من صيد الخاطر: «دينار جحا المزيف»
اعتاد جحا ارتياد أرض يرعاها ويحتطب منها، وحصل في أحد الأيام أنه حفر الأرض بفأسه، فضربت بشيء صلب، وإذا هو بدينار، فرح جحا بهذا الدينار الذي جاء في وقته، لكنه عند مسحه من الصدأ اكتشف أنه دينار مزيف.
أراد جحا أن يرمي بذلك الدينار، لكنه تراجع، فقد سولت له نفسه الأمّارة بالسوء بأمر، وقال محدثا نفسه: لماذا أرميه وأنا بإمكاني أن أخدع به الباعة كما خُدعت أنا بذلك الدينار فأشتري به حاجة تنفعني. توجه جحا إلى السوق يريد شراء بطة، فأعطى البائع ديناره من دون أن ينتبه البائع أنه مزيف، وأخذ جحا بطته وهو فرح ومضى في حال سبيله، أما بائع البطة فأراد هو الآخر شراء دقيق لمنزله، فتوجه الى بائع الدقيق واشترى منه كيساً مقابل دينار جحا، وبائع الدقيق بدوره أخذ دينار جحا دون أن يعلم بزيفه وتوجه به الى بائع الأوعية واشترى به كأسا بدلا عن كأسه المخرومة، أما بائع الأوعية وكغيره فقد أراد أن يشتري بذلك الدينار حطباً لبيته.
أرسل بائع الأوعية الى جحا طالبا منه حطبا وأنقده ديناره، وجحا لا يعلم أن ديناره المزيف قد عاد إليه، فرح جحا بتلك الصفقة وقبض ديناره، ثم ذهب من فوره وهو يتهادى فرحا إلى بائع العمامات لشراء عمامة «يكشخ» بها ودفع له ذلك الدينار، إلا أن البائع الفطن اكتشف أن دينار جحا مزيف، فرده إليه واسترجع عمامته.
أما جناب جحا، شريف روما، صاحب الدينار المزيف فقد غضب غضبة مضرية، فتوجه الى القاضي شاكيا بائع الأوعية الذي أعطاه الدينار، استدعى القاضي بائع الأوعية ليحقق معه، إلا أن البائع قال للقاضي: لقد دفعه لي بائع الدقيق، ولما استُدعي بائع الدقيق، قال هو الآخر للقاضي: لقد دفعه لي بائع البط، ولما استُدعي بائع البط، التفت الى جحا وقال للقاضي: إنه دينار جحا الذي أعطاني إياه، غضب القاضي وعاقب جحا بما استحقه.
وهكذا دارت الدوائر على جحا، وحتما ستدور على كل مزيف ومزوّر وفاسد.
ملحوظة: منقولة من التراث بتصرف.