في الصميم: «ما لكم غير الحصّاية»
قال مذيع برامج في إحدى المحطات التلفزيونية ما معناه: «إذا أردت أن تعرف أين وصل الفساد واستفحل في بلد ما، فانظر الى شوارعها، فتهالكها وإهمالها يدلان على مستوى الفساد فيها».
فنظرت إلى شوارعنا المدمرة تحت سمع وبصر حكومات ومجالس أمة متعاقبة لم يقم أي منها بأي مجهود يذكر ضد ذلك الفساد، كفرض غرامات مشددة ومعاقبة المقاولين الذين عاثوا فسادا في شوارعنا، ومع هذا لم يتجرأ أحد من هذه المجالس حتى على إجبارهم على إصلاح ما أفسدوه، بل على العكس من ذلك تماما فقد كان هناك تواطؤ بيّن ورفض من «النوائب» لأي إجراء ضد المقاولين مما يثير الريبة، وضح ذلك خلال استجواب الوزيرة السابقة جنان بوشهري، وأكمل المشهد المخزي الحكومة السابقة بتخليها عنها.
تفتقت أذهان إخوان لنا في قروب مجموعة متقاعدي نفط الكويت، فاقترح أخونا بو ضيدان أن نفكر خارج الصندوق لإيجاد حل سريع ومؤقت نصلح فيه شوارعنا، فبادر أخونا بو يوسف بمقترح تشكيل حملة شعبية لردم الحفر خصوصاً في الشوارع الداخلية، كل يردم أمام بيته، وما علينا إلا شراء أكياس إسمنت وخلطها مع الرمل والحصى «المتكوّد»، أي المتراكم، أما بيوتنا، على أن نستعين بمهندس طرق «كويتي» حتى ينصحنا بنسب الخلط المناسبة.
بعض الجمعيات التعاونية اقترحت اقتطاع أرباحها لتمويل إصلاح طرقات مناطقها الداخلية، ولكن تبقى مشكلة رئيسة وهي يجب التأكد من أن خلطات الإسمنت حسب المواصفات العالمية لا حسب مقاولي الكويت.
نقول: بما أنه لا الحكومة ولا مجلس النوائب قادران على حل معضلة غش المقاولين وإجبارهم على إصلاح ما أفسدوه، وبما أن شوارع الكويت وطرقاتها تحولت إلى مجرد تراب و«حصم» وكأنها لم تبلط من قبل، فما لكم غير «الحصّاية»، وهم جامعو الحصى، الذين شطّبوا على حصم «الكويت»، ومعهم سرّاق رمل الكويت الهاربون بمئات الملايين، فيقومون بمواصلة ما تعودوا عليه، ولكن هذه المرة بصفة قانونية، أي تحت حماية الحكومة ليجمعوا لهم ثروة أخرى، من كرف الرمال والحصى من شوارعنا وطرقاتنا، ويفكّونا من غبار شوارعنا وتطاير حصاها.