة خوف».
مشاعر كثيرة
وعرَّفت د. ساسي الخوف بأنه «شعور، لكن عند الرفاعي ليس مجرد شعور مفرد، حيث يتضمن عدة مشاعر. فوجئت بالمشاعر التي يحس بها أبطال الرفاعي من خوف تتراوح درجاته بين الضعف والشدة، حتى في بعض الأحيان ينسى البطل المكان والزمان اللذين يعيش فيهما».
وأوضحت أنها وجدت الكثير من الكلمات المعبِّرة عن الخوف في كتابات الرفاعي، وعرضتها بالعرض المرئي الذي قدمته في المحاضرة، ومن ثم أعطت نماذج للخوف: الخوف من العقاب الجزائي، والخوف من نظرة الآخر، والخوف الباطني.
وذكرت ساسي أن الخوف أدى إلى تداعيات عدوانية، لافتة إلى أن الشخصيات، منها: «كوثر» برواية «في الهنا» عانت خوف اليأس، و»حلمي» في رواية «ظل الشمس» عانى اشتباكاً في الإطار الزمكاني، والهلوسة، وفقدان مفهوم الوقت.
وفنَّدت ساسي الأسباب التي دفعتها لتحليل شخوص الرفاعي: «أنا أحب الأدب، وكنت أود معرفة من هو طالب الرفاعي الذي يتحدث عنه الناس في فرنسا والكويت والعالم العربي بصفة عامة، وفوجئت بأسلوب كتاباته، وكنت طوال الوقت أشعر وكأني أقرأ للروائي الفرنسي ألبير كامو».
غريزة مفيدة
من جانبه، قال الرفاعي: «الخوف غريزة مفيدة لحماية الإنسان، ويشكل هاجساً ملازماً للطبيعة البشرية، طوال حياة الإنسان، وفي مختلف الأوقات».
وأضاف: «يتدرج الخوف من الإحساس بقرب ودنو الخطر الماحق الذي يداهم حياة الإنسان في الحروب والكوارث الطبيعية، إلى الخوف من عناصر البيئة، كالبحر والظلام والرعد والبرق والعواصف والفيضانات، وبعض أنواع الحيوانات، كالثعابين والزواحف، مروراً بالخوف من الممارسات اليومية، كركوب الطائرة، وقيادة السيارة، واستخدام المصاعد، وصولاً إلى الخوف الذي يلازم الإنسان من الأمراض وكل ما ينغص عيشه».
د. سناء ساسي: طوال القراءة كنت أشعر بأنني أقرأ للكاتب الفرنسي ألبير كامو
وتابع الرفاعي: «الخوف واحد من أهم العناصر الفنية التي يمكن أن يُبنى عليها العمل الروائي. فبالإضافة إلى اشتراك كل البشر في الخوف، والتعاطف الذي قد يخلقه مع الشخصية، فيمكن النظر إليه بوصفه أحد أهم الميزات الفنية التي تمنح العمل وتيرة مهمة من الإثارة والتشويق».
وأردف: «في ثلاث من رواياتي المترجمة إلى الفرنسية يختلف حضور الخوف من شخصية إلى أخرى، ووفق لحظة المشهد الذي تمر به. فالخوف الذي يعيشه النوخذة (علي ناصر النجدي)، وهو يصارع العاصفة لينجو بنفسه، هو بالضرورة مختلف عن الخوف الذي يُربك (حلمي المصري) بطل رواية (ظل الشمس) في الكيفية التي يتحتم عليه فيها مواجهة مصيره في البقاء بالكويت، أو الرجوع بالفشل إلى بلده وأسرته. وخوف الشخصيتين، يختلف عن خوف الشابة (كوثر) في إقدامها على الزواج من عشيقها (مشاري) الرجل المتزوج!».
لا تفكير في الخوف
وأكد الرفاعي: «لحظة الكتابة لا أفكر في الخوف كعنصر لبناء العمل القصصي، فالمحرك الأساسي لأي كاتب ينطلق من فكرة القصة أو الرواية، وما يريد الوصول إليه. في جميع أعمالي القصصية والروائية أكون ملماً وعارفاً ببداية الرواية ونهايتها، لكن المغامرة الكبيرة والخوف الأكبر الذي يلازم أي كاتب يكمنان في التفاصيل التي ستملأ الفراغات فيما بين البداية والنهاية!».
وأضاف: «في جميع الأعمال التي كتبت على مسيرة جاوزت الأربعة عقود، أرى أن كل أبطالي محمولون على قلقهم ومخاوفهم، ولا أظن أن جنساً أدبياً يستطيع أن يرصد ويترجم خوف وقلق الإنسان كما جنس الرواية، فهي مرصودة للدخول في لحظات ومشاعر لا يمكن لجنس آخر غيرها الخوض فيه، كما أنه لا شيء يلازم عيش الإنسان كمشاعره بمخاوفه!».