المطلوب لحل الأزمة خرق جدار المألوف
واقعنا غير العادي في تعقيداته والبعيد عن البيئة التي تحتضن مقومات سرعة الإصلاح والتغيير يحتاج إلى حلول راديكالية ثورية تتجاوز وتقتلع المسلمات وكل مألوف، فمثلا ظاهرة تسريب الامتحانات وظاهرة استمرار تطاير الحصى والحُفَر في الشوارع والتي تسببت في الحوادث المميتة وتكسير الزجاج والمركبات، وظاهرة استمرار وفيات حوادث المرور لتصل في السنة الماضية إلى 460 وفاة... هذه العينة المختارة من الأزمات غير قابلة للحل، حتى أنك تجد قضية إصلاح الشوارع يقف خلفها كما أعلنت وزارة الأشغال «طول الدورة المستندية»، وأما تسرب الامتحانات فلا أظن لها تفسيراً طالما أن الوزارة هي من تضعها بسرية لكل المدارس في الكويت، وعلى الرغم من اتخاذها التدابير الصارمة في عمليات نقل الاختبارات وتوقيتها وتخزينها فإنها تسربت ووصلت إلى 400 ألف طالب.
أنا أرى حل مشكلة الشوارع يكمن في تحويل الشوارع السريعة إلى نظام الـ«بي أو تي» بحيث تقوم الهيئة العامة للطرق والنقل البري كجهة مسؤولة عن هذه الشوارع بالتعاقد مع شركات لصيانة وبناء الطرق بالمزايدة بعد أن وضع الشروط والمواصفات الفنية وأكواد السلامة المتعلقة بالإنارة والخطوط، فتكون كبعض الطرق في دبي يكون اجتيازها ببطاقة يشتريها السائق، وهذا يقضي على الدورة المستندية وكل وجوه الإهمال وتضارب الاختصاصات.
وأما مشكلة التعليم وتسريب الامتحانات بل أزمة التعليم ككل وضعف مخرجاته فيمكن حلها بخصخصة التعليم وتغطية الحكومة للرسوم بما لا يقل لكل طالب عن 3500 دينار كويتي بعد وضع الاشتراطات والمقاييس الدولية، واحتذاء النماذج المثالية، كالنموذج الفنلندي وفرض العقوبات على المدرسة التي لا تحقق المطلوب أو تقوم بأي شكل من أشكال التزوير والمساعدة في الغش.
وأما مشكلة المرور والحوادث المميتة وغير المميتة فتُحل بخصخصة إدارة المرور بعد أن تقوم وزارة الداخلية بوضع السياسات والاشتراطات والاستهدافات المحددة بحيث تنخفض حوادث المرور 80% خلال سنتين وصولا للصفر بعد ذلك.
لقد وصلنا إلى اليقين بعدم قدرة الحكومة، وهذا كما قلنا أمر طبيعي لفشل كل الدول التي تدير القطاع الإنتاجي إلا بعض الدول التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة مع صرامة الضبط والحزم الذي نفتقده نحن في ظل غياب معايير الكفاءة للعاملين، وتسعير الشهادات وتخمة البطالة المقنعة والوساطات والمناصب البراشوتية والاعتماد على العمالة الأجنبية التي تأتي من دول ينخرها الفشل والعشوائية.
قس على ذلك حل التركيبة السكانية بمنع بيع السلع المقلدة، وتلك التي تفتقد مواصفات الأمان والجودة المعتمدة دولياً، فتغلق كل المحال التي تغص بالعمالة التي تملأ الأسواق، إضافة إلى فرض شروط الأمان الصحي والجودة على المطاعم ومحال وشركات بيع المواد الغذائية، وأقوى فكرة في تقليل العمالة تمثلها فكرة إنشاء شركات ضخمة لجلب العمالة المحترفة بأسعار معقولة في الصيانة بمختلف أشكالها الكهربائية والإنشائية والصحية (السمكرة) وغيرها كما اقترحها الأستاذ منصور المحارب، وكذلك فرض التكويت بنسبة معينة وقوائم من الوظائف لا يشغلها غير المواطن تأخذ في الزيادة بالتدريج وربطها بصرف دعم العمالة، بحيث يندفع الشباب للالتحاق بالقطاع الخاص في ظل انعدام الوظائف الحكومية بعد خصخصة معظم القطاع الإنتاجي كما طرحناه في مقالات سابقة.
هذه المقترحات المستحقة قطرة في بحر الأفكار غير العادية التي تتطلب عقليات متحررة من سطوة المألوف وتسرح في فضاءات الإبداع.