«الإيكونوميست»: السياسة المختلة تعوق ازدهار الكويت
•خطة شعبوية للبرلمان بشراء الحكومة قروضاً استهلاكية للمواطنين تقدر بمليارات الدنانير
•السياسات غير الفعالة والقصيرة النظر اقتصادياً تدفع البلاد نحو التراجع
• في وقت تحاول دول الخليج إغراء المستثمرين الأجانب وتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط... تخلت الكويت عن خطط تنمية قطاعها الخاص
أرسلت وزارة المالية الكويتية في أكتوبر الماضي رسالة شديدة اللهجة إلى الحكومة، مفادها بأنه لا مجال للإنفاق المالي «العبثي». نعم، كانت أسعار النفط مرتفعة وتقلص العجز، لكن هذا كان وقت الانضباط المالي. ومع ذلك، بعد بضعة أسابيع، قدم المشرعون مشروع قانون من شأنه أن يجبر الدولة على دفع ثمن السيارات الجديدة أو السفر أو أي شيء آخر قد يشتريه المواطنون عن طريق الاقتراض.
وبحسب «الإيكونوميست» وبموجب الاقتراح المقدم ستشتري الحكومة قروضاً استهلاكية بمليارات الدنانير، وستشطب الفائدة وتقوم بجدولة سداد رأس المال على مدى فترة طويلة، مع اقتطاع أقساط شهرية من بدل غلاء المعيشة المدفوع للمواطنين، «في الواقع ستقوم الدولة بسداد الديون الشخصية».
الكويت لديها الآن أعلى معدل بطالة بين الشباب في الخليج
أثار الاقتراح ضجة في البرلمان الكويتي الذي يتمتع بقوة حقيقية على عكس دول الخليج الأخرى، حيث انسحب الوزراء من جلسة في وقت سابق من هذا الشهر احتجاجاً على ذلك، وفي 23 يناير، استقال مجلس الوزراء، بسبب صراع على السلطة مع البرلمان، في المرة الخامسة التي تستقيل فيها الحكومة الكويتية منذ ديسمبر 2020.
يقول المؤيدون، إن ذلك سيساعد العائلات المتعثرة، في حين يرى المنتقدون أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تفجير المالية العامة. ويقدر البنك المركزي أن أكثر من 500 ألف كويتي لديهم قروض مؤهلة بقيمة 14 مليار دينار (46 مليار دولار)، ما يمثل 60 في المئة من الإيرادات المتوقعة في ميزانية هذا العام. فيما يزعم أعضاء البرلمان أن الخطة ستكلف أقل بكثير.
المواطنون يتذمرون من كل شيء بدءاً من الشوارع المليئة بالحفر وصولاً إلى الحالة السيئة للتعليم والصحة
يجب أن تكون هذه أوقات ازدهار للكويت، حيث إنها عاشر أكبر منتج للنفط في العالم، وتضخ حوالي 2.8 مليون برميل في اليوم، وهي دولة صغيرة لا يزيد عدد سكانها على 4 ملايين نسمة، أقل من نصفهم من المواطنين، غير أن السياسات غير الفعالة والقصيرة النظر اقتصادياً تدفع البلاد نحو التراجع.
ويقول صندوق النقد الدولي، إن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 8.7 في المئة العام الماضي. ويعتبر صندوق الثروة السيادي الكويتي من أكبر الصناديق في العالم، ونسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغ 7 في المئة من بين الأصغر في العالم.
لكن السياسة «المختلة» تعمل على إعاقتها، كما فعلت منذ فترة طويلة. حينما حقق الإسلاميون المحافظون أداءً جيداً في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي، ووقع نحو ثلث النواب المنتخبين حديثاً على تعهد يدعو إلى الفصل بين الجنسين في المدارس وقيود أخرى. كما حاول النواب «المتشددون» العام الماضي حظر سباق ماراثون سنوي، لأنه يتضمن عروضاً موسيقية ورجالاً ونساء يركضون معاً.
500 ألف مواطن عليهم قروض بنحو 14 مليار دينار بما يمثل 60% من الإيرادات المتوقعة في ميزانية هذا العام
إلى جانب السياسة المحافظة، البرلمان لديه خط شعبوي، وبينما تحاول دول الخليج الأخرى تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط وإغراء المستثمرين الأجانب، تخلت الكويت عن خطط لتنمية قطاعها الخاص.
سياسة الحكومة أفضل قليلاً مقارنة، فمع فترة بداية تفشي الوباء، التي شهدت مخاوف بشأن الأمن الغذائي، لاسيما أن 90 في المئة من المواد الغذائية الكويتية مستوردة، فرضت الحكومة قيوداً على الأسعار، الأمر الذي جعلها تقف في مكانها فترة طويلة حتى اتضح أن الواردات لم تتأثر، ومع رفع تلك الضوابط، ارتفعت الأسعار، مما أدى إلى واحدة من أعلى معدلات التضخم في الخليج العام الماضي.
الكويت لديها الآن أعلى معدل بطالة بين الشباب في الخليج، حيث تجد واحداً على الأقل يعمل من بين ستة عاطلين عن العمل. في الوقت نفسه يتذمر المواطنون من كل شيء بدءاً من الشوارع المليئة بالحفر، وصولاً إلى الحالة السيئة للتعليم العام والرعاية الصحية.
ربما ينبغي على الكويتيين أن يستخدموا قروضهم في إصلاح شوارعهم ومدارسهم: فإذا فعلوا ذلك فقد تدفع عنهم الدولة!