رحلت الحكومة على عجل، فهي لم تكمل إلا 28 يوماً منذ مرسوم تشكيلها، فكان شهرها ناقصاً وقمرها محجوباً وراء غيوم الجلسات العاصفة وضباب تخبطها، وبقي مجلس إصلاح المسار متعثراً في رمال أرض التشريع، حيث ثقبت عجلة إنجازه وخرج هواء الاقتراحات والعنتريات منها لتضيع وعود الخروج من أرض التيه والدخول برجل تنميتنا اليمين إلى طرق الحرير والعسل والمنّ والسلوى.
ونام الشعب على عجالة منهكاً بمعيشته ومخاوفه حتى يوقظه ورود خبر عاجل يمنيه بأحلام وأمنيات أخرى، ثم يعود إلى نومه مرة أخرى، وصارت مصلحة البلاد كقميص عثمان يلوكها لسان كل طامح ومخادع ومتمصلح، منصوبة على المنابر كعجل بني إسرائيل له خوار، أمنيات نسمعها في كل انتخابات وكل وعود إنجاز وكل جلسة موعودة، عجل مأفون لمصالح سياسية وانتخابية أضلنا، ويراد لنا أن نطوف حول جسد خداعه، ونهلل بجنون دون عقل أو منطق أو حتى قليل من الفهم الواجب الذي يحتاجه واقعنا ومستقبل أجيالنا!!
ويبقى الوطن هو البريء القابع وحيداً خلف قبضان قفص الاتهام، تدينه دون ذنب له شوارع متهالكة، وتعليم رديء وصحة مريضة وتنمية متأخرة، تخنق سحب دخان صراعات أبنائه وهواجس مستقبل أولاده رئة دستوره، وتلطخ بسواد نواياها بياض ثوب سمعته بين العالمين، وطن يقبع وحيداً هناك كذئب تاريخ مجيد لم يهرول يوماً عبثاً داخل أسواره أو خارجها، وصمد طويلا أمام العواصف الإقليمية والعالمية حتى اليوم، وطن متهم بلا ذنب جناه وبريء رغم أنف كل دم كذب لطخت بها المصالح المتصارعة قميص تاريخه، وسيبقى دوما وطن سلم للمجد وعلى جبينه طالع السعد لو سلم من طعنات كل بروتوس مصالح تربى في حجره، وسلم من قلة فهم وصراعات أولاده في مجالس الدستور الديموقراطية ومواقع الإنترنت الدوغمائية وخلايا الدماغ الشعبية!!!
وسيبقى الوضع على ما هو عليه حتى نفرق كمجتمع واعٍ بين من يريد إصلاح مسار الوطن، ومن يريد أن يجعل الوطنية والدستور والمصلحة الشعبية مسمار جحا، يدقه في جدران أحلامنا وتطلعاتنا، ليزور كما يشاء مصالحه وطموحاته الشخصية ومعاركه الخاصة.