غداة تلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكبر دعم عسكري من حلفائه الغربيين، بقيادة الولايات المتحدة وألمانيا، حذر وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتو أمس من أن «الصراع مع روسيا بدأ يكتسب دلالات مقلقة بشكل متزايد، وتلاشت فيه احتمالات السلام»، مؤكداً أن الرئيس فلاديمير «بوتين على وشك شن الهجوم النهائي على أوكرانيا».
وتذكر تصريحات كروزيتو، لصحيفة «لا ستامبا» الإيطالية، بعبارة «الحل النهائي»، التي استخدمها النظام النازي الألماني للإشارة إلى خطته لإبادة اليهود، بعد أن تعذر طردهم من القارة الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية.
وقال الوزير الإيطالي، في المقابلة، «أرى أن احتمال سلام حقيقي ليس مجرد واجهة تتلاشى بل على العكس يحفر أخاديد الكراهية التي تخلق ظواهر من التسمم الإعلامي والدبلوماسي، وبوتين على وشك شن الهجوم النهائي، ويتعين إيقافه وإجباره على التفاوض»، مضيفاً أن كييف تعتقد أن «الدبابات يمكن أن تغير مجرى الحرب، أما نحن فسنوفر أنظمة للدفاع الجوي من الصواريخ وليس مدافع ميدانية».
إلى ذلك، وصف المتحدث باسم الكرملين دميتري باسكوف تعهد الغرب بتزويد كييف بالدبابات بأنه «تورط أميركي وأوروبي مباشر ومتزايد في الصراع»، مشدداً على أن الأحداث الجارية تجاوزت بالفعل الصراع العسكري المعتاد، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن تغيير وضع العملية بأوكرانيا بسبب الدبابات الأميركية والألمانية غير مطروح على جدول الأعمال، في إشارة الى احتمال إعلان الحرب.
أما سكرتير مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف، الذي يوصف بأنه أحد الصقور القوميين المتشددين في إدارة بوتين، فقد أكد أن «مسار تنفيذ العملية بأوكرانيا أظهر أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أصبحا شريكين في هذا النزاع، وعقدا العزم على إطالة أمده»، لافتاً إلى أن الغرب سيواصل المواجهة مع روسيا حتى إذا انتهت المعارك في أوكرانيا.
ميدانياً، شنت روسيا أمس، هجوماً صاروخياً على كييف ومدن أوكرانية أخرى، تزامناً مع قيام 24 مسيرة إيرانية الصنع بمهاجمة العاصمة من بحر آزوف.
وقال الناطق باسم الجيش الأوكراني يوري إيغنات: «أقلعت ست قاذفات تو 95 من منطقة مورمانسك (الروسية)، وأطلقت أكثر من 55 صاروخاً على مناطق مختلفة أسقطت أنظمة الدفاع، التي أمر حكام المناطق بتشغيلها، 47 منها».
في وقت سابق، ذكر سلاح الجو، في بيان، «استخدم العدو 24 طائرة مسيرة من طراز شاهد (إيرانية الصنع) من الساحل الشرقي لبحر آزوف، في استهداف وسط أوكرانيا والعاصمة كييف ودُمّرت جميعها».
وفي إطار المناورة المشتركة، التي بدأت في 16 يناير وتنتهي أول فبراير، تقوم روسيا وبيلاروس، بالتدريب على إعادة نشر سلاح الطيران في المطارات العملياتية بالدولتين.
زيلينسكي وبوتين
ومع تلقيه أكبر دعم عسكري من حلفائه الغربيين، بقيادة مستشار ألمانيا أولاف شولتس، والرئيس الأميركي جو بايدن، ألقى زيلينسكي قفاز التحدي في وجه بوتين، وتمسك برفضه التفاوض معه، قبل انسحابه واعترافه بخطئه ورحيل حكومته، ووصف نظيره الروسي بأنه «لا أحد»، وأنه «غير مهتم» بلقائه لإجراء محادثات سلام، بهدف إنهاء الحرب التي دخلت عامها الثاني قبل يومين.
وقال الرئيس الأوكراني، في مقابلة مع شبكة سكاي نيوز البريطانية، بثت أمس، «رأيت رجلاً يقول شيئاً ثم يفعل شيئاً آخر إنه لا يريد إجراء محادثات، وكان هذا هو الحال حتى قبل الغزو»، محذراً من أن أوكرانيا ليست سوى الخطوة الأولى لبوتين، وجدد رفضه الحوار مع روسيا إلا إذا سحبت جنودها، واعترفت بخطئها، وتم تشكيل حكومة جديدة فيها.
وأكد زيلينسكي، الذي حظر بالفعل المفاوضات مع بوتين بمرسوم وقعه في نهاية سبتمبر 2022، أن ضحايا الروس أكبر بكثير من الجانب الأوكراني، قائلاً: «في الشرق، يخسرون عدداً هائلاً وكبيراً، لكنهم لا يهتمون. إنهم لا يحسبون الناس، هذه حقيقة. نحن نحسب أناسهم»، وشكر «جميع حلفائه لمنحه دبابات حديثة لا غنى عنها»، مشدداً على أن العامل الحاسم في هذا الأمر هو الكمية والإطار الزمني لتسليمها.
في المقابل، قال المتحدث باسم الكرملين، أمس، إن زيلينسكي لم يعد منذ فترة طويلة شريكاً محتملاً للقاء بوتين، لأنه لم يف بالتزاماته بموجب اتفاقيات مينسك وكان يعد العدة للحرب.
وأضاف بيسكوف: «كلنا نذكر وعوداً قطعها زيلينسكي على نفسه عند انتخابه ليس من الصعب تذكرها بأنفسنا وتذكير أولئك ممن صوتوا له في أوكرانيا، ولكنه لم يحل مشكلة دونباس ولم ينفذ اتفاقات مينسك، وتبين لاحقاً أنه لم يكن ينوي القيام بذلك بتاتاً، بل استعد للحرب، لذلك يجدر القول إنه لم يعد منذ فترة طويلة شريكاً محتملاً للقاء الرئيس بوتين».
دبابات وطائرات
وحدد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أمس، موعد تسليم أوكرانيا الدبابات بين «أواخر مارس ومطلع أبريل»، وأوضح بيستوريوس، خلال زيارة لقوات سلاح الجو الألماني في ساكسونيا، أن تدريب القوات الأوكرانية على التعامل مع مدرعات خفيفة من طراز ماردر سيبدأ «بحلول نهاية يناير» في ألمانيا، يتبعه تدريب على دبابات ليوبارد «بعد ذلك بقليل».
وفي تطور مواز، أعلنت شركة لوكهيد مارتن استعدادها لتلبية الطلب على طائراتها «F 16»، وكشف كبير مسؤولي العمليات في «لوكهيد مارتن» فرانك سانت جون، لصحيفة فايننشال تايمز، عن «محادثات حول نقل طرف ثالث لطائرات F 16 لأوكرانيا» للدفاع عن مجالها الجوي، مؤكدا أن شركته ستزيد إنتاج F 16 لمساعدة أي دولة تختار القيام بنقلها لكييف للمساعدة في الصراع الحالي.