الله يبارك لكم بالتسعة آلاف دينار، التي ستقبضونها كمعاش استثنائي قرر لكم في فترة عملكم كنواب أو وزراء أو أياً كانت مناصبكم الرفيعة في دولة اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب. من حسن حظكم أن قرار مجلس الوزراء بوقف أعمال المادة 80 من «التأمينات» سيكون بأثر فوري لا بأثر رجعي، يعني ببساطة اعتبروا أن التسعة ستدخل جيوبكم في كل الأحوال، لأنه أصبح لكم فيها حق مكتسب، أما الذين سيأتون بعدكم، والله العالم، فلن يكونوا مثلكم من أصحاب حظ «أبوتسعة»، لكن المسألة نسبية فأبواب الخير مفتوحة حسب القرار السامي.
تكبدت الميزانية العامة من هذه المعاشات الاستثنائية أربعة مليارات دينار خلال السنوات العشر الماضية، كما أوضح النائب مهند الساير في لقاء تلفزيوني، هذه البلايين الأربعة خرجت من خرم المادة 80 تأمينات، وعرفت السلطة منذ عام 1992 كيفية استعمالها لكسب قلوب أهل المحبة، حين تنفخ جيوبهم بالمال وبكل مودة.
تخيلوا ماذا يمكن أن تصنع الأربعة مليارات التي أهدرت في السنوات الماضية: تضبيط شوارع مكسرة، مساعدات اجتماعية لعوائل فقيرة، دراسات عميقة لمستقبل البلاد، والشروع في العمل لبحث مداخل رديفة لبئر النفط، حتى عمليات التجميل من سلخ الكروش البارزة إلى تضبيط الأنوف المحدبة والأسنان ذات المسافات الواسعة يمكن عملها لشعب يا رب لا تغير علينا.
لكنها تاهت في جيوبكم العميقة، ومرة ثانية نقول «الله يهنيكم» ولا حسد ولا حاسدون، بس هي مسألة قهر نشعر به لا أكثر على الهدر والصرف وحرق المستقبل، قهر ومرارة أننا ننفخ بقربة مثقوبة، وأن السلطة «تدي الحلق للي مالوش ودان»... وهذا ليس غريباً عليها ولا علينا... فهكذا تسير الأمور منذ عقود... عفرتة تشريعية، مشيني وامشيك، غش في المدارس وغش في العمل وغش من غير نهاية في السياسة... ليتكم تقلقون كما نقلق على الغد... غير هذا لا نطلب شيئاً.